بعد توجيهات الرئيس.. وزير التعليم يكشف تفاصيل حافز التدريس للمعلمين    رئيس جامعة جنوب الوادي يلتقي مدير المعهد القومي للاتصالات    أكسيوس: مبعوثا ترامب لن يغادرا مصر من دون اتفاق بشأن غزة    الحرب 1 أكتوبر.. اللواء محمود طلحة يكشف كواليس خطة الخداع المصرية في 73    ماذا يحتاج منتخب مصر من مواجهة جيبوتي حتي يتأهل لكأس العالم؟    سلة الزمالك يهزم ألعاب دمنهور في بطولة دوري المرتبط    ضبط قبل التوزيع.. المؤبد لتاجر السموم بشبرا الخيمة بحوزته مخدرات    طقس خريفي مستقر في مدن القناة غدا وفرص لهطول أمطار خفيفة مساءً    هؤلاء ممنوعون من السفر لحج القرعة لعام 2026 (انفوجراف)    من حديقة تلال الفسطاط.. تفاصيل المؤتمر الصحفي لمدبولي    أيمن الرقب لحديث القاهرة: مفاوضات شرم الشيخ تتركز على ملف الأسرى وحماس متخوفة    عمرو نبيل بعد تكريمه بمهرجان جيلنا: أصور بعين واحدة ولم أتوقف عن نقل الحقيقة    نائب وزير الصحة يبحث مع محافظ الغربية سبل تخفيف الأعباء عن المرضى    استشهاد 11 فلسطينيًا.. الجيش الإسرائيلي يشن غارات عنيفة على غزة في ذكرى 7 أكتوبر    الكرملين: تسليم صواريخ "توماهوك" لأوكرانيا تصعيد خطير    محافظ المنوفية يحيل عدداً من المختصين بالزراعة والوحدة المحلية بالبرانية وجريس للنيابة    شحاته السيد عضواً بتحالف اليونسكو للدراية الإعلامية والمعلوماتية    لتطوير منظومة العمل الإداري .. الزمالك يعتمد تشكيل المكتب التنفيذي الجديد بخروج أحمد سليمان ودخول محمد طارق    عقوبات الجولة العاشرة من الدوري المصري    حدث بالفعل .. عالم يكتشف فوزه بجائزة نوبل خلال رحلة فى البرية للتخلص من إدمان الهواتف الذكية    إنتر ميلان يدرس ضم أكانجي بشكل نهائي من مانشستر سيتي    قبل مغادرته.. البابا تواضروس يُدشّن كنيسة أُنشئت بأمرٍ ملكي في عهد الملك فاروق قبل أكثر من 80 عامًا    4 أبراج روحهم في مناخيرهم.. العصبية جزء من شخصيتهم    مدبولي: استضافة مصر لقاءات بين حماس وإسرائيل دليل على قوتنا الإقليمية    بحضور شخصيات عامة وسياسية.. أسماء زعفان تناقش رسالة الدكتوراة في طب الأطفال    كشف غموض اقتحام 3 محال تجارية في قنا    لمناقشة عدد من الملفات المهمة.. بدء اجتماع الحكومة الأسبوعي برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي    مجلس جامعة حلوان يستهل جلسته بالوقوف دقيقة حداد على روح رئيس الجامعة الأسبق    خاص.. كيشو ممنوع من تمثيل أي دولة أخرى غير مصر حتى يناير 2028    محافظ الغربية يفتتح الملعب القانوني الجديد بنادي السنطة بتكلفة 797 ألف جنيه    فتح باب التسجيل لقبول دفعة جديدة من الدارسين برواق العلوم الشرعية والعربية بالأزهر    توزيع جوائز مسابقة أفضل مقال أو دراسة نقدية حول الأفلام القصيرة جدًا بأكاديمية الفنون.. غدًا    أسماء جلال من كواليس «فيها إيه يعني؟»: «كل واحد يخليه في حاله»    «بصلي وبصوم وبسرق وعاوزة أكفر عن ذنبي».. أمين الفتوى يجيب    رمضان عبد المعز: الإيمان بأقدار الله يُريح الروح ويُهدي القلب    ما حكم سب الدين عند الغضب؟.. أمين الفتوى يُجيب    سوق حضارى جديد ببنى مزار للقضاء على الأسواق العشوائية بالمنيا    وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يزور مدرسة WE للتكنولوجيا التطبيقية (صور)    تُدشّن مبادرة الكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية لطلاب المدارس بالمنوفية..صور    «فوائد بالجملة».. ماذا يحدث لجسمك عند تناول كوب من الشاي الأخضر في الصباح؟    