اغضب وعبر عما يجيش في صدرك.. تقاسم غضبك مع من يجاورك فالكل أصبح غاضبا.. ثر فالجميع باتوا ثائرين فما يحدث أصبح أمرا لا يحتمل.. ولكن لتبق كما كنت نبيلا في غضبك.. حضاريا في ثورتك.. ولتبدل علم الوطن في يدك بتلك الزجاجة التي تعتزم رشقها في مبني من ممتلكاتك لتحرقه..!!.. أصرخ مطالبا بإسقاط وتطهير بقايا نظام سقطت رأسه وتأكد أن التطهير لا يقوم علي تصفية حسابات تسترجعها من الماضي.. إدع للعمل لا للإضراب فالعصيان بداية الصعود إلي تدمير الوطن.. ونحن أصبحنا في أشد الحاجة للبناء لا للهدم وبالتأكيد فإن الطريق إليه لا يبدأ إطلاقا بقذف الأحجار..! نعم نتفق جميعا علي أن أيام عام بالكامل مرت دون أن تختم أهداف ثورة قادها شباب متحضر نبيل بخاتم تمت بحمد الله.. غير أنه في نفس الوقت مرت مياه كثيرة في نهر الوطن.. وإذا اتفقنا علي أن باق الكثير من أهداف الثورة في انتظار التحقق فإنه من المؤكد أن رشق مبني وإحراق آخر والدعوة إلي هدم مؤسسات الدولة من خلال العصيان المدني ليس هو الطريق الصحيح لإكمال أهداف ثورة رفعت شعار سلمية.. سلمية ونجحت في أن تحدث تغييرا جذريا في شخصية مواطن دفعه انشغاله بالبحث عن لقمة العيش إلي الاستسلام لما كان يجري له علي مدي عهود ماضية!! بعد أقل من شهر من نجاح الثورة في إسقاط رأس النظام بدأت فئات المجتمع المختلفة عصيانها: احتجاجات.. إضرابات..اعتصامات بسبب مطالب فئوية نتفق جميعا علي شرعيتها ولكننا نختلف علي توقيتاتها.. فأي عصيان أكثر من ذلك يدعو إليه البعض في وقت جري فيه تجريف نصف الاحتياطي النقدي الأجنبي إضافة إلي نزيف الخسائر اليومية ؟!! الاحتجاج علي تباطؤ محاكمات رموز عهد سقط لا يتسع لخلط سلطات الدولة والتدخل في شئون القضاء.. وإعادة هيكلة الداخلية لا يعني علي الإطلاق الانتقام من شخوصها فبالتأكيد هناك الكثير منهم وطنيون.. والإحتجاج علي أمن الدولة لا يعني هدم المؤسسة بالكامل.. ورفض الحكم العسكري لا تترجمه محاولات كسر أو شرخ درع الوطن..!! غياب الأمن يزرع الخوف في النفوس ويقتلع منها الأمل.. وهدم اقتصاد وطن سيدفن تحت أنقاضه بالتأكيد ملايين من أبنائه.. وإشعال الحرائق في مؤسسات الدولة سيؤدي إلي انهيار هيبتها ووقتها سندفع جميعا الثمن دون استثناء.. فالفرصة ستتاح كاملة سواء أمام أفراد أو جماعات لأن تتقدم الصفوف وترفع لواء البديل عن الدولة..! وإذا كانت تجربة ما جري في يوم افتتاح دورة برلمان الثورة عندما تقدم شباب جماعة الإخوان المسلمين ليشيدوا جدارا بشريا بين النواب ومجموعات من المحتجين والمتظاهرين كادت تنتهي بمأساة دامية في نهاية اليوم بعد أن استخدمت فيه العصي الكهربائية علي سبيل التجربة فإن تلميح الدكتور البيومي نائب المرشد العام للجماعة بالاستعانة بلجان شعبية من شباب الجماعة إذا ما ساءت الأمور أكثر من ذلك علي حد تعبيره الخاص- قد أثار مخاوف الكثيرين من أن هذا التلميح يعد إكمالا لأوراق ترخيص تشكيل ميليشيات للإخوان تقدم البديل لمؤسسات الدولة الأمنية. في النهاية لنتفق جميعا علي أن هيبة الدولة تتحقق عندما تنجح في نشر الأمن والأمان.. عندما تعيد صياغة حياة المواطن بصيغة أفضل.. عندما تكون قادرة علي مواجهة أي إنفلات يهدد استقرارها.. عندما تعيد الحق لصاحبه.. عندما يصبح الجميع سواسية أمام القانون.. فلنعمل جميعا علي إتاحة الفرصة أمام مؤسساتها لأن تكون كما نرغبها: عادلة.. محايدة.. تقف علي مسافات متساوية من جميع أبنائها.. ودون ذلك يصبح البديل مرعبا.. فالإقصاء.. والنفي.. والمواجهات.. والفرقة سيكون هو مصيرنا المحتوم ووقتها لن ينجح مليون مينا- موحد القطرين- في إعادة توحيدنا مرة أخري!!. [email protected] المزيد من مقالات عبدالعظيم درويش