مرحلة انهاء الانقسام الفلسطينى بين فتح وحماس أو بين الضفة وغزة خرجت الى النور بأليات حقيقية، وأصبح الانقسام بمقوماته المعروفة خلال السنوات السبع السابقة فى خبر كان، وصارت المصالحة واقعا حيا على الأرض بعد تشكيل الحكومة فى ثوبها النهائى، وتهيأت الظروف المناسبة لمجرياتها داخلياً وخارجياً، باستثناء الرفض الاسرائيلي. ففى اليوم الأخير من الإسبوع الخامس تم تسمية رئيس وزراء حكومة التوافق الوطنى الفلسطينى، حيث كان اتفاق المصالحة بين فتح وحماس قد تم توقيعه فى الثالث والعشرين من شهر ابريل الماضى وتحدد ضمن بنوده تشكيل حكومة توافق وطنى فى غضون 5 أسابيع من تاريخ التوقيع، وقد أخذ الطرفان المهلة كاملة حتى رسى المزاد على رئيس الوزراء الحالى لحكومة رام الله رامى الحمد الله، والذى توصل الى التشكيلة النهائية للوزارة فى بضع أيام من تكليفه، وجرت مراسم حلف اليمين صباح أمس الأول من رام الله على الهواء، وخرجت التصريحات من غزة تعلن التأييد والدعم للحكومة الوليدة. تصعيد إسرائيلى وتسابقت الأحداث عندما قررت اللجنة الوزارية لشئون الأمن القومى الإسرائيلى بالإجماع بعد ساعات من اداء اليمين الدستورية فى رام الله، بأنه لا يجوز التفاوض مع حكومة فلسطينية تعتمد على حماس وهى تنظيم إرهابى يدعو لتدمير إسرائيل والعمل على جميع الأصعدة بما فيها الصعيد الدولي, ضد إشراك تنظيمات إرهابية فى الانتخابات الفلسطينية. وجاءت تصريحات رئيس الوزراء نتنياهو فيها التصيد للسلطة الفلسطينية واللوم الشديد على المصالحة وهو الذى قال فى وقت سابق ان ابومازن لا يمثل كل الفلسطينيين ولا يستطيع ان يدخل غزة، ولكنه خرج على اثر حلف الحكومة الفلسطينية اليمين يقول: ان الرئيس عباس قال "نعم للإرهاب ولا للسلام وهذا يعتبر استمرارا مباشرا لسياسة أبو مازن الرافضة للسلام، وبينما اتخذت إسرائيل خطوات جريئة ومؤلمة من أجل العملية السلمية وهى تستمر فى التزامها بخيار السلام, فإن أبو مازن رفض تمديد المفاوضات ورفض اتفاق الإطار الذى عرضته الولاياتالمتحدة ويواصل ممارسة التحريض ضد إسرائيل وانضم إلى معاهدات دولية بشكل أحادي. ولكن إسرائيل وحدها هى التى تقف ضد هذا التوجه الفلسطيني، خصوصا وان المفاوضات قد كشفت مسئولية إسرائيل عن إفشالها، فإن موقفها الرافض للمصالحة الفلسطينية يشكل اختباراً آخر، لتأكيد رفضها للسلام القائم على رؤية الدولتين بعد المصالحة، ارتفعت حمى التطرف الإسرائيلي، حيث هدد أكثر من وزير، وعلى رأسهم رئيسهم بنيامين نتنياهو. الجهاد تتحفظ وتعتبر حركة الجهاد فى غزة هى الشريك والحليف لحماس على الأرض ولم تبد إعتراضا على المصالحة غير ان كلمات نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامى زياد النخالة فى تصريحات صحفية جاءت مثيرة للقلق عندما ذكر إن حركته تبارك المصالحة، لكنها لم تستشر، باختصار لا علم لنا بأى تفاصيل فى هذا الشأن ثم أننا لم نكن طرفاً فى هذا الانقسام، ورأى أن مصالح إسرائيل لا تتعارض مع المصالحة التى ستضبط أداء قطاع غزة على المستوى الأمني، لافتاً إلى أن حكومة عباس ملتزمة بالتنسيق الأمنى وأضاف ان إسرائيل مستفيدة والوضع سيكون مناسباً لها أكثر من قبل لأنها أمام أى تصعيد ما ستتمكن من محاسبة أبو مازن مباشرة عوضاً عن الاتصال بمصر لتتصل الأخيرة بحماس. أسباب حتمية للتأجيل رغم ان حماس أبدت تساهلاً إزاء اختيار شخص رئيس الوزراء والوزراء، بعكس ما كان يحصل فى جولات خيبات الأمل السابقة، غير ان التأخير جاء لامتصاص ردود الفعل الخارجية المعاكسة، وللوقوف على ردود الفعل الإقليمية والدولية من المصالحة، خلال هذه الفترة، واتضح موقف الاتحاد الأوروبى الإيجابى والداعم لاتفاق المصالحة، فضلاً عن المواقف الإيجابية التى صدرت عن الدول العربية والإقليمية. موقف أمريكى متعارض فى الوقت الذى اعلنت فيه الولاياتالمتحدة تحفظها على المصالحة واعتبرتها تصرفا احاديا من السلطة الفلسطينية يضر بعملية السلام ورددت نفس المفردات التى استخدمها نيتانياهو، قال مسئول فلسطينى أن الإدارة الأمريكية وجهت دعوة رسمية إلى رئيس الوزراء الفلسطينى المكلف رامى الحمد الله لزيارة واشنطن الشهر المقبل وأوضح أن الحمد الله تلقى دعوة رسمية من الإدارة الأمريكية لزيارة واشنطن، مشيرا إلى أنه سيجتمع مع الإدارة الأمريكية وسيعقد اجتماعات فى الكونجرس أيضًا ورأى المسئول فى بأن هذه الدعوة بمثابة مؤشر على اعتراف الولاياتالمتحدة بحكومة التوافق الوطنى الفلسطينية. لاحظ مراقبون فى إسرائيل أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما امتنع عن الحديث عن المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية خلال خطابه عن سياسات إدارته الخارجية. حيث استعرض الرئيس باراك أوباما فى خطاب ألقاه أمام خريجى أكاديمية «ويست بوينت» العسكرية فى نيويورك، سياسات إدارته الخارجية، متحدثا عن الحرب الأهلية فى سوريا، ومتطرقا إلى الجهود الدبلوماسية فى الملف الإيراني، ومسهبا الحديث عن الحرب ضد الإرهاب. ورغم أن أوباما أطال الحديث عن الشرق الأوسط، إلا أنه لم يذكر المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية وعملية السلام، وأشار متابعون فى إسرائيل إلى أن امتناع أوباما عن التطرق إلى الامر الفلسطينى الإسرائيلى فى خطابه الاحتفالى ربما يعبر عن يأس البيت الأبيض من الطرفين الإسرائيلى والفلسطيني، ولا سيما فى أعقاب فشل المفاوضات الشهر الماضي. وقدر المتابعون أن أوباما قرر أن ينقل انتباه إدارته إلى ملفات أخرى، مستسلما فيما يختص بالمفاوضات السياسية. وأوضح أوباما خلال حديثه أنه يفضل الدبلوماسية على الحلول العسكرية قائلا "رغم أن لدينا أقوى مطرقة فى العالم "الجيش الأمريكي" هذا لا يعنى أن كل مشكلة هى مسمار يستحق الطرق". كيرى يعرب عن خيبة أمله وفى الوقت الذى تجاهل فيه اوباما الأمر برمته قال وزير خارجيته جون كيرى ان الرد الاسرائيلى على اتفاق المصالحة الفلسطينى بين فتح وحماس كان "مناسباً"، مضيفاً انه "خاب امله" لأن الجهود الامريكية فى العودة الى المفاوضات فشلت وقال كيرى متحدثاً لقناة "بى بى اس" الامريكية ليلة إعلان ابومازن اسم رئيس الوزراء ان أمله خاب لان المحادثات لم تأت بالخطوة التى يجب ان تليها، مؤكداً انه لا يمكن لاى من الاطراف فى الشرق الاوسط الحفاظ على الوضع الحالى على المدى البعيد من دون حصول مشاكل حقيقية، لذا فى نهاية المطاف، سيكون هناك نقاشات حول ادارة العملية، وكأن كيرى يعلن عن نهاية الدور الأمريكى فى رعاية ملف المفاوضات.