لا يملك دعاة العصيان المدني, حتي إن حسنت نواياهم, منطقا صحيحا أو رشيدا يبرر خروجهم عن الإجماع الوطني للأمة التي ترفض بكل فئاتها وجميع قواها السياسية وغالبية منظماتها الأهلية والمدنية والدينية دعوة العصيان, وتعتبرها خروجا علي القانون ونوعا من الإكراه, تمارسه أقلية محدودة علي أغلبية الشعب المصري الذي ضاق ذرعا بصور عديدة من الفوضي والإنفلات الأمني, ودعوات المراهقة السياسية التي تهدد السلم الأهلي, وتدخل البلاد في متاهات جديدة تنذر بعواقب وخيمة, خاصة عندما تتعطل مصالح العباد وتتوقف عملية الإنتاج, ولا يصبح أمام مصر سوي أن تمد يدها للآخرين تطلب من الذين لا يستحقون ولا يأبهون العون والإنقاذ! ولا أظن أن مطلب عودة القوات المسلحة إلي ثكناتها وتسليم السلطة التنفيذية إلي الرئيس الجديد المنتخب بعد أن تم تسليم السلطة التشريعية إلي برلمان الثورة, يصلح لأن يكون ذريعة لنشر الفوضي بعد أن تم تحديد10 مارس موعدا لقبول ترشيح المتقدمين لإنتخابات الرئاسة!, ولا أظن أيضا أن هذا الموعد يمكن أن يكون موضع تشكيك من أي من الأطراف المعنية بإستثناء من في قلبهم مرض في ظل وجود برلمان منتخب ومجلس إستشاري توحدت مواقفهما حول مواعيد الإنتخابات الرئاسية, وأمة تتطلع بأكملها إلي الخروج من نفق المرحلة الإنتقالية ومشاكلها إلي نوع من الإستقرار الأمني, تقوم عليه دولة مدنية قانونية لا عسكرية ولا دينية تأخذ بالديمقراطية أسلوب حكم وحياة. والمؤسف أن تتم الدعوة إلي العصيان المدني العام بينما تخوض مصر معركة دفاع مشروع عن حقها في إستقلال القرار ضد الهيمنة الأمريكية التي تسعي إلي إستباحة نظامها السيادي والقانوني, تتطلب توحيد مواقف كل القوي الوطنية في الداخل لوضع الأمور في نصابها الصحيح, خاصة أن الإستقواء الأمريكي علي مصر يقابله تخاذل فاضح مع إسرائيل, ونكوص كامل عن كل الإلتزامات التي وعد بها الرئيس أوباما, أغلق أبواب التسوية السلمية العادلة لأزمة الشرق الأوسط.., أما القول بأن العصيان المدني حق مشروع للأفراد والجماعات شأنه شأن حق الإعتصام والإضراب وحرية التعبير فحق يراد به باطل, لأن الخط الفاصل بين المشروع وغير المشروع يتحدد في إطار الإرادة السياسية لغالبية الشعب وليس الخروج عن إجماعه الوطني الذي يعصف بسيادة القانون وحقوق الجماعة الوطنية ومصالح الوطن العليا. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد