إنسانة بسيطة أحبت شابا بسيطا مثلها، وتقدمت إلي أهلها وطلب منهم الزواج، وارتبطا منذ أربع سنوات، كانت حياتهما مستقرة منذ زواجهما، كانت زوجة صالحة تقوم بأعمال المنزل باعتبارها لا تعمل، أما زوجها فكان يعمل عاملا بسيطا، رضيا بعيشتهما معا بحلوها ومرها. وكأي زوجين يحلمان بإنجاب طفل يكون لهما سندا وعونا في الحياة يتعكزان عليه في الكبر، حلم هذان الزوجان بعد الزواج بالإنجاب وظلا ينتظران مشيئة الله، وبعد مرور زواجهما بحوالي 6 أشهر بدأت رحلتهما مع الأطباء وإجراء التحاليل للاطمئنان علي إمكان الحمل. وبالفعل أجرت الزوجة بعض التحاليل الطبية، وكذلك زوجها واطمأنا من النتيجة وتأكدا أنه ليس لديهما أي موانع للإنجاب لكن أمر الله لم يحن بعد. رضي الزوجان بنصيبهما في الحياة، ومضت الأيام والسنون وبعد مرور أربع سنوات من الزواج ضحكت لهم الأيام، عزفت والبهجة والفرحة في ألحانهما في قلبي الزوجين البسيطين عندما علما أن القدر شاء وحملت الزوجة بعد سنوات طويلة من الصبر، بل وداعبهما الشوق والحنين لرؤية طفلهما الأول الذي طال انتظاره حملت الزوجة ومضت خلال فترة حملها أسعد تسعة أشهر في حياتها، ظلت خلال تشتري ملابس طفلها الجديد، وتحلم برؤيته كل يوم، وظلت تشارك زوجها اختيار اسم جميل له، ودعت الله كثيرا أن يتم حملها علي خير كي تنعم برؤية مولدها الجديد وتحتضنه بين حنايا صدرها. مرت الأيام والشهور وأنجبت الزوجة مولودها الجديد، الذي جاء للدنيا بعد انتظار طال أربع سنوات، ولم تصدق نفسها عندما احتضنت مولودها وأنها بالفعل أصبحت أما بعد تلك السنوات الجافية، إلي أن أظلت عليها غمامة في سماء بيتها عكرت صفو الود والمحبة بين زوجها وفرحتهما بالمولود الجديد. وليس غريباً أن يحدث هذا الجفاء الذي أي إلي نشوب الخلاف بين الزوجين بعد أن اعتاد الزوج كثرة الشكوي من بكاء ابنه الرضيع ذي الستة أشهر، فالأب لم يعد يتحمل بكاء وصرخات طفله الرضيع، واعتاد ترك المنزل مرات عديدة بحجة عدم قدرته علي الراحة داخل منزله بسبب مولوده الجديد. لم تعبأ الزوجة البسيطة بتلك المشاكل التي اختلقها لها زوجها واكتفت بفرحتها بمولودها الجديد، التي كانت تسعد بالنظر إليه وبابتسامته عندما كانت تدلله بين يديها، إلا أن القدر صفعها علي وجهها صفعة لم تكن تتوقعها وكان الأيام استكثرت عليها فرحتها بمولدها وقررت أن تسرق منها تلك الفرحة ولم تمهلها السعادة بها طويلا. ذات يوم عندما كانت الزوجة مشغولة في إعداد الطهي وتنظيف المنزل، كان زوجها نائما بجوار مولودهما الجديد، فاستيقظ المولود باكيا كأي طفل رضيع اعتاد علي البكاء الدائم، إلا أن الأب كان ليس كأي أب حنون يحضن ابنه ويدلله حتي يكف عن بكائه وتأخذه أمه كي ترضعه حتي ينام مرة أخري. قام هذا الأب الذي تجرد من مشاعر الحنان والرحمة تجاه ابن عمره الذي انتظره لسنوات، وانها عليه ضربا كي يكف عن البكاء، ولأنه طفل لا حول له ولا قوة زاد في بكائه من شدة ضرب ابيه وصل إلي حد الصراخ، فاشتاط غضب الأب الجاحد وجن جنونه فدون أن يدري ماذا يفعل توجه إلي دولاب ملابسه وقام بأخذ حزام البنطلون وانهال به ضربا علي طفله الرضيع في جميع أجزاء جسمه حتي يسكت ويكف عن بكائه، فسكت الطفل بالفعل، ولكن صوته هذه المرة لم يعد أبدا، حيث صمت صمتا أبدا، فقد فارق الحياة من شدة الضرب الوحشي لأبيه الذي فقد عقله حينها هرعت الزوجة في غرفة النوم لكنها جاءت متأخرة ، فصعقت من هول المشهد عندما كان زوجها ممسكا بحزامه وينهال علي طفلهما ضربا فقاومت زوجها وأبعدته عن طفلها وأخذته بين أحضانها إلا أنه قد فارق الحياة. ظلت الأم تخاطب نفسها كالمجنونة تردد»ابني مات .. ابني مات» جرت تستغيث بالجيران وتقع علي الأرض وتنهض بصرخة أم مكلومة غير مستوعبة هول مشهد ابنها ذي الستة أشهر والتي حلمت بمجيئه وعانت لسنوات عند الأطباء حتي من الله عليها برؤيته، كي يقتله والده ضربا لمجرد انه بكي كأي طفل رضيع. استجمعت الزوجة قواها البدنية والعقلية، وقررت أن تتوجه إلي قسم الشرطة التابع لسكنها بمحافظة الإسكندرية، وحررت محضرا لزوجها وروت فيه تفاصيل الواقعة، وتم إلقاء القبض علي الزوج، وقامت النيابة بالتحقيق في تلك الواقعة وأمرت بحبسه أربعة أيام علي ذمة التحقيقات.