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    سكرتير عام المنيا يتابع معدلات تنفيذ المشروعات التنموية    بسبب معاكسة فتاة.. إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء في أوسيم    "المستشار هشام قطب" يدعو لتفعيل نظام المساعدة القانونية لغير القادرين ماليًا    وزير الخارجية يلتقي رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري    قطاع الأمن الاقتصادي يضبط 2691 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    مدبولي يوجه بتوفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الكبرى    اليونيسيف: أطفال غزة يعيشون رعبا ينبغي ألا يواجهه أي طفل    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 7 اكتوبر 2025 فى المنيا    كيروش: مواجهة قطر صعبة.. ونطمح للانتصار في بداية مشوار التأهل    الأهلي يحيل ملف ثلاثي الفريق إلى لجنة التخطيط لحسم مصيرهم    أغلقوا المدرسة قبل موعدها، تحويل العاملين بابتدائية قومبانية لوقين بالبحيرة للتحقيق    كريم أدريانو يفوز بجائزة «the best» في ثاني أيام عروض مهرجان «المهن التمثيلية» (تعرف على الفائزين)    محافظ بورسعيد للطلاب: عليكم بالتمسك بالأخلاق الحميدة التي يرسخها الأزهر الشريف    وكيل صحة بني سويف يشيد بدور التمريض: العمود الفقري للمنظومة الصحية    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 5 ملايين جنيه خلال 24 ساعة    وزير الخارجية: نثق في قدرة الرئيس ترامب على تنفيذ خطة غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤامرة فريد الديب
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 08 - 2014

لا أحد ينكر أن الأستاذ فريد الديب محام قدير، ولديه الكثير من الحيل القانونية البارعة، التى لم تمنع على الإطلاق خسارته خلال السنوات الماضية قضايا
جنائية مهمة. لكن المرافعة البليغة التى قدمها أخيرا أمام المحكمة دفاعا عن مبارك فى قضية «القرن»، لا تؤكد فقط افتقاده أدلة قوية لتبرئة ساحة موكله، بل أيضا تحمل أهدافا سياسية مقصودة، تتجاوز مسألة توظيفها بصورة قانونية لصالح مبارك شخصيا، إلى نظام بأكمله.
البداية كانت من تقديم مجموعة شواهد مجتزأة من سياقها الطبيعى، لتأكيد أن ما حدث فى يناير 2011 «مؤامرة» مكتملة الأركان وليس ثورة ناقصة. ففى الوقت الذى قدم فيه شهادات مسئولين كبار للتدليل على كلامه السابق، تجاهل عمدا أن مبارك نفسه، قبل اضطراره للتنحى، استجاب لمطالب المواطنين الذين مكثوا فى ميدان التحرير 18 يوما، أى قبل أن يختطف الإخوان الثورة، ويظهر الجزء السياسى الغاطس فيها، الأمر الذى ظهرت معالمه فى مرحلة لاحقة. كما تغافل الديب عن خطب وتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى، قبل وبعد فوزه فى الانتخابات، بشأن تأكيده أن يناير ثورة بامتياز. والأدهى أن الدستور (أبو القوانين) ووثيقة تسليم السلطة أكدتا ذلك أيضا بوضوح. لذلك هناك من شبه فريد الديب بالمحامى ابراهيم الهلباوى الذى تحدث عن كرم وتحضر الإنجليز المحتلين و »همجية« ناسنا فى دنشواى فى المحاكمة الشهيرة.
الحاصل أن التاريخ حافل بالانقسامات حول هذا النوع من التطورات. فلا تزال حتى وقتنا الحاضر توجد فئة تصف ما جرى فى 23 يوليو 1952 بأنه «إنقلاب عسكرى» لا علاقة له بالثورة من قريب أو بعيد. والموقف من هذا وذاك (الثورة والانقلاب) يتوقف غالبا على الموقف السياسى للشخص. لكن المنصفين الحقيقيين قالوا إن ما حدث فى 23 يوليو ثورة فعلا. وقد مرت فى هذا النهر مياه عكرة كثيفة، وبقيت الثورة مكانها. الآن يتكرر المشهد بشكل أشد خطورة، لأن الدور السياسى القذر للإخوان وضعف معظم الأحزاب، فضلا عن وجود تواطؤ من بعض القوى الشبابية، ساعد على الترويج لفكرة أن يناير «مؤامرة». وهو ما استغله عن عمد رموز كانوا نجوما فى زمن مبارك، وعزفوا على أوتاره، ليس لتصويب المسار الجديد، لكن لإعادة المسار القديم.
