رغم مرور 62 عاما بالتمام والكمال علي تفجر ثورة الثالث والعشرين من يوليو المجيدة (كما اعتدنا وصفها ) فمازالت تلك الثورة الأم لكل ثورات التحرر في المنطقة العربية وأفريقيا والعالم الثالث خصوصا و العالم اجمع عموما مستمرة ولما لا وهي مازالت تجاهد أعداءها لتحقيق كافة اهدافها وعلي رأس تلك الأهداف الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية حيث أجتمع ثالوث الأعداء الخارجيين والعملاء الداخليين والجهل والتخلف علي محاولة إفشالها لأنها لو نجحت فيما تصبو إليه ستتمكن ببساطة من نقل مصر وكل الدول التي اّمنت بالثورة المصرية الأم إلي مصاف الدول العظمي وتزيل الفوارق ليس فقط بين الأفراد ولكن بين الدول وبالتالي يتلاشي مصطلح "العوالم المختلفة " الذي نعيش فيه منذ قررالبعض ان يكون سيدا علي الآخرين . والحقيقة التي يجب التأكيدعليها لمن لايعلمها أو يتجاهلها عمدا هي انه لولا ثورة الثالث والعشرين من يوليو 1952 ماكانت ثورتا الخامس والعشرين من يناير 2011 والثلاثين من يوليو 2013 فقد كان السواد الأعظم ممن شاركوا في الثورتين من أبناء وأحفاد الذين استفادوا من السياسات التنويرية للثورة الأم وخاصة في مجال التعليم وجعله كالماء والهواء للمصريين وكذلك من توسعت مداركهم بفضل المشروعات الثقافية العملاقة التي يسرت حصول المواطن العادي علي الكتاب ولذا فأن السمات الشخصية لمن حملوا لواء ثورة يوليو وثورتي يناير ويونيو لاتتشابه فقط بل أنها تتطابق وأهمها الوطنية المفرطة والرغبة في رفعة الوطن وإرتقائه إلي المكانة التي يستحقها في مصاف الدول العظمي ولما لا ومصر هي " أم الدنيا" ويجب أن تبقي "اد الدنيا". ومع ان إنجازات ثورة يوليو تجعلنا دائما نشعر بالتقدير والأمتنان لها ولمن قاموا بها وعلي رأسهم الزعيم خالد الذكر جمال عبد الناصر إلا أن هذا لايمنعنا من قول الحقيقة وهي ان لها أخطاءا فادحة كما كانت لها إنجازات هائلة وهذا شيء طبيعي فالذي يعمل كثيرا يخطيء أم من لايعمل فلا يخطيء ولذا فإن من حق ثورة يوليو علينا ان نصوب أخطاءها فهي ليست أخطاء متعمدة ولكنها ناتجة عن فشل في التطبيق أو ضيق في الإمكانيات أو نقص في الخبرات ولايعني تصحيح تلك الأخطاء الإنقلاب علي يوليو بل تقويتها وإبقاء جذوتها مستعرة كما كانت يوم مولدها علي أيدي ضباط مصر الأحرار والرجل الذي أختاروه قائدا لهم رغم انه لم يشاركهم الحلم الثوري منذ البداية والذي تولد من مرارة الهزيمة في فلسطين عام 1948وهو اللواء محمد نجيب. ولقد كان تحقيق العدالة الإجتماعية هو الهدف الأول والأسمي لثورة يوليو 52 لأنها كانت وببساطة ثورة الفقراء والمعدومين ضد المستغلين والفاسدين وليس الأغنياء الوطنيين وماأكثرهم في مصرنا العظيمة ولذا جعلته نصب عينيها وشددت علي أهمية تحقيق العدالة الأجتماعية لكي تعود مصر للمصريين ولكن هذا الهدف ظل سرابا حتي هذه اللحظة لأسباب متعددة علي رأسها أستمرار مقاومة التحالف اللاوطني واللاشرعي للثورة منذ اللحظة الأولي لقيامها وحتي لحظة كتابة هذه السطور أي عبر رحلة من الفساد والمؤامرات يزيد عمرها عن عمر ثورة يوليو وكذلك وبصراحة شديدة جدا لأن الثورة وقعت في أخطاء نتجت عن قلة خبرة قادتها وتعاملهم بحسن نية مع أعداء الداخل وهم الأخطر في محور الشر الذي يواجه مصر منذ ميلاد الدولة المركزية الأقدم في تاريخ البشرية. وكان الخطأ الفادح الثاني الذي ارتكبه ثوار يوليو الأبرار هو القضاء علي الديمقراطية خلال سعيهم لتطهير البلاد من الفساد الحزبي الذي كان سائدا قبل 23 يوليو 52حيث وبدلا من ان يؤدي إلغاء الحياة الحزبية إلي إزالة البقع الصديدية المسماة الأحزاب الفاسدة والعميلة للأستعمار والملك إلي تكاتف الشعب بأكمله حول الدولة في رحلة بناء الوطن الجديد القديم تضخمت تلك البقع الصديدية وانفجرت علي كل الجسد الوطني لينتشر الفساد في كل مكان تحت زعم حماية الثورة وفي ظل التنظيمات الوريثة للأحزاب مثل الإتحاد الأشتراكي . وأجمل مافي رحلة إستعادة أهداف ثورة يوليو والتي بدأت في الثلاثين من يونيو 2013 بعد الإطاحة بأكبر أعدائها وهم الاخوان المسلمين هو ابن الجمالية عبد الفتاح السيسي الذي ولد في عام 1954 وهو العام الذي شهد سقوط مؤامرة الاخوان ضد زعيم الثورة جمال عبد الناصر بعد حادث المنشية الشهير وهو أيضا العام الذي تولي فيه جمال ليضع مصر في الصورة ..صورة الراية المنصورة .