أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن شعب مصر رغم أنه قد تألم عندما توقفت عن ممارسة مصر أنشطتها فى الاتحاد الإفريقي، إلا أن مصر لم تتوقف مطلقا عن انشغالها بهموم ومصالح قارتها الافريقية، فمصر لايمكن أن تنفصل عن وجودها وواقعها الافريقي. وقال الرئيس:« أثق أن القادة الافارقة باتوا يدركون أن 30 يونيو كانت ثورة شعبية مكتملة الاركان.وتعهد السيسى أن تواصل مصر بذل أقصى الجهد بالتعاون مع الاشقاء الافارقة للعمل على تسوية النزاعات .. ودعم كل مجالات التنمية بما فيها اعادة الإعمار فى المناطق الإفريقية المتضررة من النزاعات. وفيما يلى نص كلمة كلمة الرئيس السيسى فى الجلسة الافتتاحية للقمة الافريقية: «اتوجه بالشكر لحكومة وشعب غينيا الاستوائية تحت قيادة فخامة الرئيس تيودورو أوبيانج على حفاوة الاستقبال، كما أعرب عن تقديرى البالغ لفخامة الأخ محمد ولد عبد العزيز رئيس جمهورية موريتناية الإسلامية على جهوده المتميزة ونجاحه فى قيادة الاتحاد الافريقى بحكمة ورؤية ثاقبة .. كما اهنئه على فوزه فى الانتخابات الرئاسية متمنيا له كل النجاح والتوفيق ولموريتانيا دولة وشعبا كل التقدم والازدهار. وأتوجه بالشكر كذلك للسيدة الدكتورة زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقى على التنظيم المتميز لاجتماعاتنا ».
الأخوة والأخوات رؤساء الدول والحكومات انه لمن دواع الفخر أن أكون بينكم اليوم ممثلا لشعب مصر الذى طالما يعتز بانتمائه لقارته الافريقية والذى عاهدتموه دوما رفيقا للنضال والعمل الافريقى المشترك, فانتماء مصر لأفريقيا ليس فقط لاعتبارات التاريخ والجغرافيا، بل هو ارتباط جذور وهوية وعلاقات مستقبل ومصير وملحمة مشرفة من النضال المشترك دشنها الآباء المؤسسون عبد الناصر ونكروما وسيكوتورى وبنجيلا وهيلاسي، وقائمة طويلة من القادة العظام وصولا لمنديلا فى سبيل تحرر شعوب القارة ورفعة شأنها بين الامم واستنادا على رؤية طامحة لأفريقيا والعالم تقوم على قيم العدالة واحترام كرامة الانسان.
تعود مصر إليكم اليوم ولديها ما يحكى عنها بكل فخر واعتزاز وكلها ثقة فى أن ما مرت به من صعاب وما حققه شعبها من انجازات هو رصيد مشترك لشعوبنا جميعا, كما أنها على وعى تام بأنه كما التحرر والاستقلال ملحمة بطولية مشتركة خاضتها أفريقيا منذ عقود, فإن ثورة الشعب المصرى فى الخامس والعشرين من يناير والثلاثين من يونيو كانت من أجل أهداف تمثل تطلعات مشتركة لشعوبنا نحو التنمية والديمقراطية والعدالة والكرامة الانسانية وهى القيم التى عبر عنها دستور مصر الذى تم إقراره فى بداية العام الحالي.
أود فى هذا السياق أن أؤكد أن الديمقراطية طريق نسير عليه جميعا وهو طريق لايخلو من
العواقب وتحديات حقق بعضنا تقدما اكثر من بعضنا الآخر فى مواجهتها, ولكن أحدا لايستطيع الادعاء بأنه بلغ حد الكمال.
أصحاب الفخامة ورؤساء الدول والحكومات السيدات والسادة.. إن مصر وإن غابت لبعض الوقت عن المشاركة فى أنشطة الاتحاد الافريقى فإنها لن تتوقف يوما عن الانشغال بهموم وقضايا قارتها, فمصرلايمكن أن تنفصل عن وجودها وواقعها الافريقي، مصر التى ساهمت فى تأسيس منظمة الوحدة الافريقية عام 1963 ولم تبخل يوما بعقول أبنائها أو بقوة سواعدهم لبناء الكوادر والقدرات الافريقية, إلا أنه لايخفى عليكم أن شعب بلادى قد تألم حينما رأى الاتحاد الافريقى يتخذ موقفا مغايرا لارادته حينما رأى اخوته الافارقة لايبادلونه التضامن والمساندة والتأييد.
الآن وبعد أن تابعتم بلورة استحقاقات خارطة مستقبل الشعب المصرى وتحديدا إقرار الدستور المصرى وإنجاز الانتخابات الرئاسية, فاننى على ثقة أن كل الأخوة الأفارقة باتوا يدركون أن 30 يونيو كانت ثورة شعبية كاملة مكتملة الاركان انحازت فيها القوات المسلحة المصرية لارادة الشعب وليس العكس واننا لسعداء أن نشهد بدء الاتحاد عملية مراجعة وتطوير لنصوصه ذات الصلة بما يضمن مساندتنا لارادة شعوبنا.