للأسف وجدت مزاعم فلول مبارك رواجا لدى بعض القطاعات، بعد أن شاهد الناس حفنة منهم، يعاد توزيرهم، وتتصدر حفنة أخرى المشهد الإعلامى، عقب ثورة يناير، أى قبل أن تتم صناعة فكرة «المؤامرة»، علما أن هؤلاء وهؤلاء لهم كلام موثق، كتابة وبالصوت والصورة، اعترفوا فيه بأن يناير ثورة، وبعضهم نافق الإخوان، وأكدوا أن نظام مبارك كان قد كبر وشاخ ولحقه الكثير من الفساد، ومن الطبيعى أن يثور عليه الشعب ويتخلص منه.
الصورة تغيرت، بسبب حماقات الإخوان التى كادت تضيع البلد، وتزايد حجم التدخلات والتحديات الخارجية، التى يريد أصحابها ومن يقفون خلفها استغلال الثورة كمطية لأغراض دنيئة، وحاولوا خطفها لمجرى آخر. وفشل مخطط جهنمى، ولا أحد ينكر أن يناير ثورة كانت ناقصة، وتم تصحيحها فى يونيو 2013. والصورة تغيرت أيضا، عندما بدت الساحة السياسية والاعلامية والاقتصادية فارغة، واستغل فلول الوطنى الظرف السياسى الراهن، الذى فسرت بعض مقاطعه على أنها تحمل معالم مصالحة أو مهادنة مع نظام مبارك، وبدأت جهات محسوبة على النظام القديم تسعى إلى قطع الطريق على أى وجوه جديدة، وتعمل على زيادة اللغط، لمنع التوجه لتصعيد طبقة أخرى، حتى يظل الاعتماد مستمرا على بقايا مبارك.
فى المعارك الحربية يقولون إن الضعف يغرى بالعدوان، وفى المعارك السياسية لهذه القاعدة نصيب كبير. من هنا يشتم كثيرون رائحة المؤامرة فى مرافعة فريد الديب. وأولى حلقاتها ظهرت عمليا فى المحكمة، بحجة محاولة تبرئة مبارك. والمدخل كان نسف النسق القيمى والأخلاقى لثورة يناير، التى أدى قيامها لوضع مبارك فى السجن. وربما كان هدف الديب الحصول على البراءة بهذه الطريقة، ومعه كل الحق فى تبرئة موكله بالوسيلة التى يراها، لكن ما حدث لاحقا يعزز فكرة مؤامرة الديب ورجال مبارك على الثورة (المؤامرة). فالإلحاح على تكرار إذاعة لقطات استعراضية من مرافعة المحامى القدير على بعض الفضائيات، وفر تأثيرا ايجابيا لكلامه. وجاءت اللقطة الأخرى إعادة نشر مقال لفريد الديب كتبه منذ حوالى عشر سنوات انتقد فيه مبارك وتناول بعض مساوئه.
الهدف من المقال أن الرجل الذى يدافع عن مبارك يقول الحق دائما، فعندما رأى اعوجاجا تحدث عنه فى عز صولجان الرئيس الأسبق. وعندما تحدث أمام المحكمة عن خصال ايجابية و«مؤامرة»، وما إلى ذلك من مفردات، يجب أن نستمع له ونصدقه. والرسالة الظاهرة أن مبارك يخطىء ويصيب، أما الرسالة الخفية هى أن رجال مبارك فيهم المخطىء والمصيب، وليس كلهم فاسدين، بل فيهم اصلاحيون. بالتالى يجب أن توكل إليهم زمام الكثير من الأمور السياسية، وهم «الأحق» بالمشاركة علانية فى الحكم. والباب الخلفى لذلك أن يناير «مؤامرة» وهؤلاء أبرياء، اعتمادا على شائعة أن ذاكرتنا ضعيفة، مع أن الفريق الذى تزعم الإصلاح خلال عهد مبارك هو الذى مهد الطريق لاندلاع ثورة يناير، بسبب نهم الاستحواذ على الثروة والسلطة، وظهور قدر وافر من السيطرة والعجرفة.
أعترف بأن لدى أصدقاء نبلاء محسوبين على نظام مبارك، وأعترف بأن ثورة 30 يونيو سعت لتصحيح أخطاء ثورة يناير، لكن أتحفظ على تصدر رجال ونساء وأرامل مبارك المشهد السياسى مرة أخرى، لأن هذه اللعبة يمكن أن تحرقنا جميعا، وبدلا من أن تتحول يناير إلى «مؤامرة» تتحول يونيو إلى «مؤامرة أكبر» وتخسر مصر. وهو ما يحاول كثير من الشرفاء تجنب الوصول إليه.
لمزيد من مقالات محمد ابو الفضل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.