فى خضم انشغال المصريين باستكمال الاستحقاق الثانى من خريطة الطريق بانتخاب رئيس الجمهورية القادم خلال يومى 26 و27 مايو الماضى، طرحت اللجنة المشكلة لاعداد مشروعى قرارين بقانون بتعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية ومجلس النواب، مشروعيها للحوار المجتمعى على أمل ان يتم الانتهاء من ابداء الاراء خلال اسبوعين على الاكثر من طرحهما للحوار. والحقيقة أن مشروعى القانونين سواء بالنسبة لتوقيت طرحهما او لما تضمناه من مواد مقترحة تثير العديد من الملاحظات واجبة التسجيل، أهمها ما يلى: اولا- ليست مصادفة ان يأتى طرح هذين المشروعين متزامنا مع اجراء الانتخابات الرئاسية، صحيح ان العملية الانتخابية فى نهايتها، إلا انه من الصحيح أيضا ان النهايات اكثر اهمية من المقدمات والبدايات، ففى الوقت الذى يزداد انشغال الجميع فى متابعة العملية الانتخابية والمشاركة فيها انتظارا لحسم نتائجها لمصلحة أحد المرشحين، بل وما سوف يتبعها من حوارات كثيرة وتحليلات عديدة حول ما شهدته العملية الانتخابية وما افرزته من نتائج بما يعنى أنه على مدى هذا الاسبوع والذى يليه سوف تظل الانتخابات الرئاسية ونتائجها هى محور الاهتمام، فكيف يمكن ان تجرى حوارات حقيقية وجادة بشأن هذين القانونين، فضلا عن ذلك أنه من غير المنتظر ان تجرى الانتخابات البرلمانية المقبلة خلال شهر يوليو المقبل حيث يحل علينا شهر الخير والبركات (شهر رمضان المعظم). ومن ثم، فالتساؤل المطروح مادامت تأخرت اللجنة عن تقديم هذين المشروعين عن الموعد الذى حدده قرار رئيس الجمهورية رقم 116 لسنة 2014 المنشئ لها والذى حدد فى مادته الثالثة أن تنتهى اللجنة من اعمالها خلال خمسة عشر يوما من تاريخ العمل به، وتاريخ هذا القرار هو 14 ابريل 2014، بما يعنى انه كان يجب عليه الانتهاء من عملها فى التاسع والعشرين من أبريل 2014، وتقديم المشروعين المقترحين للحوار المجتمعى بدءا من هذا التاريخ، ولكن لأسباب تتعلق بأداء اللجنة وظروفها تم مد هذه الفترة حتى انتهت اللجنة من عملها بعد ما يزيد على ثلاثة أسابيع. فكان من الاولى مد فترة الحوار المجتمعى حول مشروعى القانونين إلى الخامس عشر من يونيو المقبل، حتى يتسنى للمجتمع ان يشارك بالفعل في صياغة هذين المشروعين وعليه، فإننى اطالب مد فترة الحوار المجتمعى الى الخامس عشر من يونيو. ثانيا- تكشف القراءة الأولية فى مشروعى القانونين عن جملة من المخالفات لبعض مواد الدستور الذى تم اقراره فى اوائل هذا العام (يناير 2014)، حينما ينظر الى تقسيمه مقاعد المجلس ما بين الفردى والقائمة وتوسعه فى زيادة المقاعد الفردية (480 مقعدا للفردى) على حساب مقاعد القوائم (120 مقعدا للقائمة) محددا عدد القوائم على مستوى الجمهورية بثمان قوائم فقط، وهو امر يحتاج الى اعادة نظر فى ظل النصوص الدستورية التى تتحدت عن المساواة وتكافؤ الفرص بين المواطنين. أضف إلى ذلك حينما اشترط على كل قائمة ان تضم ثلاث مرشحات من النساء وثلاثة من المسيحيين واثنين من العمال والفلاحين والشباب ومرشح عن المصريين فى الخارج وكذلك الاشخاص ذوى الاعاقة، فهل اخذت اللجنة فى اعتبارها طبيعة وخصائص بعض المحافظات التى قد لا يوجد بها مثل هذا العدد من المرشحين، فعلى سبيل المثال بعض المحافظات الحدودية هل يوجد بها مرشحون من النساء. ثالثا- تمثل قضية المعينين فى مجلس النواب، رغم محدودية عددهم (30 عضوا) إشكالية اخرى حينما نصت المادة (28) فى المشروع المقترح على ضوابط التعيين، فقد تضمنت تعبيرات عامة غير محددة، فكان من الاوجب ان تكون هناك معايير محددة بشكل دقيق لا تسمح لأحد بمخالفتها. رابعا- حينما يحدد قانون مباشرة الحقوق السياسية فى مادته الخامسة والعشرين الحد الاقصى للدعاية الانتخابية للمرشح الفردى بمليونى جنيه وفى حالة الاعادة بمليون جنيه، يعنى ذلك ان على كل مرشح ان يكون لديه على الاقل (5) ملايين جنية حتى يستطيع ان يقدم على هذه الخطوة، فهل يعنى ذلك أن اعضاء مجلس النواب القادم من الاثرياء فقط؟ فكان من الاوجب على واضعى هذا المشروع أن يرفعوا شعار "الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى يمتنعون"، فمن أين يأتى مرشح فردى بمثل هذه المبالغ التى من المعلوم انه سيتم تجاوزها فى بعض الحالات، مادام فتح الباب لانفاق كل هذه المبالغ. ثم ما هو العائد الذى يحصده النائب بعد انفاق كل هذه المبالغ؟ بمعنى اكثر تحديدا لن يستطع طوال فترة وجوده فى البرلمان (لمدة 5 سنوات) أن يسترد على الاقل مثل هذه المبالغ التى تم انفاقها فى الدعاية فى حالة اذا ما حصل على الحد الاقصى من البدلات المحددة قانونا. خلاصة القول إن مشروعى القانونين يحتاجان إلى حوار مجتمعى جاد وحقيقى تسهم فيه كل فئات المجتمع وتكويناته السياسية والمجتمعية كى يأتى مشروعا القانونين بما يتناسب وطبيعة المجتمع المصرى وظروفه السياسية والاقتصادية وبما يتلاءم مع قدرات أبنائه ويسمح للجميع بتمثيل عادل وحقيقى. لمزيد من مقالات عماد المهدى