الأخوة والأخوات.. إن ثورة 30 يونيو تضافرت فيها جهود جميع المصريين بحق لتجنيب البلاد حربا أهلية والحيلولة دون انجرافها نحو مصير المجهول انساقت إليه للاسف بعض دول المنطقة وتدفع شعوبها اليوم الثمن فادحا على مرأى ومسمع من الجميع وفى مقدمتهم دول القارة الافريقية التى يجاور بعضها هذه الدول ويشارك شعوبها مأساتها.
الإخوة والأخوات الأفارقة.. لقد نجح الشعب المصرى العظيم فى تجنب مثل هذا المصير بتوحده والتفافه حول هدف واحد متمثل فى خارطة مستقبله تحقيقا لآماله وتطلعاته فى مستقبل أفضل.. وأنتهز هذه الفرصة لأعرب عن تقديرنا البالغ للحضور البارز للاتحاد الافريقى من خلال بعثة متابعة الانتخابات الرئاسية التابعة له برئاسة السيد «محمد الأمين ولد اتيك« رئيس الوزراء الأسبق للجمهورية الاسلامية الموريتانية الشقيقة، كما لايفوتنى أن أعرب عن تقديرى لفخامة الرئيس ألفا عمر كونارى وفخامة رئيس الوزراء ديليتا محمد ديليتا وفخامة الرئيس فستوس موخاى على ما قاموا به من جهد مخلص ودءوب كحكماء تعتز بهم قارتنا الافريقية.
وفى هذا السياق أتقدم بالتهنئة لرئيس الوزراء داليتا فى مهتمه الجديدة كمبعوث للاتحاد الافريقى متمنيا له التوفيق فيما يحقق تطلعات الشعب الليبى نحو الحرية والديمقراطية ويحافظ على وحدة ليبيا وسلامة أراضيها ولايخفى عليكم أنه بعد مرور 50 عاما على إنشاء منظمتنا فإن دولنا لاتزال تواجه تحديات لاتقل جسامة عن تلك التى جابهتها فجر حصولها على الاستقلال وفى مقدمة هذه التحديات التنمية باعتبارها الاحتياج
الأكثر إلحاحا لشعوبنا وأحد المتطلبات الرئيسية لتحقيق أمنها واستقرارها.
فلقد حبا الله قارتنا السمراء بثروات طبيعية وأراض خصبة ووفرة فى المياه العذبة وثروات معدنية هائلة وحياة طبيعية ثرية, وعقول مفكرة وخبرات علمية وعملية وقوى عاملة وموان بحرية وبرية, كلها مقومات لو اجتمعت فى أى إطار تعاونى لكانت كفيلة لانجاحه وتحويله إلى نموذج يحتذى به فى العمل والتعاون والتقدم.
ولكن على الرغم من مرور أكثر من نصف قرن على تاريخ التعاون الإفريقى متمثلا فى منظمة الوحدة الإفريقية ثم الاتحاد الافريقى لم ننجح فى تحقيق ما تصبو إليه آمال شعوبنا.
فما زال شبح الجوع والمرض والأمية يخيم على حياة الشعوب الأفريقية وبدلا من الانخراط فى العمل الجاد والبناء تنخرط بعض دول القارة فى نزاعات دامية قبلية كانت أو حدودية تمزق أوصال دولنا ونفقد فيها خيرة أبنائنا بكل ما يمثلونه من آمال واعدة وطاقات منتجة.
لقد آن الأوان أن نتغلب على كل هذه المعوقات نتخلص منها نهائيا ونضع نصب أعيننا سبل استغلال طاقاتنا وثرواتنا التى يتعين أن تكون من أبنائنا ولأبنائنا.
إن نجاح دولنا فى تحقيق معدلات نمو تجاوزت اجمالا متوسط النمو العالمى خلال السنوات الأخيرة وبالرغم من الأزمات الاقتصادية والمالية لهو أبلغ دليل على ثراء مجتمعاتنا بالموارد الاقتصادية والبشرية وانما فى ذات الوقت تشهد المبادلات الاقتصادية العالمية مع أفريقيا اختلالات لابد أن نعمل على إصلاحها فصادرات القارة من المواد الأولية بلغت عام 2012 قرابة 80 % من إجمالى صادراتها وهو أمر يتطلب تعزيز الجهود الوطنية والقارية لدعم وتطوير الصناعة ونقل وتوطين التكنولوجيا والاهتمام اللازم ببرامج التدير والتعليم المهني.
وفى السياق نفسه. تمثل التنمية الزراعية والأمن الغذائى تحديات مهمة واجهت بلداننا ومن هنا فإن إختيار هذا الموضوع ليكون محور لقمتنا إنما يعبرعن وعينا بأهمية تعزيز الاستثمارات فى هذا القطاع الحيوى الذى يمثل مصدرا لنصف الدخل القومى فى إفريقيا ويستوعب أكثر من 70% من قوة العمل على مستوى القارة.
