عندما رأيت صور أطفال شبرا تلهو فى نافورة ميدان المؤسسة.. لم استكثر عليهم لعبهم وفرحتهم بالعيد، فهم فى النهاية أطفال ولم ولن أقول أن هذا يدمر الشكل الحضارى للميدان ومثل ذلك من الكلام الذى شبعنا منه.. ولم يخطر ببالى إلا شيء واحد فقط ألا وهو "هل استعد المصممون والمهندسون ومجلس المدينة لبناء هذه النافورة جيدا؟!" أى هل استعدوا بالتصميمات الخرسانية اللازمة لها؟!، ولنضرب مثلا بأبسط هذه الاستعدادات هو عدم تسرب الماء من النافورة إلى الشارع.. أى أبسط البديهيات. بنظرة بسيطة على الصور التى نشرت على الانترنت نرى أن النافورة تم تسرب الماء منها بعد فترة من إمتلائها.. ونتمنى ألا يكون هذا عيبا تصميما في النافورة، وأن تكون تلك المياه نظير تدافع الأطفال من وإلى النافورة. هذه الصور ذَكرتنى بأمر حدث عندنا فى مركز منيا القمح منذ عدة سنوات، وهو بالمناسبة أمر يحدث فى مدن أخرى كثيرة فى مصر، من أسوان إلى الإسكندرية.. والذى حدث تحديدا كان أمام رئاسة مجلس المدينة.. حين شرع المسئولون إلى بناء جزيرة من الطوب الفرعونى فى منتصف وفوق الطريق الإسفلتى المرصوف سلفا، ثم لم يكتفوا بالبناء، وقاموا بوضع الطمى والتراب فى منتصف الجزيرة ليزرعوا الحشائش وقليل من الشجيرات.. دون حتى أن يقوموا بفتح منفذ لجذور الشجيرات فى طبقة الإسفلت أو تكسيرها. أى أنهم قاموا بزراعة الإسفلت فى سابقة تاريخية إعجازية هى الأولى من نوعها فى العالم.. ولذلك كلما مررت على تلك الجزيرة كنت أرى المياه تخرج من عند أطرافها.. وأرى فى نفس الوقت الأشجار لا تنمو.. والحشائش يتحول لونها إلى اللون الأصفر. مرت الشهور ولم يبق إلا الشجر الصغير فى الجزيرة الوسطى.. ثم مرت الشهور مرة أخرى ليتم إزالة هذه الجزيرة.. لتكشفت عن الإسفلت القديم الذى كانوا قد بنوا فوقه من قبل.. هنا فقط نكتشف الحكمة الخالدة للمسئولين: "إن الإسفلت عندنا يصلح لأى شيء" .. للزراعة أو للبناء فوقه.. أو حتى إلى تحويله إلى أرضية نافورة عامة فى ميدان كبير. فهل عندك اسم لهذا العبث المنتشر فى مدن مصر؟ أنا عندي: منتهي الاستهتار.