عاجل | أسعار الذهب في مصر اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر.. أرقام قياسية يحققها المعدن الأصفر    أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    بعد ليلة دامية، القوات السورية والفصائل الكردية تتوصل إلى اتفاق في حلب    مشيرة إسماعيل: عشت أجواء حرب أكتوبر وسط الجنود على الجبهة وحضرت كل المعارك من تاني يوم (فيديو)    ماجد الكدواني: شخصيتي في «فيها إيه يعني» تشبهني.. إنسان عاوز يرضي الكل    هل يمكن ل غادة عادل الدخول في قصة حب جديدة؟.. الفنانة ترد    استطلاعات رأي: غالبية الفرنسيين يؤيدون استقالة ماكرون من منصبه    بعثة منتخب مصر تصل إلى المغرب لمواجهة جيبوتي في تصفيات كأس العالم (صور)    «بعد 3 ماتشات في الدوري».. إبراهيم سعيد: الغرور أصاب الزمالك واحتفلوا بالدوري مبكرا    أبو ريدة يصل المغرب ويستقبل بعثة منتخب مصر استعدادًا لمواجهة جيبوتي    بلاغ كاذب.. حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بناهيا | صور    تحميل التقييمات الأسبوعية 2025-2026 لجميع المراحل الدراسية (PDF).. رابط مباشر    بعد تغيير أسعار الفائدة.. أعلى عائد على شهادات الادخار المتاحة حاليًا بالبنوك (تفاصيل)    وزيرة التخطيط: هدفنا تحسين جودة حياة المواطن.. وسقف الاستثمارات الحكومية رفع مساهمة القطاع الخاص ل57%    نائب رئيس حزب المؤتمر: الشراكة المصرية السعودية ركيزة استقرار الشرق الأوسط    «وهم».. عرض جديد يضيء خشبة المعهد العالي للفنون المسرحية ضمن مهرجان نقابة المهن التمثيلية    جريمة في قلب التاريخ.. سرقة لوحة أثرية من سقارة بطريقة غامضة    ترامب يُعلن عن مفاوضات مع الديمقراطيين لإنهاء الإغلاق الحكومي في البلاد    قرار جديد بشأن البلوجر دونا محمد بتهمة نشر فيديوهات خادشة    تحرك أمني عاجل بعد بلاغ وجود أطفال داخل ماسورة غاز في الجيزة (صور)    توتر متجدد بين موسكو وواشنطن بعد تصريحات ترامب حول تسليح أوكرانيا    النيابة الإدارية تُهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات أكتوبر    منسيات 6 أكتوبر .. الاحتفاء بالفريق "الشاذلي" يُنسب إلى "مرسي" و"المزرعة الصينية" تفتقد القائد "عبد رب النبي حافظ"    التموين: صادرات السكر البني إلى دول الكوميسا بلغت 40 ألف طن العام الماضي    البيت الأبيض يرفض تأكيد أو نفي إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا    أيمن عاشور: خالد العناني أول عربي يفوز بمنصب المدير العام لليونسكو بتصويت غير مسبوق منذ 80 عاماً    «أكتوبر صوت النصر».. الجيزة تحتفل بذكرى الانتصار ال52 بروح وطنية في مراكز الشباب    الأهلي يكافئ الشحات بعقده الجديد    اشتغالة تطوير الإعلام!    تسليم التابلت لطلاب أولى ثانوي 2025-2026.. تعرف على رسوم التأمين وخطوات الاستلام    محافظ الفيوم يشهد احتفالية الذكرى ال52 لانتصارات أكتوبر المجيدة    حزب "المصريين": كلمة السيسي في ذكرى نصر أكتوبر اتسمت بقوة التأثير وعمق الرسالة    «عيدك في الجنة يا نور عيني».. الناجية من«جريمة نبروه» تحيي ذكرى ميلاد ابنة زوجها برسالة مؤثرة    هدد خطيبته بنشر صورها على الواتساب.. السجن عامين مع الغرامة لشاب في قنا    بالصور.. إزالة 500 حالة إشغال بشارعي اللبيني والمريوطية فيصل    شواطئ مطروح ليلة اكتمال القمر وطقس معتدل    أسعار الحديد في أسيوط اليوم الثلاثاء 7102025    وثائقي أمريكي يكشف أسرار حرب أكتوبر: تفاصيل نجاح استراتيجية السادات في خداع إسرائيل وانهيار أسطورة «الجيش الذي لا يُقهر»    روسيا: إسقاط 8 مسيّرات وصواريخ أوكرانية في هجمات ليلية    عيار 21 الآن يسجل رقمًا قياسيًا جديدًا.