عن المقداد رضى الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يديه،وإن نبى الله داود رضى الله عنه كان يأكل من عمل يده» رواه البخارى. إن الإسلام هو دين العمل،وقد حث الله تعالى المسلمين عليه،وذلل لهم الأرض، ليمشوا فى مناكبها، قال تعالى:«هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور». و يقول الدكتور عطية مصطفى استاذ الثقافة الاسلامية بجامعة الازهر، إن الحديث الذى معنا يرفع من قيمة العمل، ويبين منزلته السامية فى الإسلام، والمراد من الحديث أن كل أنواع الانتفاع من المال الذى يحصل عليه الإنسان من عمل يديه، وليس المراد تخصيص الأكل بالذات، إلا أنه نص على الأكل، وخصه بالذكر، لأنه أظهر وجوه الانتفاع وأهمها. واشار الى ان الخيرية المقصودة فى قوله:«خيرا من أن يأكل من عمل يده» تكون فى الدنيا، وفى الآخرة، أما فى الدنيا:فإن النفع يعود على العامل، وعلى غيره ممن يصل إليه نفعه، كما أن الإنسان بالعمل يحفظ ماء وجهه، ويصون كرامته الإنسانية من المذلة لإنسان آخر، أما فى الآخرة:فبما يحصله من ثواب عظيم وأمر كريم، حيث استجاب لله ورسوله، فسعى فى الحياة،وحظى بشرف العمل ومثوبته. واوضح ان العمل يشمل أنواعا كثيرة دعا إليها الدين، فهناك العمل الزراعى،وفيه يقول الله تعالى:«وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون«، وهناك العمل التجارى، قال تعالى» وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون فى الأسواق«، وهناك العمل الصناعى قال الله تعالى «واصنع الفلك بأعيننا ووحينا«، وكما وجه الإسلام إلى الانتفاع بخيرات الأرض،وجه إلى الانتفاع بخيرات البحر، فقال تعالى:بوهو الذى سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا».