ها هي أمريكا تطل علينا من جديد للمرة المليون بعد المليون بوجهها الحقيقي الذي لم تفلح قوتها الناعمة في تمشيطه أوإخفاء ملامحه الحقيقية, ولوحت بالعصا في وجه مصر وأخفت الجزرة سيئة السمعة. أو ما يطلق عليها المساعدات الاقتصادية الأمريكية التي أسقتنا المر والعلقم حتي تجرعناه, وأصبحنا ندعو الله أن تنقطع هذه المذلات وليس المساعدات, وهاهم زعماء الشيوخ في المجلس الأمريكي يتهددون ويتوعدون مصر بقطع المعونة وياليتهم يفعلون ويا ليتنا نفيق ونتعلم ونكف عن الاعتماد علي الغير وأن نعتمدعلي مصادر قوتنا, وهي ليست بالقليل. كنت في بداية مقالاتي عن تجربة محمد يونس مؤسس بنك الفقراءفي بلده بنجلاديش قد أوضحت هدفي من عرض التجربة علي شعب مصر, وهي ألا نقترض من الخارج, ولتبني مصر بسواعد المصريين. لقد بدأ محمد يونس بإقراض إمرأة من ماله الخاص مبلغا زهيدا جدا واليوم يقدم المساعدة لتعليم أجيال كاملة من الأطفال, وبفضل القروض التي يمنحها البنك تمكنت النساء من العمل وهن في منازلهن بعدما كن يتسولن في الشوارع. إن محاربة الفقر تعتمد أساسا علي إرادة الشعوب والتخطيط السليم والسياسات النافذة وليس علي الإقتراض من الخارج. لقد إستطاع محمد يونس بفضل إصراره وإخلاصه لوطنه وبالإعتماد علي الموارد المحلية وقدرات البشر في بلده مهما بلغت من الضعف أن يوفر الآن أجهزة محمول متصلة بالإنترنت للمقترضات من بنك الفقراء, وفي مارس من عام2003 كان هناك أكثر من25 ألف سيدة تسمي سيدة الهاتف في قري بنجلاديش. الآن يحتشدون للإشادة بنجاح الملايين من النساء ذوات العزيمة القوية والإصرار اللاتي تمكن من تحويل مسار حياتهن من الفقر والذل إلي وضع العزة والحياة بكرامة بمساعدة برنامج القروض متناهية الصغر. أقول لشباب النيل أنتم من سينقذ مصر من كبوتها ويحميها ممن يحاول تركيعها أو إذلالها لاسمح الله, وكما نجحتم مع بقية الشعب في إزاحة نظام كان من أعتي الأنظمة المستبدة, فستنجحون في ثورة أخري من إزاحة الفقر بالاعتماد علي أنفسنا وحث الحكومة علي رفض المساعدات المذلة, وليتقدم كل من لديه فكرة مشروع للنهضة, اثبتوا للعالم أنكم قادرون علي بنائها من عرقكم وكفاحكم, فهل بمقدور أحد في مصر أن يقتنع بإمكان تحقيق قفزة واسعة بقدر الهوة السحيقة المراد لمصر أن تستقر فيها ؟ علي المصريين الآن وقبل فوات الأوان أن يتحدوا الواقع المؤلم الذي نعيشه جميعا وأن يخلوا ساحات التظاهر ويعمروا الصحراء ويأكلوا من كدهم. وكما قال الكاتب العظيم الراحل خالد محمد خالد فلنحمل روح الرواد ولنبحث عن الدروب التي لم يطرقها أحد, ولنجعل مناط سعينا مالم يفعله أحد من قبل. المزيد من أعمدة سهيلة نظمى