فى ختام هذه الإطلالة الخاطفة حول أهمية تجديد وترشيد الخطاب الدينى أعتقد أن جوهر المطلوب تجديده وترشيده يتعلق بضرورة إفهام عامة المسلمين حقيقة حدود المسئولية فى الإسلام لوقف موجات الاندفاع العاطفى وراء كافة الشعارات الزائفة والمضللة التى يطلقها الخوارج من أجل استغلال حماس المسلمين لكل ما يمت للدين بصلة حتى لو كانت هذه الشعارات الزائفة والمضللة تقود إلى الفتنة وتؤدى إلى ارتكاب جرائم وآثام تحرق الأمة وتشعل الحروب والصراعات بين أبناء الوطن الواحد . بوضوح شديد أقول: إننا بحاجة إلى خطاب دينى يؤكد جوهر وروح الشريعة الإسلامية بأنه ليس لأى إنسان أن يزعم لنفسه أنه يحكم الناس لينزلهم على حكم الله وأنه المسئول عن إقامة حدود الله لأنه بذلك يدعى لنفسه تفويضا لم يمنحه الله إلا للرسول عليه الصلاة والسلام المكلف وحده بأن ينزل الناس على حكم الله باعتباره المشرع للأمة وليس كل من سيأتى بعده له من التمكين الإلهى الذى يمنحه تفويضا بإنزال الناس على حكم الله. أتحدث عن خطاب دينى يكشف ويعرى كافة المدعين الذين يرفعون هذه الأيام شعارات «الحكم بما أنزل الله وإقامة حدود الله وأن الحكم إلا لله» ويخفون وراءها أهدافا سياسية فمثل هؤلاء المدعين يرددون كلمة حق يراد بها باطل لأن ما أنزل الله هو كافة ما أنزله الله فى القرآن من تفاصيل العبادات والمعاملات والقصص والأمثال وغير ذلك مما حوته آيات القرآن وبينته السنة النبوية ليهتدى بها المؤمنون... وهو تكليف واقع على كل نفس على حدة «حاكما أو محكوما» حيث لا وصاية لمسلم على مسلم فيها والجميع محاسبون أمام المولى عز وجل وحده. ثم «إن الحكم إلا لله» جاءت فى القرآن بمعنى أن الحكم لله فيما قضاه وقدره على عباده من تصاريف إلهية والذى لا علاقة له بالحكم الدنيوى فى صورة قوانين وشعارات... ونسأل الله الهداية للجميع وأن يكون ما قلته اجتهادا فى هذه السلسة من المقالات صوابا... واللهم أنى صائم. خير الكلام: العاقل يدفئ نفسه بالنار والأحمق يحرق نفسه بها.! لمزيد من مقالات مرسى عطا الله