تتمتع الدبلوماسية المصرية – فى مختلف العهود – بالمصداقية والكفاءة المهنية والولاء للقضايا الوطنية والقومية . وقد تبدى هذا فى لحظات حاسمة فى الأزمات والمواجهات الإقليمية والدولية التى تعرضت لها مصر ابتداء من العداون الثلاثى 1956م ، حيث خاضت الدبلوماسية المصرية بقيادة د. محمود فوزى معركة إدانة العدوان فى الأممالمتحدة والمحافل الدولية ونشأت صداقة خلاقة بينه وبين سكرتير عام الأممالمتحدة داج همرشولد ، الأمر الذى أدى إلى تعبئة الرأى العام الدولى وتصفية العدوان. وهى التجربة التى تكررت مع آثار عدوان عام 1976 م ، وقد عملت الدبلوماسية المصرية آنذاك فى ظل أصعب الظروف وخاضت تجربة مناقشة العدوان أمام الأممالمتحدة ، وخرجت بأفضل ما كان يمكن الخروج به فى مثل هذه الظروف ، وهو القرار 242 الذى نص فى ديباجته على عدم السماح باحتلال الأراضى بالقوة . وفى معركة تحرير سيناء عام 1973 م كان الدور البدلوماسى بقيادة الدكتور محمد حسن الزيات والمستشار حافظ إسماعيل فعالا فى تهيئة المجتمع الدولى لحق مصر فى تحرير أراضيها ، وإظهار إسرائيل بالدولة المعتدية الرافضة لكل الحلول السلمية ، كما شاركت كوادرها فى كل مراحل الانتقال إلى الحلول السلمية اعتبارا من اتفاقيات فض الاشتباك حتى المعركة القضائية الدولية لتحرير طابا . وخلال السنوات الثلاث التى مرت على مصر فى أعقاب ثورتى 25 يناير 2011 م و 30 يونيو 2013 م ، ورغم كل الظروف الداخلية والإقليمية والدولية الصعبة فقد تماسكت الدبلوماسية المصرية ومارست دورها فى الدفاع عن القضايا الوطنية بغض النظر عن تغير العهود والقيادات وكان ولاؤها للدولة المصرية ومصالحها العليا . ولعل مرحلة ما بعد ثورة 30 يونيو كانت من أدق هذه المراحل حيث استوعبت الدبلوماسية المصرية المبادئ التى تبلورت عن هذه الثورة : الاستقلال الوطنى ، ترسيخ العمل على محاور وعمق مصر الاستراتيجى العربى والافريقى ، وتوسيع قاعدة علاقات مصر الدولية وبناء علاقات متوازنة مع كل القوى الدولية ، ونتصور أن الدبلوماسية المصرية مع انتخاب الرئيس عبد الفتاح السيسى بإجماع شعبى و الروح التى يبثها فى سياسة مصر الداخلية ومكانها الإقليمى والدولى إنما تدخل مرحلة جديدة تمتلك فيها من الفرص وتواجه تحديات ، أما الفرص فهى الروح الجديدة التى يبثها العهد الجديد للنهضة المصرية والبناء الداخلى والتى ستكون دعامة للعمل والأداء الخارجى ، أما التحديات فهى ما تفرضه وتحتاجه هذه المرحلة من قدرات فى هذا الأداء وتقديم مصر الجديدة إلى العالم واستيعاب لمدى التعقيد للأوضاع الإقليمية والأخطار التى تحيط بمصر والوضع الدولى المتغير والمعقد وهو ما يتطلب أن يتكيف معه جهاز وزارة الخارجية مع هذه التحديات بإعادة النظر فى التنظيم الداخلى لوزارة الخارجية . استحداث آليات جديدة لدراسة وتقييم قضايا السياسة الخارجية الآنية والمستقبلية ، وباعتبار التعقد المتزايد لهذه القضايا ومن ثم تزايد أعباء وزير الخارجية ومساعديه نقترح أن يعاد إحياء ما تضمنه إعادة تنظيم وزارة الخارجية فى التسعينيات من إنشاء مجلس استشارى يتكون من قدامى الدبلوماسيين الذين عرفوا بالكفاءة المهنية والعلمية ومجموعة محدودة من الأكاديميين والعسكريين لكى يتابعوا بشكل منتظم قضايا السياسة الخارجية والمستقبلية ويقدموا لوزير الخارجية أفكارهم ومبادراتهم للتعامل معها . كما نرى أهمية دور وزارة الخارجية وشخصياتها فى رفع وعى الرأى العام بقضايا السياسة الخارجية ومدى تعقيداتها ومدى التداخل بين السياسة الداخلية والسياسة الخارجية وذلك من خلال مخاطبة مراكز البحث والجامعات وخاصة الجامعات الإقليمية . المدير التنفيذى للمجلس المصرى للشئون الخارجية