لم تكد العائلة المكلومة تلملم جراحها وأحزانها في فقيدها الذي استشهد منذ أيام قليلة حتي كان القدر لها بالمرصاد لتقدم ذات العائلة شهيدا جديدا ضحي بدمائه الزكية الطاهرة من أجل الوطن ليصبح بذلك الشهيد الثالث الذي تضحي به القرية في خدمة الوطن وهو ما يؤكد أن هذه القرية تضرب أروع الأمثلة للتضحية وهو ما اعتادت عليه خلال الأشهر القليلة الماضية. حيث خرجت قرية عرب الجهمة والقري المجاورة لها بمركز القوصية بأسيوط في مشهد جنائزي مهيب لوداع الشهيد البطل المجند حسن حامد عليان أحد المجندين الذين استشهدوا في الحادث الإرهابي الجبان بالعريش منذ أيام ليظل الصعيد يدفع بفلذة أكباده وخيرة شبابه الذين يذودون عن أراضيه في كل مكان وموقع و لم يكد يمر أسبوعان علي وفاة المجند عبد الله ناجي كامل ابن عم الشهيد حسن في حادث ببني سويف والذي راح ضحيته أربعة مجندين في أثناء عودتهم من الخدمة حتي لحق به صديق العمر وابن العم الغالي والاخ والشقيق الشهيد حسن حامد والذي راح ينعيه بعد رحيله المفاجيء ويبكيه علي صفحته علي الفيس بوك وينشر صورته ولم يدر بخلده بانه سوف يرافقه خلف الثري بعد ايام وكأن شهيدا ينعي شهيدا وهو يتمني لو كان فداه هو بروحه وكان السماء قد استجابت لدعواته . الأهرام التقت أسرة الشهيد لتتعرف علي اللحظات الأخيرة في حياته... يقول حمادة عبد الجواد الجهمي ابن عم الشهيد: إن حسن التحق بالجيش في شهر أبريل الماضي ومنذ ان تم توزيعه لاداء الخدمة في سيناء وهو يهيئ أسرته لتلقي نبأ استشهاده في أي لحظة خصوصا حجم المخاطر التي يتعرضون لها هناك وأنه في آخر زيارة له منذ أيام عندما جاء لتشييع جثمان ابن عمه قال "احتسبه عند الله شهيدا وأتمني أن ألحق به وكان يردد دائما أنا هموت شهيد" وأضاف أن الشهيد كان قليل الكلام ومنذ نعومة أظفاره وكان يعمل لمساعدة والده المسن والذي تجاوز الثمانين من عمره وإن حسن هو الشهيد الثالث الذي تقدمه القرية في أقل من عام بعد استشهاد محمد عبد النبي عبد الرازق في رفح في سلاح الصاعقة . أما والده المكلوم والذي لا يزال يعاني أثر الصدمة فأكد أن ابنه قام هو وشقيقه الاكبر حمادة حامد والذي يخدم هو الاخر في صفوف القوات المسلحة الآن بفتح محل صغير للموبايلات بالقرية لينفقا منه علي نفسيهما وللمساعدة في تدبير نفقات الزواج وعندما طُلبا للتجنيد قاما بتلبية النداء وأغلقا المحل مضيفا أن ابنه كان يحلم بعد قضاء الخدمة بافتتاح محل ضخم للموبايلات ليمكنه من تجهيز عش الزوجية ولكن يد الغدر اغتالته. وبدموع متواصلة قالت اخته الكبري والتي رفضت الزواج وقررت التفرغ لتربية اخوتها ان الشهيد لم يكن أخاها وانما كان ابنها الذي يحنو عليها وانه في زيارته الأخيرة كانت عيناه مملوءة بالدموع وكأنها نظرات الوداع وإنهم ظنوا أن سبب الحزن هو فراق ابن عمه وصديقه منذ ايام ولكنني ادركت انه يودعنا مضيفة أنه في زيارته الاخيرة حاولت أن تعطيه مالا فبادرها قائلا أنا أموري مرتاحة المهم أنت واخواتي ولو انتو عايزين حاجة انا تحت أمركم. أما الام فلازالت في حالة من البكاء الهستيري الذي لم ينقطع لفراق فلذه الكبد والسند والحماية. المكالمة الحزينة وأضاف حمادة حامد شقيق الشهيد أنه عندما سمع عن عملية استشهاد جنود العريش شعر بأن ضربات قلبه تتزايد وشعر بالقلق الشديد علي أخيه فبدأ في الاتصال به دون جدوي حتي تلقي مكالمة من أحد الضباط الذين نقلوا نبأ استشهاده وان جثمانه قد وصل لمطار سوهاج. ومن جانبه أصدر اللواء ابراهيم حماد محافظ أسيوط قراراً باطلاق اسم المجند حسن حامد عليان خميس علي مدرسة عرب الجهمة الابتدائية الجديدة بمسقط رأسه بقرية عرب الجهمة.