يؤكد المشهد السياسى الراهن أن مستقبل الاحزاب الليبرالية والتيار المدنى بشكل عام مازال غامضا لكثرة الصراعات والانقسامات بين أحزابه وعدم نجاحها فى تشكيل ائتلاف موسع يجمع مختلف القوى المدنية لخوض البرلمان المقبل الذى يواجه الكثير من التحديات والتشريعات، والدليل على ذلك انسحاب عمرو موسى الامين العام السابق لجامعة الدول العربية من تلك التحالفات، لإصرار قيادات احزابها على النظر لمصالح احزابهم الضيقة دون النظر للمصلحة العليا للبلاد ومن قبل عمرو موسى انسحب اللواء مراد موافى رئيس جهاز المخابرات العامة السابق لعدم رضائه عما يحدث على الساحة السياسية . ومن جهته أكد الدكتور عبدالله المغازى البرلمانى السابق - أن مستقبل التحالفات المدنية أصبح غامضا. وأضاف المغازى فى تصريحات ل »الأهرام« أنه يجب على قيادات الأحزاب والقوى السياسية إعلاء المصلحة الوطنية فوق مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة مؤكدا ضرورة احتكاك الاحزاب برجل الشارع والمشاركة فى حل المشكلات. وطالب المغازى بتشكيل تحالف قوى من القوى المدنية لمواجهة التيارات المتطرفة . أما محمد عبدالله يونس الباحث بمركز القاهرة الإقليمى للدراسات الاستراتيجية فيؤكد أنه يغلب على تكوين الأحزاب المصرية الشكلية فى التأسيس،حيث يتم تكوين الحزب بتوكيلات 5000 عضو ينتمون لعشر محافظات، وفق الضوابط القانونية، دون وجود روابط الانتماء الحزبي، ومن ثم لا تتجاوز أحزاب عديدة نطاق المقر الرئيسى ونخبة حزبية صغيرة العدد لا تؤهل الحزب لطرح كوادر للعمل العام، أو المنافسة فى الانتخابات، فى حين لا يتجاوز نشاط الحزب المقر الرئيسي، أو الصحيفة الرسمية للحزب. وأوضح محمدعبدالله ان الدليل على ذلك هو نتائج الانتخابات البرلمانية الأولى بعد ثورة 25 يناير، حيث لم يتجاوز نصيب جميع الأحزاب المدنية على اختلاف توجهاتها السياسية نحو 153 مقعدًا، بما يعادل 30.3% من مقاعد المجلس التشريعي. وأشار عبدالله إلى ان أغلب الأحزاب المصرية تعانى ظاهرة الانشقاقات الحزبية الناجمة عن الافتقاد لآليات بناء التوافق والديمقراطية الداخلية بالأحزاب، حيث تكررت تلك الظاهرة فى أحزاب الغد، والوفد،وغيرها. ومن جانبه قال الدكتو محمود العلايلى عضو المكتب السياسى لحزب المصريين الاحرار إن الفترة المقبلة بمثابة فرز سياسى بشكل حقيقى وهذا سيلمسه المواطن من خلال توجهات كل حزب وسياساته . وأضاف العلايلي: أن المستقبل فى مصر سيكون للأحزاب الليبرالية لأن النظام السياسى فى العالم قائم على الفكر الاقتصادى الليبرالى ،فالتيار الليبرالى سيقود التغيرات الاقتصادية فى مصر بفكره الرشيد وتوجهاته ، ملتزما بالرأسمالية الرشيدة التى تسمح للدولة ان تقوم بدورها تجاه المواطن فيما يتعلق بمجالات الصحة والتعليم والسكن وغيرها . وبرغم أن حزب (المصريين الاحرار) يصر على خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة منفردا ، الا أن العلايلى أوضح ان المستقبل ايجابى بالنسبة للحزب الذى يقود التيارات الليبرالية. وحول فكرة دمج الاحزاب الليبرالية فى حزبين أو