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 7-10-2025 في الصاغة    سعر الأرز والسكر والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    تعرف على موعد بدء تدريبات المعلمين الجدد ضمن مسابقة 30 الف معلم بقنا    بعض الأخبار سيئة.. حظ برج الدلو اليوم 7 أكتوبر    إنعام محمد على: مسلسل «أم كلثوم» كان معركة مع الشكوك والهجوم.. وصابرين انتصرت في أصعب اختبار    نائب وزير الصحة يحيل الطاقم الإداري بمستشفى كفر الشيخ للتحقيق    «هيفضل طازة ومش هيسود طول السنة».. أفضل طريقة لتخزين الرمان    ميثاق حقوق طفل السكر.. وعن سلامة صحة الأطفال    بمكونات في المنزل.. خطوات فعالة لتنظيف شباك المطبخ    ميدو: صلاح يتعرض لحملة شرسة لتشويه صورته    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يخوض مرانه الأول بالمغرب    الصباحي يوضح قانونية تغيير مسدد ركلة الجزاء بعد قرار الإعادة    مواقيت الصلاه غدا الثلاثاء 7 اكتوبر 2025فى المنيا.....تعرف عليها بدقه    للمرأة الحامل، أطعمة مهدئة للمعدة تناوليها بعد التقيؤ    هل الزواج العُرفي يكون شرعيًا حال اكتمال جميع الشروط؟.. نقيب المأذونين يوضح    أمين الفتوى: وحدة الصف والوعي بقيمة الوطن هما سر النصر في أكتوبر المجيد    هاني تمام: حب الوطن من الإيمان وحسن التخطيط والثقة بالله سر النصر في أكتوبر    هل يحق للزوج الحصول على أموال زوجته؟.. أمين الفتوى يجيب    حوار| من الطائرة الانتحارية إلى صيحات النصر.. بطل الصاعقة يكشف كواليس حرب الاستنزاف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أوباما يبدأ رحلة «تصحيح المسار» مع مصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 06 - 2014

"نؤمن أن مستقبل مصر يحدده الشعب المصري، ولا يوجد انتقال ديمقراطى دون صعوبات، وأن الشراكة الطويلة بين مصر والولايات المتحدة تقوم على المصالح والقيم المشتركة"، هذه مقتطفات من بيان الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى 3 يوليو 2013، بعد ساعات قليلة من الإعلان عن خارطة المستقبل وعزل الرئيس السابق محمد مرسي.
مع اقتراب الذكرى الأولى لهذا الحدث الكبير فى تاريخ مصر، وتحديدا فى 11 يونيو 2014، أجرى أوباما اتصالا هاتفيا بالرئيس المصرى المنتخب عبد الفتاح السيسى لتهنئته، والتعبير عن دعم الإدارة الأمريكية للطموحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية للشعب المصري.
وخلال التاريخين، مرت العلاقات الأمريكية - المصرية بمرحلة مما يمكن أن نسميه "القطبين المتنافرين"، ونفى وجود قيادة سياسية، التركيز على الشعب المصرى كمعادل وحيد فى المشهد المصري. والآن، اعترفت واشنطن بوجود قيادة سياسية منتخبة بشكل ديمقراطى حر إلى جلنب إعلان دعمها المستمر لطموحات الشعب.
وخلال الشهور الماضية، دأبت اشنطن على إرسال رسائل متضاربة وملتبسة، ولا يوجد دليلا أقوى من التعامل مع ملف المساعدات العسكرية لمصر حيث قامت بقطع المساعدات إلى القاهرة خلال أكتوبر الماضي، ثم أعلنت عن استئنافا جزئيا وتسليم مصر طائرات الأباتشى لمحاربة الإرهاب، ويبحث الكونجرس حاليا تخفيض 400 مليون دولار.
ارتباك غير مبرر فى مواقف الولايات المتحدة خلال عام من التحول الديمقراطي، الذى اعترف أوباما بصعوبته منذ اللحظات الأولى بعد 30 يونيو.
