أميرة صابر تتقدم باستقالتها من عضوية النواب للترشح في انتخابات الشيوخ    استمرار تلقي طلبات الترشيح في انتخابات مجلس الشيوخ بشمال سيناء    تموين الفيوم: صرف الخبز منتظم رغم حريق سنترال رمسيس.. ولا شكاوى من المواطنين    البنك المركزي يرفع الحد الأقصى للسحب النقدي إلى 500 ألف جنيه    وزير البترول: الحكومة تدعم جهود تطوير قطاع التعدين لجذب الشركات الأجنبية    أ ف ب: لا اختراق بمفاوضات الدوحة بشأن وقف النار في غزة    الهلال الأحمر الفلسطيني يعلن توقف العمل في إحدى عياداته الطبية بغزة بسبب سقوط قذائف إسرائيلية في محيطها    بنجلاديش تعتزم إجراء مباحثات مع أمريكا لخفض أكبر للرسوم الجمركية    المصرية للاتصالات تنعي شهداء سنترال رمسيس    الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض رسوم على السلع الأمريكية بقيمة 116 مليار يورو    إعلام: ارتفاع عدد قتلى الفيضانات في تكساس إلى 104    والد ماسك: ترامب وإبني فريق واحد.. وتصرفات إيلون تزيد اهتمام الجمهور    مجلس النواب يبدأ الجلسة العامة.. ويستكمل مناقشة قانون الرياضة    بشير التابعي ينتقد صفقات الزمالك: "مش هنرجع ننافس بالأسماء دي"    الكشف عن سبب غياب "شريف والمهدي سليمان" عن تدريب الزمالك الأول    شروط "نارية" من الأهلي للموافقة على بيع وسام أبو علي إلى الريان القطري    عودة حركة القطارات بين الإسكندرية ومطروح بعد خروج عربتين عن القضبان بمنطقة عبد القادر    فيديو.. التنمية المحلية: نتابع مع الأجهزة المعنية لإزالة كل آثار حريق سنترال رمسيس    حبس سائق الشرقية المتسبب في مصرع طالبة كلية التجارة وإصابة 11 عاملة يومية.. والنيابة تطلب تحليل مخدرات    ننشر صورتي ضحيتي غرق سيارة سقطت من معدية نهر النيل بقنا    تسجل 44 درجة.. بيان هام من الأرصاد يكشف حالة الطقس اليوم والأيام المقبلة    مليون مشاهدة لأغنية "قبلت التحدي" ل رامي جمال وحمزة نمرة (فيديو)    بعد حريق سنترال رمسيس.. تامر حسني يثير الجدل وكلمة السر «ريستارت» | فيديو    جامعة طنطا تكرم فريق اعتماد مستشفى الجراحات الجديدة    "بتكوين" تتراجع تحت ضغط الرسوم الأمريكية الجديدة وموجة حذر بالأسواق    حريق سنترال رمسيس يؤثر على خدمات الاتصالات.. عمرو طلعت: عودة الخدمة تدريجيا خلال 24 ساعة.. تعويض المستخدمين من تأثر الخدمة.. وخدمات "النجدة" و"الإسعاف" و"الخبز" بالمحافظات لم تتأثر بالحادث    ذات يوم 8 يوليو 1972.. إسرائيل ترتكب جريمة اغتيال المناضل والكاتب الفلسطينى غسان كنفانى الذى أخلص لمقولته: «كن رجلا تصل إلى عكا فى غمضة عين»    الداخلية تضبط 10 قضايا جلب مواد مخدرة    طريقة عمل الكشري المصري بمذاق لا يقاوم    التنسيقية تشارك في الاجتماع الثاني للقائمة الوطنية من أجل مصر لانتخابات الشيوخ    "بتكوين" تتراجع تحت ضغط الرسوم الأمريكية الجديدة وموجة حذر بالأسواق    منة بدر تيسير ل أحمد السقا: «تعامل بشيم الرجال.. وربنا رد على اللي ظلم»    "طلقنى" يجمع كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربينى للمرة الثانية في السينما    وزيرة التنمية المحلية تتابع عمليات إخماد حريق سنترال رمسيس    تنسيق الجامعات 2025.. أماكن أداء اختبارات القدرات لكليات علوم الرياضة    ريبيرو يحسم مصير رباعي الأهلي    حريق سنترال رمسيس.. وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم في المحافظات بصورة طبيعية وبكفاءة تامة    معلق مباراة تشيلسي وفلومينينسي في نصف نهائي كأس العالم للأندية    رغم غيابه عن الجنازة، وعد كريستيانو رونالدو لزوجة ديوجو جوتا    من البيت.. طريقة استخراج جواز سفر مستعجل إلكترونيًا (الرسوم والأوراق المطلوبة)    وفاء عامر تتصدر تريند جوجل بعد تعليقها على صور عادل إمام وعبلة كامل: "المحبة الحقيقية لا تُشترى"    «غفران» تكشف التفاصيل.. كيف استعدت سلوى محمد على لدور أم مسعد ب«فات الميعاد»؟    