ثلاثة، ذكر عضو المكتب السياسى للمصريين الأحرار ان مسالة تقليص عدد الاحزاب لايستطيع احد أن يفرضها فى ظل دولة يحكمها القانون والمؤسسات لكن الشعب سيفرز التجربة الديقراطية بنفسه من خلال برامج وأفكار كل حزب وجوده بين المواطنين. واكد العلايلى تفاؤله الشديد بمستقبل الليبراليين رافضا ما يتردد عن ان هذا التيار يعمل ضد المواطن البسيط لمصلحة رجل الاعمال ، مشيرا الى ان هدف حزب المصريين الأحرار واى تيار ليبرالى حقيقى هو توزيع الغنى على المواطنين وليس توزيع الفقر . ويتفق الحزب المصرى الديمقراطى الليبرالى مع »المصريين الاحرار« فى ان التيار الليبرالى سيقود المرحلة المقبلة ، لكنه ذكر أن البلاد فى حاجة ماسة لحزب مدنى كبير له شعبيته التى تستطيع ان تمتص الشارع المصري. وقال الدكتور محمد ابو الغار رئيس الحزب ان الاحزاب الليبرالية يجب ان تقوى نفسها ، فهى القادرة على شغل مكان التيار الإسلامى ، وهذا يتطلب تشجيعا من الدولة ووسائل الاعلام ، مشيرا إلى ان حزب الوفد فى الماضى كان هو الحزب الاول وعندما تراجع حل محله الإخوان. وشدد ابو الغار على ضرورة وجود الاحزاب فى مصر ودعمها لانه بدون أحزاب لن تستقيم البلاد ولن تصبح دولة مدنية مؤسسية. وفى الوقت نفسه ، قلل حزب »الحركة الوطنية« ذات التوجه الوسطى والذى يقوده الفريق احمد شفيق المرشح الرئاسى الاسبق من اهمية وصف الاحزاب والتحالفات بمسميات الليبرالية واليسارية وغيرهما ، موضحا ان الفتره الحالية تحتاج لشئ واحد وهو كيف سيتعامل الحزب أو الفصيل مع الشارع المصري. وذكر المستشار يحيى قدرى النائب الاول لرئيس الحزب ان الشارع حاليا يحتاج إلى أشياء ضرورية كثيرة واصبحت له اغراض محددة، فهو يحتاج الدولة المدنية الحقيقية ، والاقتصاد المنتعش ، وحل المشاكل التى تراكمت خلال العقود الماضية، وديمقراطية حقيقية. واضاف قدرى ان المواطن حاليا يبحث عن نائب برلمانى يلتصق به ويشعر بحالة ويستطيع توصيل صوته ومطالبه للدولة من خلال التشريعات الصحيحة التى تخدم هذا المواطن. واوضح النائب الاول لرئيس حزب »الحركة الوطنية« انه لا يستطيع احد ان ينكر وجود توجهات عديده حاليا مثل اليسار والليبراليه والناصرية وهذا مطلوب على وجه العموم لكن ذلك سيكون عبر البرلمان وسيحدد المواطن من هو القادر على تلبية احتياجاته وتحقيق مطالبه ايا كان النائب »يساريا او ليبراليا او ناصريا«. وبرر قدرى لجوء بعض الاحزاب للتحالفات والائتلافات الحزبية، والتى تثير جدلا حاليا بأن بعض الاحزاب ذات التوجهات المختلفة تخشى الا تحقق نجاحا فى العمل السياسى خلال المرحله المقبلة وخاصة فى البرلمان ولذلك تلجأ للتحالفات. وذكر ان تحالف »الجبهة المصرية« الذى يتزعمه الحزب وسطى وديمقراطى يتبنى الدوله القانونيه والفكر الراقى ومصلحة المواطن وغير إقصائى ويبحث عن مصلحة المواطن جدير بالذكر ان تحالف »الجبهة المصرية« يضم جبهة »مصر بلدي« التى يتزعمها اللواء احمد جمال الدين وزير الداخلية الاسبق والنائب السابق مصطفى بكرى بالاضافة إلى أحزاب »مصر الحديثة« و»الشعب الجمهوري« »والتجمع» والمؤتمر« .