فى هذا العصر الجديد الجاد مااحوجنا للاصلاح فهو البنية الاساسية لكل انجاز، ومن الامور المسلم بها ان التنمية لايمكن ان تحدث ويلمسها المواطن فى حياته العملية والحياتية فى ظل فساد او ظلم او قهر او يأس لانها تعنى غياب العدالة كما تصبح كل معالم الحرية والديمقراطية زائفة. والمسئولون نوعان، النوع الاول يرى الفساد والظلم وغياب العدالة ويؤثر السلامة ويتعايش معها ولا يلمسها ويقرر أن يقضى فترته بلا مشكلات، ولا يقترب أبدا من عش الدبابير أو بيوت الثعابين وبالتالى يحرص دائما فى قراراته على ألا تلدغه الثعابين أو الدبابير، وحتى يكون فى مأمن من شرورهم ويرضى عنه اصحاب المصالح فيدافعوا عنه وعن أخطائه ويعملون على استمراره فى موقعه ويترسخ فى ذهن المسئول ان الفاسدين اقوياء ينفعونه بينما الغلابة واصحاب المظالم وإن كانوا يكرهونه فأنهم غير قادرين على ان يضروه ويظل يرى مايرى دون فعل او اجراء ويستمر فى موقعه محميا بهؤلاء الفاسدين الاقوياء فتظل الحال على ماهى عليه دون تغيير وفى هذا الجانب تكون التنمية والتطوير فى ولايته غائبة لا أثر لها فى دائرة التصريحات. والنوع الثانى من المسئولين يقتحم المشاكل ويطهر السراديب من الثعابين والدبابير مراعاة للصالح العام ولا يبالي، ولكن للاسف يكون الصدام مع اصحاب المصالح قويا وعنيفا والغلابة يراقبون بالامتنان الصامت ولا أكثر، ويرى أصحاب المصالح أن هذا المسئول ليس صديقا لمملكتهم وتبدأ المؤامرات والخطط لتعطيله وتطفيشه وتقليب السلطة العليا عليه. وبحكم ان الفاسدين قوة فى كل المواقع فأنهم فى غالب الاحوال ينجحون فى ابعاده بالعديد من الوسائل والطرق ليكون هذا المسئول عبرة لغيره او من يأتى من بعده ليؤثر السلامة مالم يكن انتحاريا آخر. ومعركة الاصلاح والتغيير من الطبيعى ان يكون فيها صخب يطلق عليها اصحاب المصالح انها إثارة للمشاكل فتنجح خططهم من منطلق ان الفساد قوة واستقرار على اوضاع من صنعهم تكتسب فيها مصالحهم ارضا جديدة وجولات جديدة مع مسئول آخر وتكون التنمية هي الضحية الحقيقية لهذا الشعار، فالتنمية لا يمكن أن تتم بلا إصلاح، فهو البنية الاساسية علي أرض الواقع وضمان لتحقيقها ليتم البناء على اسس علمية ومجتمعية صالحة. والطريق الوحيد ان يكون المسئول ملزما من الدولة حتى ولو كان ملتزما بشخصه لتحقيق أهداف وزارته أو هيئة أيا كان نوعها أو حالها أو واقعها. كما يجب ألا يتمتع المسئول بحرية الاختيار فى الاداء بشكل مطلق فلا يكون امامه الا طريق الاصلاح وان يكون حريصا فى ان يكون القدوة والمثل لمن هم تحت ولايته فيسلكون نفس سلوكه اذا كانت الدولة تدعمه وتراه. وتصادم المصالح لا يقتصر على التصادم مع المسئول الذى قرر ان يسلك طريق الاصلاح بل ان أصحاب المصالح أنفسهم يتصادمون عندما تقع مصلحتهم تحت طائلة قرار يتعارض مع مصلحة بعضهم ولا يتعارض مع مصالح آخرين وتكون نتيجته ان يتهم المسئول انه مع فريق وضد آخر وكأن المصالح لا تكون إلا لهذا الفريق أو ذاك الفريق ويتناسون ان المصلحة العامة يجب أن تكون وراء كل قرار ودون النظر لمن هو الفائز ومن هو الخاسر لان المصلحة العامة هى فى مصلحة كل الاطراف ان لم يكن بطريقة مباشرة، فبطريقة غير مباشرة أو إن لم تكن على المدى القصير فهى لابد أن تكون على المدى الطويل. وصراع المصالح هدر لوقت الدولة واستنزاف لطاقة المسئول فيما لا يدعم أو يفرغ المسئول لبرامج التنمية والتطوير، ولكن الاصلاح أساسى لكل بناء وتنمية فالتخطيط للاصلاح والتنفيذ والمتابعة بمهام لابد أن يكلف بها المسئول ويعطى تقارير بشأنها تتابع وتراقب وتقيم شأنها شأن البرامج ذاتها. والتغيير فى القيادات وفى أماكنها إحدى وسائل الاصلاح لان البقاء فى الوظيفة وفى نفس الموقع لفترات طويله أحد أسباب الفساد منه أو ممن حوله ان لم يكن بشكل مؤكد فهو عالى الاحتمال ومن أهم آليات الاصلاح الحسم والبتر والقرار المناسب فى وقته دون خوف أو اهتزاز ليعمل الجميع تحت الشعور بأنه لا تهاون فى مقاومة الفساد والفاسدين. والدولة يجب أن تعطى اهتماما واضحا بالاصلاح والتغيير، وأن يلمس المواطن بنفسه أنها جادةفى ذلك والعدالة أهم ما يجب أن يشعر به المواطن كحقيقة وليس شعارا فقد سئم الشعارات وعلى مدى السنوات. والفساد يكبر وينمو كما تنمو الوحوش إذا ترك بلا مواجهة عندها يصبح أكثر شراسة واكبر ضررا على الوطن وعلى المواطن بل يلتهم الوطن والمواطن، ومقاومة الفساد تحتاج خبرة ومهارة يجب ألا تترك للمسئول دون ما يكون هناك توعية من خلال حلقات وبرامج نقاشية على كل المستويات عن كيفية مقاومة الفساد ومواجهة تكتيكاته ووسائله الظاهرة والباطنة والملتوية فى أغلب أحيانها ولا تظهر صراحة إلا عندما تشتد معركة الاصلاح فتظهر صريحة لانها بالنسبة للفاسدين اما ان تكون مبعث الحياة او طريقا للموت. والخلاصة أن الفساد بكل صوره مازال موجودا ويشتد وفى معظم الاماكن فلا تتركوا المسئولين يحاربون معركته فرادى دون دعم من الدولة مهما حاول أصحاب المصالح الخاصة من تدميرهم وإبعادهم إما بمزيد من الفساد او باختلاق المشاكل والمعارك الوهمية لكى تطيح بهذا المسئول بكل الحجج والبراهين الزائفة التى تجدصدى لدى رؤسائه فتخسر الدولة رجالها الذين يحاولون الاصلاح او عازمون عليه ويتمثل دعم الدولة فى تشجيع من يواجه الفساد واستبعاد من يثبت فسادهم واشعار الفاسدين انهم تحت رؤيتها من خلال اجهزتها الرقابية بشكل دائم وان الصدام مع المسئول الذى يحاول ان يصلح لن تكون أبدا فى صالحهم. نؤكد انه لا تنمية فى ظل فساد وبلا محاولات لدحره وإصلاح ما أفسده وبالتالى فإن تركه يضر بالحاضر ويفتك بالمستقبل وفى كل المجالات وعلى وجه اليقين. وزير الصناعة والتجارة الأسبق لمزيد من مقالات محمود عيسى