وضع المرأة ومكانتها فى أى مجتمع من المؤشرات المهمة التى تدلل على مستوى تطور هذا المجتمع، فالمجتمعات المتحضرة والمتقدمة هى التى تفسح المجال أمام المرأة لأخذ دورها الكامل فى بناء المجتمع، وتعتبر مشاركة المرأة فى مختلف جوانب الحياة، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والفكرية، ضرورية لنمو المجتمع لحدوث التوازن فيه. وفى هذا السياق، يحتل موضوع مشاركة المرأة فى الانتخابات أهمية خاصة، فى ظل تزايد الدعوات للإصلاح والديمقراطية، فالانتخابات هنا ليست هدفاً بحد ذاته، بل هى وسيلة لتمكين المرأة من تبوء مكانتها فى مؤسسات صنع القرار على اعتبار أنها تشكل نصف المجتمع، وهى حق أساسى من حقوق الإنسان أقرته الشريعة السمحاء يجب أن تتمتع المرأة به، لضمان تحقيق التنمية والمساواة العدالة. ويؤكد الدكتور"طه أبو كريشة" من كبار علماء الأزهر الشريف علي أنه إذا كان التشاور فى أمور الحياة من الوسائل التى تؤدى إلى الوصول إلي العمل الصالح المفيد، فإن هذه المشاورة أمر مشترك بين الرجال والنساء، لأن الله تعالى وهب النساء من العقول التى تميز بين الأمور التى تحتاج إلى مشاورة، فإن الأمر فى هذه المشاورة يكون أيضاً على قدم المساواة بين الرجال والنساء دون أن يكون هناك فارق بين الجنسين فى مجال القدرة على الإدلاء بالرأى في الأمر الذى يحتاج إلى مشاورة . ولعلنا نتذكر من سيرة رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه ما كان من شأنه في صلح الحديبية حين استشار إحدى أمهات المؤمنين، فأشارت عليه بالرأى الذي جعل سائر الصحابة يقتضون به فى الرأى الذى أشارت إليه أم المؤمنين أم سلمة.. إلى غير ذلك من الشواهد التى جاءت عن أمهات المؤمنين رضى الله عنهن. ورداً على من يزعم حرمة المشاركة النسائية في العملية الانتخابية، مستدلاً بقوله تعالى: «وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ» آية 228 سورة البقرة. تقول د.آمنة نصير أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية فى جامعة الأزهر: «هذا تأويل خاطئ، لأن المقصود بالآية الكريمة الحياة الزوجية التى تكون فيها المسئولية على الرجل أكبر من المرأة، وهو ما يطلق عليه شرعاً "القوامة" التي هي تكليف وليست تشريفاً وتمييزاً كما يظن الجهلاء المتعصبون للفقه الذكورى. والدليل الشرعى على خطأ هذا الاستدلال قوله تعالى: «وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ. وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ» الآيتان 71 - 72 سورة التوبة. الإسلام، ومن يتأمل بموضوعية العملية الانتخابية، سيجد أنها من القضايا المفيدة للفرد والمجتمع، ولهذا فهى من الأمور التى يكون فيها الأمر بالمعروف الذي يتشارك فيها الرجل والمرأة على حد سواء. ويؤكد د.أحمد كريمة أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر على أن المولي عز وجل أنصف المرأة من فوق سبع سماوات في قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» الآية 13 سورة الحجرات. ومن النصوص الشرعية التى تؤكد احترام الإسلام لحقوق وآدمية وكرامة المرأة، مثل الرجل تماماً، قوله تعالى: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُون» آية 97 سورة النحل. وتأكيده لنفس المعنى في قوله تعالى:«وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا» آية 124سورة النساء».