ولكن كيف يمكن أن يصيغ أوباما سياسة واضحة ومفهومة تجاه مصر خلال الشهور المتبقية فى عمر إدارته؟ وما هى مدى دقة تأثير جماعة الإخوان الإرهابية على مجريات السياسة الخارجية الأمريكية؟
الحقيقة التى يجب أن يعترف بها أوباما أن سياسات واشنطن فشلت فى دعم ما كان يتصوره الأمريكيون على أنه الإسلام المعتدل فى المنطقة. وما يستتبع ذلك بالضرورة من الاعتراف بفشل حكم الإسلاميين فى المنطقة خلال فترة قصيرة. الاعتراف جاء على لسان جون كيرى وزير الخارجية الأمريكية الذى أكد أن الإخوان سرقوا ثورة الشباب المصري. والآن، وبعد أن شعر قيادات الجماعة الإرهابية باقتراب "فك الارتباط" مع الإدارة الأمريكية، بدأت التلويح بفضح الأسرار والوثائق السرية والترتيبات المشتركة.
وهددت الجماعة ب"ويكيليكس" جديدة، وتسريب الاتفاقات والأسرار بين أوباما وفروع الإخوان فى ليبيا ومصر وتونس.
ولعلهم سيفعلون خيرا بالكشف عن مؤامراتهم واتفاقيتهم السرية، خاصة بعد أن بدأ مركز "الحوار"، ومقره واشنطن، فى تسريب بعض البرقيات والاتفاقيات بين واشنطن وإخوان بنغازي.أما الاعتراف الثانى الذى يجب أن تقدمه الولايات المتحدة هو أنه خلال عام من 30 يونيو2013، التزمت مصر بما تعهدت به من خطوات تجاه خريطة المستقبل. وكذلك الاعتراف بأن سبب الانتكاسة فى المنطقة، إلى جانب عوامل أخرى، هو التدخل الأمريكى فى محاولات صنع القرار السياسى وفرضه بالقوة فى بعض الأحيان.
أمريكا فشلت منذ اللحظة الأولى فى التعامل مع ثورات شعوب المنطقة، على الرغم من إقرارها ب "حكم" أو "قرار" الشعب الذى يؤكده دائما أوباما فى جميع بياناته وتصريحاته. وهذا ما كشفت عنه هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية السابقة فى كتابها "خيارات صعبة" حيث أكدت وجود انقسام داخل الإدارة بين الحرس القديم وجيل الشباب حول التعامل مع الإطاحة بالرئيس المخلوع حسنى مبارك، فهى كانت تفضل انتقالا سلميا فى السلطة، إلا أن أوباما سارع فى اليوم التالى إلى دعوة مبارك إلى الرحيل، والإشادة بثورة الشباب المصرى الذى أذهل العالم. وبعد عام من الحكم الفاشل للإخوان، وخروج الملايين للمطالبة بعزل مرسي، حاول البيت الأبيض إتباع سياسة "إمساك العصا من المنتصف"، لكن هذه السياسة أيضا فشلت فى التعامل مع المعطيات السياسية الجديدة فى مصر بل ومع طموحات الشعب المصرى "كلمة السر التى دائما ما يستخدمها أوباما".
لكن العبرة الآن ليست فى الاعتراف بالأخطاء وسلسلة الفشل المتواصل فى قراءة الأحداث فى المنطقة، ولكن بتصحيح المسار.
والعبرة فى تصحيح المسار ليست فى محاولات "لى الذراع" بورقة المساعدات، لأنه هناك خيارات أخرى أمام القاهرة، ولا فى محاولات فرض الديمقراطية بالقوة، وإنما دعم مصر كشريك إستراتيجى وحليف قوى فى الشرق الأوسط والعالم العربي، خاصة فى ظل ما تموج به المنطقة من صراعات خاصة فى العراق وسوريا وليبيا... وغيرها.
اتصال أوباما بالسيسى وتصريحاته حول مساندة مصر، وزيارة كيرى إلى القاهرة ربما كانت بدايات على طريق إعادة التقارب بين القاهرة وواشنطن، وهو ما يشكل اعترافا بوجود قيادة سياسية جديدة ويفتح بابا أمام إستعادة مصر لدورها الإقليمى والدولى المهم خلال هذه المرحلة الصعبة.
لكن الاتصالات السياسية ليست كافية وحدها لتصحيح مسار التحالف الإستراتيجى القديم، لابد من صياغة جديدة لمفهوم هذا التحالف تنبنى على سياسة الحوار وليس الإملاءات. ولابد من تقديم الدعم لمصر الجديدة التى تواجه تحديات صعبة على جميع الأصعدة من أجل إعادة البناء، وحسم قضية المساعدات العسكرية فى أسرع وقت ممكن بدلا من التلويح بها كورقة ضغط.
