أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون نسمة هو تعداد سكان مدينة الموصل مركز محافظة نينوى الواقعة فى الجزء الشمالى الغربى من العراق، وتحدها سوريا من الغرب، وتبلغ مساحتها 32308 كم مربع، وتبعد 402 كم شمالى العاصمة بغداد. الموصل تصدرت واجهة الاحداث بالإعلان عن سقوطها بيد ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية فى العراق والشام (داعش)، فالمدينة المحافظة شهدت قتالا بين عناصر مسلحة والقوات الحكومية انتهت بالاعلان المفاجئ عن سقوط المحافظة بيد «داعش» قبل أيام، وهوالامر الذى كان مفاجأة للجميع، وعلى كافة الاصعدة، خاصة ان المدينة بها فرقتان لقوات الجيش قوامهما 30 ألف جندى وفرقة واحدة للشرطة الاتحادية قوامها 30 ألف منتسب مع وجود 30 الف منتسب من الشرطة المحلية، فضلا عن وجود فوج لقوات «سوات» وقوات طوارئ انهارت تماما وفر قادتها وعناصرها امام المسلحين دون عتادهم واسلحتهم الحديثة، تاركين المدينة. والمطار وعتادا ضخما وحديثا واكثر من 450 مليون دولار فى بنوك المدينة، وحسب الكثير من التقارير الامريكيةوالعراقية فان عدد اعضاء داعش فى العراق لا يتجاوز خمسة آلاف عنصر موزعين فى مختلف المناطق وتم توجية الكثير من الضربات القاتله لهم كان اخرها قبل ايام فى الموصل ذاتها، وهو الامر الذى ربما قد يعنى تصدير (داعش) امام العالم كفزاعة للتغطية على الكثيرمن الجرائم التى ارتكبت بدعوى مقاتلة الإرهاب وداعش، وحسب الكثير من المصادر فان داعش والقاعدة لا تتمتعان باى قبول فى الاوساط العربية السنية لعدة أسباب منها : ان العرب السنة هم اول من اكتوى بنارها ودفعوا ثمن وجودها خلال اعوام الاقتتال الطائفى، فالقاعدة وداعش نفذا الكثير من عمليات الاغتيال والقتل لعلماء دين سنة وضباط وغيرهم فى الانبار ونينوى وديالى وبغداد، بل ان هناك من يؤكد ان «القاعدة» وداعش هما ذراعان تنفذان اجندات ايرانية وامريكية، لذلك كانت مقاومة القاعدة والانبار وغيرها من قبل العشائر العراقية وتم القضاء عليها بصوره شبه نهائية خلال الاعوام التى سبقت الانسحاب الامريكى من العراق فى ديسمبر 2011، الا ان الممارسات الطائفية والمذهبية وعدم التزام الحكومة العراقية بتعهداتها بل والالتفاف على قادة وشيوخ العشائر والصحوات جعل الاحتقان والغضب هما سيد الموقف فى الأوساط العربية السنية خاصة انه لم يتم تحقيق اى تغيير فى سياسات الحكومة المدعومة من ايران والولايات المتحدة. وأمام هذه التطورات والوقوع بين سندان القاعدة ومطرقة المذهبية الطائفية التى تملثها حكومة المالكى لجأ الكثير من المدن الى تشكيل مجالس عسكرية خاصة بها أو ما يسمى بمجالس الثوار بجانب قوى مقاومة الاحتلال مثل كتائب ثورة العشرين والحركة النقشبندية ،الجيش الاسلامى، وحزب العودة (البعث) وغيرها وهى التى تولت الدفاع ضد القاعدة والقوات الحكومية التى بنيت على اسس طائفية وعرقية، وثبت تورطها فى ارتكاب الكثير من المجازر ضد المدنيين فى هذه المدن خاصة الموصل وصلاح الدين والانبار وبغداد وبابل. والامر الذى يؤكد ان البيئة كانت مهيأة للتحرك ضد القوات الحكومية، ما نقلته وكالات الانباء عن مطالبة المسلحين للموظفين بالالتحاق بمقار وظائفهم واعادة الخدمات الى المدينة التى فر معظم سكانها. امام هذه التطورات فان المالكى والقوى الطائفية تعمل على تكرار سيناريو الانبار فى الموصل وغيرها بالترويج بان كل ما يحدث هو من داعش والارهاب وليس نتاج السياسات الطائفية والفساد، مع الترويج والحشد داخليا باعلان الطوارئ وتمرير ولايته الثالثة من خلال عمليات كبيرة قد تستمر طويلا، فى الوقت الذى يتم فيه دمج الميليشيات الشيعية عسكريا وسياسيا والتغاضى عن جرائمها، بل وتصديرها خارجيا للقتال فى سوريا وربما غيرها، فى محاولة للحصول على الدعم لوقف تقدم المسلحين فى تلك المناطق خاصة صلاح الدين وديالى للوصول الى بغداد. ان ما يحدث هو ثورة ضد الطائفية والتمييزالمذهبى من أهالى تلك المناطق وابعاد داعش وغيرها عن الساحة مع ارسال رسائل للاطياف العراقية الاخرى, وجميعها متضررة من المالكى, بان الهدف هو بناء العراق على اسس حديثة، هو ما تم التعبير عنه برسائل تم ارسالها الى القوى العشائرية فى وسط وجنوب العراق بعد بيانات «داعش» الطائفية ،ان تسارع الاحداث وقوتها وانتشارها فى مختلف المدن العراقية واخرها التفجيرات قرب مطار بغداد الدولى وغيرها تأتى لتؤكد للجميع ان ما يحدث هو خارج قوة اى تنظيم واحد ونتاج عمل جماعى منسق ومنظم لاسقاط الحكومة الطائفية. التى لم تجلب الا الخراب والدمار على مدار السنوات الثمانى الماضية، وبدلا من أن تعمل على تطويق الازمة راحت توظفها طائفيا من خلال الاستعانة بالميليشيات الطائفية، ان الحقائق العراقية على الارض معقدة ومتشابكة فإن القاسم المشترك بينها ان هناك تحركا قويا لازاحة حكم فشل فى البناء ونجح فى هدم الوطن.