أعتقد أن القراءة الأولى لمشروع قناة السويس الجديدة تعطى ملمحا لتوجهات الفترة الأولى للرئيس عبد الفتاح السيسى باتجاه معالجة الجسد الاقتصادى المصرى المريض وإنقاذه من غيبوبة الارتباك الناجمة عن أورام الديون وأوجاع العجز فى الموازنة العامة. وبصراحة فإن هذا المشروع يمثل فرصة ثمينة للسير على طريق تحصين مصر اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وأمنيا فى ضوء المكاسب والامتيازات التى يمكن سرعة جنيها من مشروع تعهد المصريون بأن يتولوا تمويله تمويلا ذاتيا من أجل تجنب المغارم والمخاطر والأثمان التى يمكن دفعها فى حالة عدم التقاط العبر من التجارب السابقة. ويعزز من صحة ما أقول به إن مجرد الإعلان عن هذا المشروع القومى تولد على الفور إجماع وطنى من كل فئات المجتمع بأطيافه المختلفة فى ظل إدراك ووعى بأن الوقت قد حان للخروج الكبير من ساحات استنزاف الجهد والمال إلى ساحات توفر كل متطلبات ضخ الدماء الجديدة والنقية فى شرايين الاقتصاد المصري. ولا شك فى أن رهان السيسى على الشعب رهان صحيح وله أرضية ارتكاز صلبة يمكن البناء عليها قياسا على تجربتين عظيمتين فى التاريخ المصرى الحديث أولاهما تجربة بناء السد العالى التى قادها جمال عبد الناصر رغم سحب صندوق النقد التزامه بتمويل المشروع تحت ضغوط واشنطن عام 1956 والثانية تجربة حرب أكتوبر التى قادها أنور السادات عام 1973 رغم تحذيرات معظم الخبراء العسكريين فى العالم باستحالة عبور القناة وتحطيم الساتر الترابى واجتياز خط بارليف.. ولكن شعب مصر أثبت فى التجربتين أنه شعب ليس فقط جديرا بالانتصار فى معاركه، وإنما هو شعب جدير بالحياة ذاتها ويمكن دائما الرهان عليه والاطمئنان إلى قدرة التحدى الكامنة فى جوفه. وظنى أن هذا المشروع هو إعلان صريح من جانب السيسى عن قدرة شعب مصر على تجديد الثقة بالذات ودحر أصعب التحديات دون عون من أحد! خير الكلام: أصدق الناس إذا قال فعل! http://[email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله