التداخل وغياب التنسيق بين الوزارات لا يعنى توقف المشروعات أو البطء فى تنفيذ القرارات فقط، وإنما يعنى أيضا هروب المستثمر بأمواله إلى نظام إدارى وتشريعى أقل تعقيدا. وهو ما دعا وزير الاستثمار والتجارة والصناعة منير فخرى عبد النور، إلى إعادة تفعيل المبادرة المصرية لإصلاح مناخ الأعمال (إرادة)، بعد توقف استمر لمدة عامين لغياب التمويل، وذلك من أجل استكمال الأهداف التى أنشئت من أجلها، وهى توفير مناخ أعمال فعال من خلال إطار تشريعى أفضل. هذه المبادرة تعتبر نموذجا "لمقصلة التشريعات" بعد أن رصدت من خلال قاعدة البيانات التشريعية التى أنشأتها وجود أكثر من 35 ألف تشريع اقتصادى متعلق بمناخ الاستثمار فى مصر، منوط بتطبيقها 11 وزارة ومجموعه من الهيئات التابعة لها ! هذه الأرقام التى تضع أيدينا على خلل أخر كبير فى النظام التشريعى للحكومة يؤكدها طارق حمزة المدير التنفيذى لمبادرة إرادة قائلا:"على الحكومة إعادة النظر فى سياسات إنشاء الهيئات وفى آلية إصدار التشريعات التى تٌقر دون النظر للتشريعات الاخرى الصادرة بالفعل فنجد التعارض والتضارب بينهما" أما المشكلة الكبرى فتكمن فى القرارات الوزارية التى يتحجج بها بعض الموظفين لتعطيل المصالح أو للحصول على المنافع، فلكثرتها و تنوعها لا ينشر عدد كبير منها وتحفظ فى أرشيف الوزارات، ويضيف حمزة:" حتى عندما سعت «إرادة» للحصول على بعض القرارات الوزارية من داخل الجهات الحكومية وجدنا البعض مرحبا ومتعاونا والبعض الآخر يعطل العمل ولا يتعاون ظنا منا إننا نتعدى على اختصاصاته". والترابط بين الوزارات يحتاج إلى مد الكثير من الجسور للتنسيق على مستوى الدولة بشكل دائم -ولايزال الكلام للمدير التنفيذى لمبادرة إرادة- فعلى سبيل المثال عملنا على تبسيط الإجراءات الرسمية المتبعه لإنشاء المشروعات والتى كان من ضمن آلياتها وجود شباك واحد فقط يتجه له المستثمر لإنهاء كافة الإجراءات الخاصة بتأسيس شركته وهو ما تم تنفيذه بالفعل ولكن فور بدء هذا المستثمر لمشروعه يواجه بعدد من الإجراءات المعقدة فى عدد من الجهات الحكومية، أما المرحلة التى وصفها حمزة بالمستحيلة فهى مرحلة الخروج من السوق لعدم وجود أى تنظيم لها فى مصر، ولاتزال "ارادة" بصدد اعداد عدد من التوصيات الخاصة بمناخ الأعمال والاستثمار ولكن يبقى على الوزارات المختلفة النظر لها بعين الاعتبار، وان يشارك فى المبادرة عدد اكبر من الوزارات.