تعالت الأصوات في الآونة الأخيرة مطالبة الجامعة العربية بتحويل الملف السوري الي مجلس الأمن الدولي لاتخاذ تدابير سياسية واقتصادية حيال نظام بشار الأسد المتهم بقتل المتظاهرين العزل, لكن قبل استباق الخطوة الدولية, ذهبت الجامعة بفريق لها لتقصي الحقائق علي أرض الواقع, ورجع بتقرير يرجح كفة النظام ويبرئه من كثير مما يقال. وبين تقرير اللجنة وقرار الجامعة.. مواقف دول متباينه وأخري متشابكة حول فرض عقوبات علي سوريا.. كان أول الرافضين هو لبنان.. وجاء علي لسان عدنان منصور وزير الخارجية أن بلاده تنأي بنفسها عن قرارت الجامعة.. الأهرام التقت الوزير في لبنان وأجرت معه حوارا كاملا حول الأزمة السورية و هذا نصه. لاتزال الأزمة السورية هي التي تتصدر المشهد العربي مع الأخذ في الاعتبار أن لبنان هو البلد الذي يتحفظ علي القرارات التي تتخذها الجامعة العربية.. ما تفسير ذلك ؟! { إن ما يجري في سوريا لا يقلق الشعب السوري وحده, وانما العالم العربي بأكمله, نظرا للدور السوري في قلب المنطقة, فهذا البلد له موقع سياسي واستراتيجي وجغرافي مميز, ولبنان منذ اللحظة الأولي قال إنه لا يتدخل في شأن أي دولة عربية لأن هذا يعود الي سيادة كل دولة, فضلا عن أننا منذ الاستقلال عام1943 وحتي اليوم لم يسبق أن كنا طرفا مع دولة عربية ضد أخري, لهذا السبب كانت للبنان علاقاته الأخوية مع جميع الدول العربية بدون استثناء. وبالرغم من أن لبنان وسوريا يعيشان في نظامين سياسيين مختلفين, فنحن بلد نظامه السياسي قائم علي التوافق الطائفي والحكم للبرلمان أما سوريا فالنظام علماني والحكم رئاسي, وبالرغم من الإختلاف في التركيبة السياسية إلا أن ما يجمع سوريا ولبنان قاسم مشترك هو الامن والاستقرار, لذا فإن أي شيء يضر بأمن سوريا سينعكس سلبا علينا والعكس صحيح ومن هنا نحن حريصون ومعنيون بشكل مباشر وغير مباشر باستقرار سوريا وأمنها. ولهذا فأنني دائما أقول إن ما يجري الآن علي الساحة السورية يحتاج منا جميعا العمل من أجل وأد الفتنة ومساعدة سوريا علي الخروج من أزمتها عن طريق الحوار البناء والإصلاحات, لأن الاستقرار والأمن يعنينا بالدرجة الأولي. هل هناك تخوف علي مسيحيي لبنان اذا سقط النظام في سوريا ؟ { لاشك أن المسيحيين متخوفون من أي نظام قد يشكل تهديدا علي استقرارهم وسيادتهم وهذا القلق يساورهم, ولكن لا أتصور أن هناك من يبيت لهم الشر أو ما لا يريدونه, لكن السؤال هومن يريد إسقاط النظام في سوريا؟ وهذا بيت القصيد, المسألة لها أبعاد سياسية أعمق بكثير من ذلك, فنظرا لما تمثله سوريا من موقع وأهمية وتاريخ نضال طويل وتحملها للقضية المركزية وهي القضية الفلسطينية, بالإضافة الي الحروب التي خاضتها ضد اسرائيل وممانعتها الدخول في الحلول التي كانت تأتي علي حساب الشعب الفلسطيني وقضيته وعلي حساب أرض سوريا المحتله, فكانت علامة رفض للحلول التي تأتي من الخارج, لذا كان لابد من تصفية الحساب مع سوريا علهم بالنسبة لهؤلاء- في حال ما اذا تغير النظام- يستطيعون أن يسيروا في المنطقة بالحل الذي يريدونه. ما هي المعطيات التي قد تؤثر علي استقرار لبنان في حال سقط النظام السوري؟! { لا أتخوف من سقوط النظام في سوريا من الأساس فهو قوي ويستند إلي قاعدة شعبية عريضة وإلي مؤسسة وطنية عريقة, لكن أقول إن أي دولة في المنطقة- لاقدر الله إذا ما اهتز استقرارها, سيكون لذلك تداعياته السلبية علي الدولة المجاورة, ولبنان مرتبط جغرافيا واجتماعيا واقتصاديا بسوريا, وأبسط مثال تأثر السياحة بنسبة كبيرة بالأوضاع التي شهدتها سوريا. كيف تقيم الموقف العربي في مساندة لبنان لقراره داخل الجامعة العربية ؟ { مواقف بعض الدول العربية أخذت بناء علي موقف الجامعة العربية, والتي باتت معروفة للجميع, لذا فلبنان نأي بنفسه عن القرارات. يتساءل الكثيرون في لبنان عن التفسير السياسي حول النأي بالنفس.. فماذا تقصدون؟ { أي أن لبنان لا يقحم نفسه في القرارت ونبتعد عنها نظرا للخصوصية التي تربط لبنان بسوريا وهذا موقف تتخذه أكثر من دولة عربية مثل العراق والأردن الذين أعربوا أيضا عن وجود خصوصية مع سوريا. في ظل الحديث عن تدويل الأزمة السورية.. كيف تقيم الأوضاع السياسية في ظل إدانة عربية قوية لما يحدث الآن ؟ { اتصور أن الأزمة السورية تتعدي خطوطها الجغرافية, فتؤثر علي أصحاب المصالح في الخارج, ولكن سوريا ستخرج معافاة علي اعتبار أن في نهاية الأمر ما يحدث هو مسألة داخلية, فهناك مطالب شعبية تتجاوب معها الحكومة, وأعتقد حينئذ أن فتيل الأزمة سوف ينزع. برأيك من الذي يقتل ويزهق أرواح العشرات من الشعب السوري كل يوم؟! { تقرير لجنة المراقبين العرب يشير الي عناصر مسلحة, مندسه وسط الناس هي التي تقتل وتخرب, وأذكر علي سبيل المثال الجزم المبدئي بأن النظام السوري هو من قتل الصحفي الفرنسي استباقا لعمل المراقبين وبعد أن تحري الفريق الدقة في المراقبة والتحقيق تبين أن النظام ليس له أي صلة في مقتله. كيف تقيم قرار الجامعة العربية الأخير حيال سوريا ؟ { عندما دعينا لاجتماع وزراء الخارجية العرب, كان الهدف بحث تقرير لجنة المراقبين ولم ندع الي قرار يتخذ تجاه سوريا, فعندما ذهبنا الي القاهرة كانت الدعوة للإستماع والمناقشة في تقرير لجنة المراقبين, وبالفعل تقدم الفريق الدابي بتقرير موضوعي توخي فيه الدقة والموضوعية والصدق, وبالفعل كان علامة فارقه كشف فيها النقاب عن حقائق كثيرة علي الأرض, هذا التقرير نوقش وكان التعليق عليه من أكثر من جهة, ولكن في نفس الجلسة صدرت القرارات حيال سوريا, لكن المهم هو أن سوريا قبلت بالمبادرة العربية وتوقيع البروتوكول وبإستقبال المراقبين, ورحب وزير الخارجية السوري بقدوم المراقبين الآخرين. ومن هنا أقول لا شيء ينقص سوريا الا الحوار فعلينا العمل من اجله لأن التدخل العسكري أوالذهاب الي الأممالمتحدة سيشكل تهديدا للوحدة الوطنية والإستقرار والأمن. هل يمكن تسمية الدول العربية التي لا تريد الاستقرار لسوريا؟ { لن نقف أمام آراء أي دولة عربية, فكل واحدة لها سياستها وما تخطط من أجله وتسير عليه, ولكن لنا وجهة نظر نابعة من حرية الرأي, لذا فنقول إن التدخل في الشئون السورية لن يساعد علي تحقيق الإستقرار. من الذي ساندكم في الرأي داخل الجامعة ؟ { كنا أمام تقرير من الفريق الدابي وفريقه العامل الذي يضم أعضاء من جميع الدول العربية, لذا علينا إبداء أرائنا دون الالتفاف لمن يساند وجهة نظرنا, فناقشنا التقرير الذي كشف عن حقائق كثيرة. لماذا لم يرسل لبنان أحدا ليكون ضمن فريق المراقبة العربية ؟ { فريق المراقبة كان تمثيلا للجامعة العربية ككل, ولم نرسل أحدا حتي لا تفسر الأمور بغير محملها, لذا اتبعنا سياسة النأي بالنفس أيضا; تاركين المجال أمام الأخوة العرب ليتحركوا في إطار وجهود الجامعة العربية. كيف تفسر دعوتكم لمناقشة التقرير وتفاجأ بمناقشة القرارات مسبقا؟ { سأتحدث عن وجهة نظري في هذا الشأن, فأري أنه عندما يكون هناك اجتماع كما حدث لمناقشة التقرير, واللجنة المصغرة التي سبقت الاجتماع الوزاري هي التي تلقته ودرسته, ونحن في نفس اليوم أثناء الإجتماع الوزاري يعمم علينا القرار, فأتساءل أي قرار من القرارات يملي في اللحظة الأخيرة علي الوزراء خاصة إذا كان يتضمن نقاطا حساسة تتعلق بدولة؟! وكأن قرار الجامعة قد جاء كرد فعل علي تقرير الفريق مصطفي الدابي. اذا علي من تلقي باللوم ؟ { علي من يحضر مثل هذه القرارت, فأتمني علي الأخوة أن يعطونا الوقت الكافي للدراسة والتحضير, فنحن نبلغ بدعوة الجامعة العربية لاجتماع وزراء الخارجية العرب قبل يوم أو يوم ونصف فقط.. لذا أتمني علي الأخوة في الجامعة أن يعطونا متسعا من الوقت وأن تتسع الصدور أكثر لبحث المواضيع بشكل علمي وموضوعي بشكل يضمن مصلحة الأمة العربية.