امتدت علاقتى بالإعلامى الكبير والإذاعى القدير الأستاذ وجدى الحكيم لأكثر من أربعين عاما مضت وتوثقت أكثر بمناسبة انتصار اكتوبر 73 ودوره الوطنى فى توثيق هذا الانتصار من خلال أغنيات وأناشيد وطنية أبدعها كبار الشعراء وأساطين الموسيقى وتغنى بها نجوم الغناء فى مصر والوطن العربى عندما كان يشغل منصب مراقب الموسيقى والغناء أثناء المعركة لتتواكب مع أكبر انتصار فى تاريخ العسكرية المصرية وكان للعلاقات الوثيقة التى تربط وجدى الحكيم بكبار الشعراء والملحنين دورها الهام فى تقديم هذه الأعمال الوطنية بدون مقابل للإذاعة تبرعا منهم للوطن الذى أعطاهم الكثير.. وجاء الوقت لكى يردوا له الجميل فى ابداع أعمال رائدة تجسد هذا الانتصار بعد أن تبين لهم عدم وجود ميزانية لانتاج هذه الأعمال.. فتسابقوا جميعا على تسجيلها عن طِيب خاطر ايمانا منهم بدورهم الوطنى ومشاركة الدولة فى هذه المهمة الوطنية.. ولم تقف علاقة الحكيم الوثيقة بأساطين الموسيقى الكبار الذين أحبوه وأحبهم من أمثال السنباطى وعبدالوهاب والطويل والموجى وبليغ والشريف وصدقى وغيرهم.. بل امتدت إلى رموز رجال الفكر والأدب والثقافة الذين كان يلتقى بهم فى صالون توفيق الحكم الأسبوعى من أمثال نجيب محفوظ وأنيس منصور ويوسف ادريس وزكى نجيب ويوسف جوهر وثروت أباظة وغيرهم.. ويجلس معهم بعد انتهاء الصالون ويجرى معهم حواراته البناءة فى برامجه المتنوعة وخاصة «منتهى الصراحة».. الذى وصلت أصداؤه إلى الوطن العربى كله وأصبح مثلا تحتذى به كل الإذاعات العربية. وأذكر وكنت قريبا من الحكيم علاقته الطيبة بالشعراء العرب الذين تغنت أم كلثوم بأعمالهم إلى جانب الشعراء المصرين ادراكا منه بأن ذلك يسهم فى دعم العلاقات المصرية العربية.. وأعرض فى هذا المقال بعض المواقف كشاهد عيان لدور الحكيم الوطنى فى تسجيل أعمال أكتوبر 73 وموافقة الانسانية مع أصدقائه نجوم الفن الذين اقترب منهم واقتربوا منه.. وذلك على النحو التالي: 1 بليغ وانتصار اكتوبر: شاءت الظروف أن أكون أمام باب «4» بمبنى ماسبيرو مساء 6 اكتوبر عندما جاء بليغ حمدى مسرعا بعد سماعه قرار العبور لتسجيل أغنيات النصر.. وحالات الإجراءات الأمنية دون دخوله المبنى وطلب منهم الاتصال بصديقه وجدى الحكيم الذى جاءه مسرعا.. ولم يكن أمامه سوى ابلاغ د.عبدالقادر حاتم وزير الإعلام باصرار بليغ على الدخول.. فوافق على ذلك وسجل لحنه الأول الذى استوحاه من هتاف الجنود اثناء العبور.. وكان «اللَّه أكبر.. باسم اللَّه».. كلمات الشاعر عبدالرحيم منصور ثم اتصلت الفنانة وردة بالحكيم لإبلاغه أنها جاهزة بأغنيتها الجديدة «أنا ع الربابة بغني».. لنفس المؤلف وسجلتها فى نفس الليلة. 2 توفيق الحكيم وافتتاحية الأهرام: فى اليوم التالى لنصر اكتوبر قرأ وجدى الحكيم افتتاحية الأهرام بعنوان «عبرنا الهزيمة».. بقلم توفيق الحكيم وأسرع إلى بليغ فى الاستوديو الذى قرأها له فكلف عبدالرحيم منصور بتحويلها إلى أغنية يقول مطلعها :«عبرنا الهزيمة يا مصر يا عظيمة.. باسمك يا بلادى تشتد العزيمة» وغنتها شادية .. وجاء الدور على الموسيقار على اسماعيل الذى جاءه ومعه شريط أغنية «راجعين رافعين رايات النصر».. وتمت اذاعتها فورا. 3 أما المواقف الانسانية.. فأذكر منها كشاهد عيان عندما اشتد المرض على بليغ حمدى وفارق الحياة وهو فى الغربة.. كان الحكيم فى مقدمة من حملوا نعش الفقيد إلى مثواه الأخير. وأذكر له أيضا مرافقته لجثمان الفنانة القديرة وردة إلى الجزائر وتقديم العزاء إلى أسرتها وعودته فى نفس الليلة إلى مصر. لمزيد من مقالات مصطفى الضمرانى