معركة العرب من المحيط الى الخليج
أسماء الحسينى

لم تكن ثورة 30 يونيو معركة الشعب المصرى وحده، بل كانت معركة الشعوب العربية كلها، ولم يكن نطاقها فقط ميادين وشوارع القاهرة ومحافظات مصر، بل امتدت على المدى العربى كله من المحيط إلى الخليج.. كان العالم العربى كله يتابع إرهاصاتها ثم يومياتها لحظة بلحظة، ومشهدا بمشهد، وهو يدرك تمام الإدراك أن التغيير فى المنطقة مرتبط باتجاه وقدر التغيير الذى سيحدث فى مصر، قلب العروبة النابض، التى وهبها الله على مر التاريخ وزنا سياسيا وبعدا جيواستراتيجيا ، جعلاها مركزا رياديا لكل حركة تغيير بالمنطقة.
وبنجاح ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو عام 2013، تنفست شعوب وأنظمة عربية عديدة فى المنطقة الصعداء، واحتفلت بنجاحها الجماهير العربية فى شوارع غزة والخرطوم وبيروت وعواصم الخليج ودول المغرب العربى وسائر الدول العربية، إذ كانت تخشى غالبية الشعوب العربية من أنموذج "إسلامى" أو بالأدق حكم فصيل أو تيار، يتم الإعداد له فى مصر، ليتمدد فى أرجاء المنطقة بأسرها، وكانت بداياته قد بدأت فى الظهور فى تونس وليبيا مع صعود الإسلاميين للحكم، مع ظهير إسلامى لهم فى غزة والسودان. وقد بدأت الحركات الإسلامية من المحيط إلى الخليج تستعد هى الأخرى للقفز إلى كراسى السلطة فى بلدانهم بأى طريق، وإسقاط الأنظمة القائمة ، مستقوية بنظام الإخوان المسلمين فى مصر، أو مستلهمة تجربته ، بالإضافة إلى دعم قوى دولية وإقليمية وقد أثار ذلك مخاوف كبرى من وقوع المنطقة أسيرة هذا التيار الأحادى، ليس فى السياسة والاقتصاد وإدارة الدولة فقط، وإنما أيضا فى رؤيته للفكر والثقافة وأسلوب الحياة ونمط العيش ، وفى تفسيره للدين، وتزايدت الهواجس لدى الأقليات والنساء وغير المنتمين للتيار الإسلامى أو للإخوان من الإقصاء والتهميش ، بل وعلى إمكانية تفكك الدول ذاتها على أساس دينى ، أو تجريف وتقويض مؤسساتها .
ومن هنا جاء الاصطفاف العربى الكبير الداعم لثورة 30 يونيو فى مصر، على جميع المستويات، السياسية والاقتصادية، المادية والمعنوية، فى الداخل وعلى المستوى الدولى، باستثناء مواقف محدودة جاءت سلبية أو محايدة، وهو فى حقيقة الأمر اصطفاف ضد مخططات تفكيك المنطقة وتجزئتها، وضد محاولات تقسيم الدول العربية أو إعادة صياغتها صياغة قسرية تتعارض مع تاريخها وهويتها.
وقد توالى الدعم للجمهورية الجديدة فى مصر ولخارطة المستقبل، من السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان والأردن والجزائر والمغرب وموريتانيا ..وجميع الدول العربية تقريبا ، باستثناءات محدودة، على شكل مساعدات وقروض ومشروعات تنموية ، وأيضا على شكل تحرك قوى داعم ومساند فى المحافل الدولية وعواصم العالم، وهو ما كان له أكبر الأثر فى تثبيت الأوضاع فى مصر بعد 30 يونيو.
وقد كان هناك إشارات قوية لدعم مصر ، تمثلت فى الحضور الكبير اللافت للزعماء والقادة العرب فى حفل تنصيب الرئيس عبدالفتاح السيسى ، وفى دعوة العاهل السعودى الملك عبدالله بن عبد العزيز لمؤتمر المانحين لدعم الاقتصاد المصرى، ثم زيارته الكريمة للقاهرة.
