فى أجواء رمضان الروحانية ليس صعبا على كثيرين أن يتفكروا فى خلق الله.. فى الحِكم التى تنتشر فى كل ما يحيط بنا وما حولنا.. قال الله سبحانه وتعالى "وَفِيۤ أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ".. أى أن هناك أشياء كثيرة فى نفسك لماذا لا تبصر إليها وتتفكر فيها؟!.. خاصة مع شهر رمضان المعظم. خذ عندك مثلا.. فى كل مرة أتوضأ فيها وحين أصل إلى وضع الماء فى فمى.. أتفكر وأسرح طويلا.. هل الصوم جاء ليمنعنا من الشرب والأكل أم جاء ليمنعنا عن فعل المعاصي والذنوب؟!.. أم كلاهما؟! .. رغم أن الإجابة منطقية.. إلا أن التفكر ثم القطرات التى أضعها فى فمى ترغمنى على القول الثانى مع الإمتثال للأمر الأول.. أو بمعنى أدق هذه القطرات الصغيرة تغرقنى فى التفكر بأن الله سبحانه وتعالى ما جعل الصيام لمنع الطعام والشراب فقط.. ذلك لأن دخول هذه القطرات الصغيرة فى الفم في كل يوم من الصيام لهى أكبر دليل على أن الصيام لم يجئ ليمنعنا عن الشراب فقط.. لأن هذه القطرات تسقينا بمجرد أن تمر على الغدة الموجودة بداخل الفم للمضمضة ثلاث مرات فى كل وضوء.. أو على الأقل تسقى الغدة وبالتالى يشعر الجسم بأنه ليس فى حاجة إلى المياه لفترة ما.. ولا يقتصر الوضوء والمضمضة على مرة واحدة فى اليوم وإنما قد نكررها أكثر من مرة فى اليوم الواحد وخاصة ونحن صائمون. والتفكر يقول لى طالما أن المياه تمتلئ فى الفم لماذا لا نترك المضمضة ورعا أو خوفا من دخول المياه إلى الفم أم نمسح على الشفاة خارجيا فقط ؟! هل ينهانا الإسلام عن المضمضة فى الصيام؟!.. بالطبع لا.. ولكنه ينهانا عن المبالغة فيها.. وينهانا العلماء عن الركون إلى وساوس الشيطان التى تقول لنا لا تدخل الماء فى فمك.. وينهانا الاسلام عن الاكتفاء بالمسح على الشفاة فقط وفى تفسير أحد العلماء: "شرعت المضمضة في الوضوء والغسل، فلابد من المضمضة، ولا يجوز الاكتفاء بالمسح على الشفة، بل يجب أن يتمضمض الإنسان ثم يريق الماء من فمه، كما يستنشق أيضًا، ووجود الماء في فمه لا يضر صومه، ولا يخل به، ولكن عليه أن يمج الماء، لا يبلعه، يمج الماء إذا كان صائمًا، أما الوساوس فيجب الحذر منها والتعوذ بالله من الشيطان، والريق لا يضر الصائم، ريق الصائم لا يضره، كون المؤمن يتحرج من المضمضة من أجل الصوم هذا غلط كبير؛ جهل، فالمسلم يتمضمض ويستنشق، ويحذر ما حرم الله عليه من ابتلاع الماء، أو المبالغة الذي يوصل الماء إلى جوفه، وبهذا فالمسح على الفم لا يجزئ عن المضمضة ولا يجوز" وأتفكر أيضا فى أن الإسلام لم يكتف بأمرنا بالمضمضة فى الصيام، ولكنه نهانا أيضا عن المبالغة فى إخراج الريق الذى نتج عن تلك المضمضة. كم أنت كريم يا الله فى أحكامك وأوامرك ونواهيك.. "يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر".. فالحمد لله. [email protected] لمزيد من مقالات أحمد سعيد طنطاوى