ولا نغفل الصلة الوثيقة بين التنمية الزراعية وعدد من الموضوعات ذات الاهمية المطروحة على أجندة التفاوض الدولية مثل أجندة التنمية لما بعد عام 2015 وموضوع التغير المناخى وإن مصر ستعمل بكل عزم من خلال رئاستها لمؤتمر وزراء البيئة الأفارقة اعتبارا من سبتمبر المقبل على أن تتحدث إفريقيا فى المحافل التفاوضية بصوت واحد قوى ومسموع.. أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات إن مصر ستواصل دورها وعطاءها الإفريقى بما يعزز ويدعم التعاون بين أبناء القارة الواحدة فكما كانت سباقة لانشاء الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع إفريقيا منذ ثمانينات القرن الماضى انطلاقا من إيمانها بالحلول الأفريقية وضرورة تعزيز الاعتماد على مواردنا الوطنية لتحقيق التطلاعات المستحقة لشعوبنا .
فقد عملت على مدار العام الأخير وبالرغم من ما واجهته من صعاب تعلمونها جيدا على إنشاء الوكالة المصرية للمشاركة من أجل التنمية التى ستبدأ انشطتها خلال أيام قليلة فى الأول من يوليو المقبل .
ونثق فى أنها ستمثل نقلة نوعية فى الدور الذى تقوم به مصر لاعداد وتأهيل الكوادر الإفريقية وستدعم استحداث مبادرات تعاون جديدة لتنفيذ مشروعات تنموية رائدة اطلاعا من مصر بمسئولياتها الإفريقية واقتناعا منها ضرورة أن تمثل الحقبات المقبلة نهضة حقيقية على مستوى العمل الإفريقى المشترك.
الاخوة والاخوات رؤساء الدول والحكومات ورؤساء الوفود.. إذ نتأمل خريطة النزاعات بقارتنا اليوم ندرك حجم التحديات الجسيمة التى نواجهها فى مجال السلم والأمن، الأمر الذى يملى علينا تكثيف جهودنا وحشد الامكانيات الذاتية لتفيعل مبدأ الحلول الافريقية للمشاكل الإفريقية.
واننى أتعهد فى هذا الصدد بأن تواصل مصر بذل أقصى الجهد بالتعاون مع الاشقاء فى مختلف الدول الأفريقية للعمل على تسوية النزاعات التى طالت العديد من دول قارتنا وتسببت فى عرقلة برامج التنمية بها ونتج عنها مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين والضحايا.
ستواصل مصر جهودها لبناء القدرات الإفريقية فى مجالات الدبلوماسية الوقائية ومنع وإدارة وتسوية النزاعات وإعادة الاعمار والتنمية بما يحول دون انزلاق الدول الخارجة من النزاعات إليها مجددا وتطوير الآليات الملائمة للتعامل مع مختلف هذه المسائل فضلا عن تعزيز إسهامات مصر فى بعثات حفظ وبناء السلام فى مختلف ربوع القارة، فضلا عن ما تقدم تواجه القارة الإفريقية خطرا متزايدا يتمثل فى التهديدات الامنية العابرة للحدود وفى مقدمتها الارهاب.
وفى هذا الاطار، فإننا نؤكد إدانتنا لكافة أشكال الارهاب مشددين أنه لامجال لتبريره أو التسامح معه ..لقد أصبح الارهاب أداة لتمزيق الدول وتدمير الشعوب وتشويه الدين، ان هذا الخطر المشترك يملى علينا تعزيز التعاون فيما بيننا لمواجهته بحسم حفاظا على أمن وسلامة مواطنينا وجهود التنمية الاقتصادية فى دولنا.
أصحاب الفخامة السيدات والسادة.. إن مصر تؤمن دوما أن التفاهم والحوار المستمر هو السبيل الأمثل لتسوية أى خلافات بين أعضاء أسرتنا الإفريقية وانه إن وجدت الارادة وصدقت النية فإنه بإمكاننا دوما إيجاد حلول تحقق المنفعة للجميع دون إلحاق الضرر أى طرف ويقينى إن يد مصر الممدودة بالتعون مع أشقائها الأفارقة ستقابلها أيادى شركاء عازمين بنفس القدر على تحقيق الوحدة والنهضة المشتركة.
أصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات السيدات والسادة، لايفوتنى فى إطار كلمتى أن أعرب عن اعتزازنا بالدعم الافريقى التاريخى والمتواصل لنضال الشعب الفلسطينى للحصول على حقه المشروع فى تأسيس دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
إن شعوبنا الأفريقية وقد كابدت معاناة آلام الاستعمار والتمييز العنصرى تدرك أنه لاسبيل
لكسر الارادة الانسانية. وختاما، إن التحديات التى تواجهنا تملى علينا الخروج بقرارات حاسمة تتعامل مع الأوضاع الحرجة التى تمر بها قارتنا فى مختلف المجالات وتلبى تطلعات شعوبنا فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتضمن مستقبلا أفضل للأجيال المقبلة. واثق إننا باذن الله قادرون على الاطلاع بهذه المسؤلية بما نملكه من إيمان حقيقى بوحدتنا ومصيرنا المشترك عشتم وعاشت أفريقيا وعاش نضول شعوبنا المشترك اشكركم جميعا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».