ومن الوفاء أن نتذكر ونحن نحيى اليوم ذكرى ثورة يونيو بكل العرفان والتقدير هذه الأدوار العظيمة للشعوب والقادة العرب، الذين وقفوا إلى جانبنا داعمين ومؤازرين ، ولولا وقفتهم القوية هذه معنا فى وقت الشدائد والمحن ، لواجهت مصر صعوبات كبيرة فى ظل ضغوط وتحركات عالمية وإقليمية معادية، أرادت محاصرة مصر وكسر إرادة شعبها وإخماد ثورتها.
عودة الروح للعلاقات المصرية-الإفريقية
مروى محمد إبراهيم
بقدر ما يبدو هذا غريبا، إلا أن ثورة 30 يونيو كانت فى الحقيقة نقطة فاصلة فى تاريخ العلاقات المصرية- الأفريقية. فلم يكن تجميد أنشطة مصر فى الاتحاد الأفريقي، وما تزامن معه من تصعيد فى أزمة سد النهضة، موقفا عدائيا بقدر ما كان وقفة لإعادة النظر فى العلاقات بين الجانبين. وهو ما جاء كنتيجة مباشرة لعقود من العداء والتعالى من نظام الرئيس المخلوع حسنى مبارك، أعقبتها حقبة سوداء من الشقاق والتهديد باستخدام القوة العسكرية لمحو السد الأثيوبى المثير للجدل من على وجه الأرض. الأمر الذى استدعى وقفة حقيقية لإعادة تقييم العلاقات بين مصر وجيرانها فى القارة السمراء، وإدراك قيمة الثمار التى سيحصدها الجانبان فى حالة دعم وتوطيد العلاقات بينهما.
فعلى الرغم من عقود الشقاق والتباعد بين مصر وجيرانها الأفارقة، إلا أننا لا يمكن أن نتجاهل الدور الذى لعبته واشنطن لإشعال وتصعيد الأزمات الكامنة بين الطرفين. فلا بد من الإشارة إلى الجولة الأفريقية الفريدة من نوعها التى قام بها الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى 26 يونيو 2013، أى قبل أيام قليلة من اندلاع ثورة 30 يونيو، وما أعقبها من موقف أفريقى متشدد وغير مسبوق تجاه التطورات المتلاحقة التى شهدتها مصر فى هذا المرحلة.
وبالطبع لا يمكن الفصل بين هذه الزيارة والموقف الأفريقى المتشدد تجاه القاهرة، فأوباما قدم خلال جولته التى شملت السنغال وتنزانيا وجنوب أفريقيا الكثير من الوعود الاقتصادية الواهية على أمل تحقيق التقارب مع القارة السمراء بعد أعوام طويلة من التجاهل خلال فترة ولايته الأولى. وكان من الطبيعى أن يعقب هذه الزيارة دعما أفريقيا للمواقف الأمريكية الموالية للإخوان على حساب الشعب المصرى ورغباته واحتياجاته، حتى وإن كانت تتعارض إلى حد كبير مع طبيعة الأوضاع فى مختلف دول القارة، والتى تعانى أغلبها من صراعات مسلحة ونزاعات طائفية ونظم حكم مستبدة. فكان من غير المألوف أن يسارع الاتحاد الأفريقى لتجميد عضوية مصر، فى حين أنه لم يتحرك ليتخذ مواقف مشابهة ضد دول أفريقية ربما تواجه أوضاعا داخلية أسوأ من مصر بكثير.
وطوال فترة تجميد عضوية مصر، لم تتسم لهجة دول الاتحاد بالجفاء أو العداء تجاه القاهرة. كما لعبت لجنة الحكماء التى أوفدها الاتحاد لتقييم الأوضاع فى مصر، بقيادة ألفا عمر كونارى رئيس مالى السابق دورا هاما فى تحسين العلاقات بين مصر وجيرانها الأفارقة، حيث أوصت اللجنة فى تقريرها بعودة مصر إلى أحضان أفريقيا، مؤكدا أنه لايوجد ما يحول دون هذه الخطوة فى أعقاب إقرار الدستور الجديد وانتخاب رئيس جديد للبلاد. فمصر أثبتت التزامها التام بخريطة المستقبل التى تعهد الرئيس عبد الفتاح السيسى بتنفيذها منذ لحظة الإطاحة بالنظام الإخوانى السابق.