اتحاد بنوك مصر: البنوك ستعمل بشكل طبيعي اليوم الثلاثاء رغم التأثر بحريق سنترال رمسيس    هشام يكن: جون إدوارد و عبد الناصر محمد مش هينجحوا مع الزمالك    نتنياهو: إيران كانت تدير سوريا والآن هناك فرصة لتحقيق الاستقرار والسلام    5 وظائف جديدة في البنك المركزي .. التفاصيل والشروط وآخر موعد ورابط التقديم    التعليم العالي يوافق على إنشاء جامعة العريش التكنولوجية.. التفاصيل الكاملة    مفاجآت غير سارة في العمل.. حظ برج الدلو اليوم 8 يوليو    سعر الفراخ البيضاء والساسو وكرتونة البيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الثلاثاء 8 يوليو 2025    على خلفية حريق سنترال رمسيس.. غرفة عمليات ب «صحة قنا» لمتابعة تداعيات انقطاع شبكات الاتصالات    أهم طرق علاج دوالي الساقين في المنزل    الدكتورة لمياء عبد القادر مديرًا لمستشفى 6 أكتوبر المركزي (تفاصيل)    لعلاج الألم وتخفيف الالتهاب.. أهم الأطعمة المفيدة لمرضى التهاب المفاصل    وفقا للحسابات الفلكية.. تعرف على موعد المولد النبوي الشريف    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : الفساد صناعة ?!    (( أصل السياسة))… بقلم : د / عمر عبد الجواد عبد العزيز    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : حالة شكر.""؟!    نشرة التوك شو| الحكومة تعلق على نظام البكالوريا وخبير يكشف أسباب الأمطار المفاجئة صيفًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤامرة فريد الديب
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 08 - 2014

لا أحد ينكر أن الأستاذ فريد الديب محام قدير، ولديه الكثير من الحيل القانونية البارعة، التى لم تمنع على الإطلاق خسارته خلال السنوات الماضية قضايا
جنائية مهمة. لكن المرافعة البليغة التى قدمها أخيرا أمام المحكمة دفاعا عن مبارك فى قضية «القرن»، لا تؤكد فقط افتقاده أدلة قوية لتبرئة ساحة موكله، بل أيضا تحمل أهدافا سياسية مقصودة، تتجاوز مسألة توظيفها بصورة قانونية لصالح مبارك شخصيا، إلى نظام بأكمله.
البداية كانت من تقديم مجموعة شواهد مجتزأة من سياقها الطبيعى، لتأكيد أن ما حدث فى يناير 2011 «مؤامرة» مكتملة الأركان وليس ثورة ناقصة. ففى الوقت الذى قدم فيه شهادات مسئولين كبار للتدليل على كلامه السابق، تجاهل عمدا أن مبارك نفسه، قبل اضطراره للتنحى، استجاب لمطالب المواطنين الذين مكثوا فى ميدان التحرير 18 يوما، أى قبل أن يختطف الإخوان الثورة، ويظهر الجزء السياسى الغاطس فيها، الأمر الذى ظهرت معالمه فى مرحلة لاحقة. كما تغافل الديب عن خطب وتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى، قبل وبعد فوزه فى الانتخابات، بشأن تأكيده أن يناير ثورة بامتياز. والأدهى أن الدستور (أبو القوانين) ووثيقة تسليم السلطة أكدتا ذلك أيضا بوضوح. لذلك هناك من شبه فريد الديب بالمحامى ابراهيم الهلباوى الذى تحدث عن كرم وتحضر الإنجليز المحتلين و »همجية« ناسنا فى دنشواى فى المحاكمة الشهيرة.
الحاصل أن التاريخ حافل بالانقسامات حول هذا النوع من التطورات. فلا تزال حتى وقتنا الحاضر توجد فئة تصف ما جرى فى 23 يوليو 1952 بأنه «إنقلاب عسكرى» لا علاقة له بالثورة من قريب أو بعيد. والموقف من هذا وذاك (الثورة والانقلاب) يتوقف غالبا على الموقف السياسى للشخص. لكن المنصفين الحقيقيين قالوا إن ما حدث فى 23 يوليو ثورة فعلا. وقد مرت فى هذا النهر مياه عكرة كثيفة، وبقيت الثورة مكانها. الآن يتكرر المشهد بشكل أشد خطورة، لأن الدور السياسى القذر للإخوان وضعف معظم الأحزاب، فضلا عن وجود تواطؤ من بعض القوى الشبابية، ساعد على الترويج لفكرة أن يناير «مؤامرة». وهو ما استغله عن عمد رموز كانوا نجوما فى زمن مبارك، وعزفوا على أوتاره، ليس لتصويب المسار الجديد، لكن لإعادة المسار القديم.
