راعتنى عبارة قالها الإعلامى عمرو خفاجى فى برنامجه على إحدى القنوات الفضائية وساءنى أن ضيفه لم يعقب عليها، حيث طرح خفاجى سؤالا عما سيكون عليه الإعلام بعد أن صار بلا سيد فى إشارة إلى إلغاء منصب وزير الإعلام، وكرر العبارة أكثر من مرة بما لا يدع مجالا للشك فى المعنى الذى يقصده . الحقيقة أن هذه العبارة تعكس درجة عالية من القراءة المؤلمة لواقع إعلامنا الوطنى والتى تبتعد تماما عن حقيقته. فلم يكن للإعلام المصرى سيدا بهذا الشكل والحقيقة، لو أنه سأل نفسه، عما حدث أو قد يحدث من تغير فى الإعلام لعرف ألا أثر على الإطلاق تقريبا، بما يعنى أن إعلامنا الوطنى سيد نفسه بقدر ما هو ذاته سيد لنفسه فى القناة الخاصة التى يعمل لها. مؤلم جدا أن يتم حذف عطاء أجيال من الإعلاميين أو الإساءة إليهم عبر عبارة واحدة غير قائمة على دراسة. ولعل هذه فرصة لأن أروى قصة لو علمها أصدقاؤنا ممن اعتادوا إصدار الأحكام القاطعة على الشاشات المختلفة لتعجبوا منها. تفاصيل الرواية تعود إلى صيف عام 2006 ، عندما كان عدوان إسرائيل على لبنان، وكان الرئيس الأسبق حسنى مبارك مختلفا فى الموقف مع حزب الله، وأبلغنا ساعتها المرحوم صبرى صبيحة نائب رئيس شبكة إذاعات صوت العرب ببعض المفردات التى يجب استخدامها وبأنه لا يجوز استخدام كلمة عدوان، ولا يجب التواصل مع قياديى حزب الله بالقدر الذى يجعل رؤيتهم هى الحاضرة فى إذاعاتنا. وهنا سألت أستاذنا المرحوم صبرى صبيحة، هل تتفق مع هذا الرأي؟ فأجابنى بكل وضوح بالطبع لا ؟ ثم سألنى وما رأيك أنت ؟ قلت له لقد أبلغتنى سيادتك لكننى لم ألتزم ولأيام طوال بقى هواء صوت العرب مفتوحا لقيادات حزب الله من الشيخ نعيم قاسم وصولا لأعضاء المجلس السياسي، حتى بلغنا أن الوزير صفوت الشريف قال لرئيسة صوت العرب حينها. هل صار صوت العرب صحيفة معارضة داخل ماسبيرو؟ وهنا كان السبب أن الجميع كان يدرك أن الاختلاف مع حزب الله لا يعنى بحال من الأحوال عدم دعمه فى مواجهة عدوان إسرائيل. لا أوجه نقدى لأحد بعينه ، قدر ما أوجه كل ما بيدى من سهام لحالة جلد الذات وتحقير واقعنا بشكل يصل إلى حد الظلم والتجنى على كثيرين ممن لا يستحقون منا إلا التكريم ، أو أن نمثل بسمعة ما مست سمعته بالأساس فصار الأمر وكأنه أكل للحم أخ ميت أو أنه تمثيل بجثث، بما لا يتفق مع أخلاقياتنا وقيم مجتمعنا وديننا .. أستغرب حقا كيف أن غالبية إعلاميينا موضع تقدير ولا أبالغ إذا قلت تقديس أشقائنا فى مختلف الدول العربية بينما هنا فى مصر، لا يقدرون حق قدرهم، حتى من الجناح الثانى لطائر الإعلام المتمثل فى عدد من السادة الصحفيين، ولهؤلاء نذكرهم بأن قادة الدول العربية كانت لهم تعليمات مباشرة لممثليهم بالجامعة العربية بألا يترشح أحد أمام الإذاعى أمين بسيونى فى منصب رئاسة اللجنة الدائمة للإعلام العربي، وأن الجزائر حين طفت مشكلة مباراة كرة القدم الشهيرة، كان الإذاعى أحمد سعيد على رأس المدعوين لاحتفالات الجزائر باستقلالها وكان الرجل ضيفا على مختلف وسائل الإعلام هناك، وعلى الجميع أن يدرك ان الجيل الحالى من الإعلاميين المصريين منتشرون فى معظم ما لم يكن كل الفضائيات والإذاعات مؤسسين لها ، ومشاركين فى تطويرها ، ولو أن بقية مكونات المجتمع قامت بدورها فى خلق مجتمع ناهض لكانت جاذبة لهؤلاء الإعلاميين. لذا على الجميع أن يدرك أن إعلاميينا هم سادة ولا سيد عليهم بعد ضمائرهم وقيم وطنهم . ولو أن هناك آفةً فهى آفة مجتمع لا آفة الإعلاميين وحدهم . لمزيد من مقالات ايمن عطية