وعلى الصعيد المصري، لم تأل القاهرة جهدا لتأكيد حرصها على تقارب مع أفريقيا سواء من خلال البعثات الدبلوماسية أو التصريحات الرسمية. وهذا التحرك المصرى جاء فى إطار خطة واضحة ومحددة ارتأت انه حان الوقت لإعادة مصر إلى جذورها الإفريقية ليس فقط من خلال زيارات رسمية وبيانات دبلوماسية، وإنما من خلال التركيز على خلق مصالح مشتركة طويلة المدى تقوم على تحقيق المنفعة المتبادلة لكل الأطراف وتعزيز أواصر التعاون بين الشعوب الإفريقية، وفى هذا الإطار جاءت الزيارات الرسمية المصرية سواءً على مستوى رئيس الوزراء الذى زار ثلاث دول افريقية، أو على مستوى وزير الخارجية السابق الذى لم يكتف بالمشاركة فى مختلف المحافل الإفريقية الإقليمية والدولية، وإنما قام فى غضون شهور قليلة بست جولات زار خلالها نحو 15 دولة افريقية، استهدفت بالأساس إبراز عودة الاهتمام المصرى بقارتها الإفريقية فضلاً عن اصطحابه للعديد من رجال الأعمال فى كافة هذه الزيارات بغية إيجاد فرصة وموطئ قدم للشركات المصرية داخل الأسواق الإفريقية، فمثل هذه العلاقات هو ما يبقى ويعزز من علاقات الشعوب.
التحرك المصرى المشار إليه عمل على إعادة هيكلة العلاقة بين مصر وإفريقيا بعيداً عن فكرة تقديم المعونات التقليدية، من خلال إحلال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية بديلاً عن الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع إفريقيا وهى الوكالة التى سيوجه النصيب الأكبر من أنشطتها للدول الإفريقية فى إطار منظومة جديدة من التعاون لاسيما فى المجالات التى تتمتع مصر فيها بميزة نسبية وخبرة كبيرة، مثل مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والخدمات الصحية، والزراعة، والطاقة والعمل على تنفيذ مشروعات مشتركة فى هذه القطاعات وذلك كما ذكرنا بعيداً عن الأطر التقليدية لتقديم المعونات الفنية والمالية. هذا التحرك هو ما كان له بالغ الأثر فى تغير مواقف العديد من الدول الأفريقية بل والرئيسية منها إزاء مصر، وهو ما انعكس فى قرار الاتحاد الإفريقى بإيفاد بعثة لمتابعة الانتخابات الرئاسية فى مصر، وكذلك إيفاد بعثة من تجمع الساحل والصحراء والكوميسا ومنظمة الفرانكفونية، فضلاً عن مشاركة دولاً هامة مثل نيجيريا – إلى جانب دول أخرى من خارج القارة مثل المكسيك والهند والأردن - بما يعد تسليماً بخارطة المستقبل فى مصر وتوجت جهود الخارجية المصرية بعودة مصر إلى نشاط الاتحاد الإفريقى بإجماع الدول يوم 17 يونيو الحالى.
كما أن تصريحات الرئيس السيسى خلال حملته الانتخابية حول أفريقيا وما اتسمت به من ود وليونة كان لها الوقع الأكبر على الأرجح لتأكيد أن مصر تسعى لفتح صفحة جديدة من التعاون والتقارب مع أشقائها الأفارقة. .
فالسيسى لم يتعامل مع أزمة سد النهضة من منطلق أنها طبول الحرب التى تدقها أثيوبيا فى وجه مصر، ولكنه اعترف بحق أديس أبابا فى وضع خطط تنموية للمستقبل، ولكن بشكل توافقى مع القاهرة لا يؤثر على حصة مصر وحق شعبها فى مياه النيل.
إن ثورة 30 يونيو تختلف كثيرا عن ثورة 25 يناير 2011، وأهم ما ميزها أنها وجدت قائدا حكيما، نجح فى فتح صفحة جديدة من العلاقات مع العالم وعلى رأسها العلاقات مع أفريقيا. فقد أدرك منذ البداية أهمية الحفاظ على علاقات طيبة مع دول الجوار الأفريقي، وخاصة تلك التى يربط بينها وبين مصر نهر النيل والذى يعتبر شريان الحياة المشترك بين دوله. كما أن نظرته المختلفة لقضية حيوية مثل سد النهضة، كان لها الدور فى تقارب مصري- أثيوبى غير مسبوق، ربما يعود بفوائد مستقبلية على مصر التى هى فى أمس الحاجة لمصدر جديد للطاقة الكهربائية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.