للأسف وجدت مزاعم فلول مبارك رواجا لدى بعض القطاعات، بعد أن شاهد الناس حفنة منهم، يعاد توزيرهم، وتتصدر حفنة أخرى المشهد الإعلامى، عقب ثورة يناير، أى قبل أن تتم صناعة فكرة «المؤامرة»، علما أن هؤلاء وهؤلاء لهم كلام موثق، كتابة وبالصوت والصورة، اعترفوا فيه بأن يناير ثورة، وبعضهم نافق الإخوان، وأكدوا أن نظام مبارك كان قد كبر وشاخ ولحقه الكثير من الفساد، ومن الطبيعى أن يثور عليه الشعب ويتخلص منه.
الصورة تغيرت، بسبب حماقات الإخوان التى كادت تضيع البلد، وتزايد حجم التدخلات والتحديات الخارجية، التى يريد أصحابها ومن يقفون خلفها استغلال الثورة كمطية لأغراض دنيئة، وحاولوا خطفها لمجرى آخر. وفشل مخطط جهنمى، ولا أحد ينكر أن يناير ثورة كانت ناقصة، وتم تصحيحها فى يونيو 2013. والصورة تغيرت أيضا، عندما بدت الساحة السياسية والاعلامية والاقتصادية فارغة، واستغل فلول الوطنى الظرف السياسى الراهن، الذى فسرت بعض مقاطعه على أنها تحمل معالم مصالحة أو مهادنة مع نظام مبارك، وبدأت جهات محسوبة على النظام القديم تسعى إلى قطع الطريق على أى وجوه جديدة، وتعمل على زيادة اللغط، لمنع التوجه لتصعيد طبقة أخرى، حتى يظل الاعتماد مستمرا على بقايا مبارك.
فى المعارك الحربية يقولون إن الضعف يغرى بالعدوان، وفى المعارك السياسية لهذه القاعدة نصيب كبير. من هنا يشتم كثيرون رائحة المؤامرة فى مرافعة فريد الديب. وأولى حلقاتها ظهرت عمليا فى المحكمة، بحجة محاولة تبرئة مبارك. والمدخل كان نسف النسق القيمى والأخلاقى لثورة يناير، التى أدى قيامها لوضع مبارك فى السجن. وربما كان هدف الديب الحصول على البراءة بهذه الطريقة، ومعه كل الحق فى تبرئة موكله بالوسيلة التى يراها، لكن ما حدث لاحقا يعزز فكرة مؤامرة الديب ورجال مبارك على الثورة (المؤامرة). فالإلحاح على تكرار إذاعة لقطات استعراضية من مرافعة المحامى القدير على بعض الفضائيات، وفر تأثيرا ايجابيا لكلامه. وجاءت اللقطة الأخرى إعادة نشر مقال لفريد الديب كتبه منذ حوالى عشر سنوات انتقد فيه مبارك وتناول بعض مساوئه.
الهدف من المقال أن الرجل الذى يدافع عن مبارك يقول الحق دائما، فعندما رأى اعوجاجا تحدث عنه فى عز صولجان الرئيس الأسبق. وعندما تحدث أمام المحكمة عن خصال ايجابية و«مؤامرة»، وما إلى ذلك من مفردات، يجب أن نستمع له ونصدقه. والرسالة الظاهرة أن مبارك يخطىء ويصيب، أما الرسالة الخفية هى أن رجال مبارك فيهم المخطىء والمصيب، وليس كلهم فاسدين، بل فيهم اصلاحيون. بالتالى يجب أن توكل إليهم زمام الكثير من الأمور السياسية، وهم «الأحق» بالمشاركة علانية فى الحكم. والباب الخلفى لذلك أن يناير «مؤامرة» وهؤلاء أبرياء، اعتمادا على شائعة أن ذاكرتنا ضعيفة، مع أن الفريق الذى تزعم الإصلاح خلال عهد مبارك هو الذى مهد الطريق لاندلاع ثورة يناير، بسبب نهم الاستحواذ على الثروة والسلطة، وظهور قدر وافر من السيطرة والعجرفة.
أعترف بأن لدى أصدقاء نبلاء محسوبين على نظام مبارك، وأعترف بأن ثورة 30 يونيو سعت لتصحيح أخطاء ثورة يناير، لكن أتحفظ على تصدر رجال ونساء وأرامل مبارك المشهد السياسى مرة أخرى، لأن هذه اللعبة يمكن أن تحرقنا جميعا، وبدلا من أن تتحول يناير إلى «مؤامرة» تتحول يونيو إلى «مؤامرة أكبر» وتخسر مصر. وهو ما يحاول كثير من الشرفاء تجنب الوصول إليه.
لمزيد من مقالات محمد ابو الفضل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.