ما أحوج المصريين بعد كل تلك الأيام العجاف أن تُفتح أمامهم أبواب جديدة للأمل فى مستقبل أفضل.. جاءت لحظة الأمس الخامس من أغسطس نادرة ومتدفقة فى بث روح جديدة لدى جموع المصريين، بعد أن كادت حوادث السنوات القليلة الماضية تفقدهم الرهان على المستقبل وحلم بناء دولة عصرية تلحق بركب العالم المتقدم.. جاءت لحظة يرى فيها المصريون أنفسهم أمام حقيقة ضرورة أن نعمل بكل طاقتنا من أجل الغد. وليس إطلاق الرئيس عبد الفتاح السيسى مشروع قناة السويس الثانية وإطلاق المشروعات العملاقة فى المحور الجديد للتنمية سوى تذكرة لنا جميعا أن ساعة البناء قد دقت، ونحن الشعب كما يشدد الرئيس دوما فقط من يستطيع أن يحول كل تلك الأحلام العريضة إلى واقع فى ظل كل التحديات التى تعترى المشهد الراهن داخل مصر وفى محيطها العربى المتخم فى ليبيا وسوريا والعراق بالأحزان والدماء. صورة الأمس فى الإسماعيلية هى تجسيد لرغبة أمة فى النهوض من عثراتها وأن تستنهض سواعد شبابها فى ملحمة جديدة للبناء تعيد ملحمة الأجداد فى حفر قناة السويس قبل عشرات السنين، وهم من ضحوا بأرواحهم حتى نمسك اليوم بأهداب حلم جديد.. وما أشد حاجتنا اليوم بالفعل إلى خلق واقع جديد يتخطى كل ما نراه حولنا من مشاهد تعيسة وبائسة ودعاية سوداء تحاول أن تشوه كل ما يمكن أن يمنح المصريين بصيص أمل فى المستقبل. ما جرى بالأمس هو رسالة رئيس مصر إلى شعبه عن ضرورة العمل الجاد معا لتحقيق معانى «الاستقلال الوطنى» على أرض الواقع، وليس التغنى بها بلا طائل، وهى رسالة (وربما امتحان) إلى رجال الأعمال وأصحاب رءوس الأموال المصريين فى الداخل والخارج بأن بلدكم فى حاجة إلى تعاونكم الصادق وأحد حقوقه عليكم هو نجاحكم فى الاختبار القادم لاستكمال المشروع العملاق فى مواعيده المقررة لنفتح للجيل الحالى والأجيال القادمة الطريق إلى القمة على المستويين الإقليمى والدولي.. وفى الوقت نفسه فإن الشعب قادر ولن ينتظركم, ولن ينتظر الغرب . ومن ثم فهى رسالة أخرى إلى الشعب بأسره بأن هناك فى صفوف تلك الأمة من يستطيع أن يترجم التمنيات إلى واقع جميل ..ورسالة إلى سائر المصريين بأن هناك مؤسسة عسكرية تملك من الإمكانات والقدرات ما يؤهلها للسهر على تحقيق الحلم دون أن تضع فى حسبانها الشكوك والأقاويل الفارغة التى تروج اليأس والإحباط، وبعضها يدعو المصريين صراحة إلى الاقتداء بسير هادمى الأوطان والجيوش الجوالة، الذين ابتليت بهم المنطقة العربية والشرق الأوسط فى السنوات القليلة الماضية حتى وصلنا إلى مرحلة تفكيك الدول. ومثلما قال الرئيس السيسى أمس إن هناك من يريد تفكيك المنطقة، ولكننا نعى تماما تبعات ما يجرى حولنا.. تلك هى ثقة صانع القرار فى شعبه وفى قدرات أمته وفى إرادة لا تتزعزع منذ ثورة الشعب فى 30 يونيو، وأن القادم أفضل، وأن قوى الظلام لن تتمكن من مخططات الشر التى تريد لتلك الأمة أن تركع أمام آخرين أعمتهم رغبة النفوذ الإقليمى وسطوة المال فى صناعة أمجاد مزيفة على حساب مكانة مصر. حدث الأمس هو بيان إلى الناس أن الشعارات لا مكان لها وأن صناعة التاريخ الحقيقى تكون بالعمل والعرق وتضافر كل الجهود فى سبيل أهداف الوطن.. كان مشهد بدء العمل فى مشروع تنمية قناة السويس ونزول المعدات إلى الميدان فى لحظة إطلاق المشروع مبهجا وباعثا على الأمل، وإشارة إلى أنه ليس لدينا وقت نضيعه ومسئولية كبرى أكدها الرئيس عدة مرات فى تصميمه على الانتهاء من أعمال حفر القناة الجديدة فى عام واحد وليس ثلاث سنوات مثلما كان مقررا فى السابق. وتذكرت والرئيس يشدد على تنفيذ المشروع خلال عام واحد إجابته فى حوار سابق عن سؤالى عن الأغنية المفضلة لديه: بمقطع من أغنية عبدالحليم حافظ «بالأحضان يابلادنا يا غالية» «يجعل يومنا الواحد بكفاح أجيال». بقيت كلمة أخيرة أنه من حسن الطالع أن تطلق شرارة بدء مشروع قناة السويس الثانية والمشروعات العملاقة المصاحبة فى يوم عيد ميلاد صحيفة «الأهرام» ال 139 التى تتربع على عرش الصحافة العربية والتى كانت، ومازالت، شاهدا عملاقا على التاريخ المعاصر للمصريين، وهى الصحيفة التى أرخت لقناة السويس الأولى بعد سنوات قليلة من تدشينها، واليوم تؤرخ لقناة السويس الثانية ومحور التنمية الجديد وسوف نتابع فى الأيام القادمة المشروع العملاق وهو يعطى للأجيال الشابة الأمل فى مستقبل أفضل ويضع مصر على خريطة التقدم.. لمزيد من مقالات محمد عبد الهادى علام