فى أوقات الأزمات والمحن تظهر الفكرة الإيجايبة لخدمة الوطن ، ونحن الآن فى موقف عصيب يحتاج إلى مجهود كبير لكى ننهض بالمجتمع، لذلك لابد من تجاوز السلوكيات العشوائية فى استخدام مواردنا سواء الكهرباء أو المياه أو الغاز الطبيعى ، أو كل ما يتعلق بالوطن . وقد عبر عدد من المواطنين والخبراء عن رغبتهم الحقيقية فى مواجهة فوضى استنزاف مواردنا وترشيد استهلاكنا لكى نعبر إلى بر الأمان فى ظل تحديات كبيرة تواجه الجميع، حيث إن ترشيد الاستهلاك مسئوليتنا جميعا لا يمكن أن نتبرأ منها أو ندفن رؤوسنا فى الرمال حتى لا نرى الحقيقة. فى السطور التالية نرصد آراء المواطنين ودورهم الإيجابى فى الحد من الاستنزاف العشوائى للمياه والطاقة .. فى البداية يقول حسن أبو العلا صيدلى إن ترشيد الاستهلاك واجب وطنى وضرورى يبدأ من إحساس كل فرد فى المجتمع بخطورة الأزمة التى تواجهنا ،لذلك لا بد من تقليل كميات الفاقد من المياه التى نستعملها طوال اليوم ، ونبتعد عن السلوكيات العشوائية المرفوضة التى تؤثر على الاستخدام السوى للموارد البشرية مثل: فوضى رش الشوارع بالمياه بطريقة مستفزة ، وإنارة جميع غرف الشقة بدون داع ، والمبالغة فى استخدام التكييفات فى غير أوقات الضرورة . أما شيرين متولى موظفة بالشهر العقارى فترى أن النقطة الأولى فى مشوار التوفير بشكل عام تتطلب أن يكون لدى الشعب قدوة لتطبيق هذا الترشيد ، بمعنى أن تبدأ الحكومة فى ترشيد استهلاكها بشكل عام فى استخدام المياه ، وترشيد الكهرباء حيث نجد عددا من المؤسسات الحكومية تهدر كميات كبيرة من المياه بسبب عدم صيانة معظم حنفيات دورات المياه الأمر الذى يؤدى إلى فقد المياه بطريقة مستفزة. ويضيف أحمد عاطف موظف بالنيابة أن الاستخدام المثالى للكهرباء والمياه والغاز ضرورى فى المرحلة الراهنة ، حيث يهدر بعض المواطنين كميات كبيرة من المياه ، بسبب سوء استهلاكهم ، وعدم وعيهم بخطورة المشكلة التى تحيط بالوطن نتيجة فقد كميات من المياه ، لذلك لا بد من مواجهة حاسمة مع المتسببين فى هذه الفوضى ومحاسبتهم على هذا الإهدار فورا. ويرى أحمد حنفى سائق- أنه لا بد من الإعتماد على الإضاءة الطبيعية لأطول وقت من النهار ، وعدم استخدام اللمبات ذات الإضاءة العالية ، والتركيز على اللمبات الموفرة التى تستهلك نسبة بسيطة من الكهرباء ، كما أن السلوكيات الإيجابية هى التى تؤدى إلى توفير فى الإستهلاك . وبنبرة حزينة يقول عبد الحفيظ محمد بائع متجول- إن معظم المحلات تتسبب فى ضياع حق المواطن البسيط فى الحصول على حقوقه ، حيث تستخدم أعدادا كبيرة من الإضاءة المبالغ فيها مما يؤدى إلى حدوث تأثير غير مباشر على باقى المنطقة ، كما أن عددا كبيرا من أصحاب المحلات يسرقون التيار الكهربائى بدون وجه حق الأمر الذى يؤثر على قدرة الشبكة الكهربائية على التحمل . إهدار المياه ويشير أحمد راشد مهندس إلى أن بعض المواطنين يسرفون فى استعمال المياه ، حيث يستخدمونها فى غسيل سياراتهم ، بدون مراعاة للكميات المهدرة على الأرض ، إلى جانب أن بعض أصحاب المحلات يستخدمون المياه فى رش الشارع بلا مبرر الأمر الذى يكشف عن تعمد لإهدار المياه ، فى الوقت الذى تنقطع فيه المياه عن بعض المناطق ويحتاج قاطنوها إلى كوب ماء ليروى عطشهم. ويرى فوزى وهيب صاحب معرض موبيليا أن توفير الاستهلاك يخدم المجتمع ، ويوفر أعباء كثيرة على ميزانية الدولة ، لذلك لا بد من توقيع غرامات فورية على أصحاب المحلات المخالفين الذين يستخدمون كشافات مبهرة تؤثر على الشبكة الكهربائية ، وبالتالى تؤدى إلى انقطاع الكهرباء لتخفيف الأحمال. ويقترح محمد زكريا طالب وضع لائحة تلزم ربات البيوت وأصحاب المحلات بإغلاق مفاتيح الكهرباء فى الغرف غير الموجود بها أحد ، وعدم استعمال المياه بلا مبرر ، والاستفادة من كل نقطة مياه فى أغراض إيجابية. وتؤكد رشا محمود مرشدة سياحية ضرورة توعية المواطنين بالمشاكل الناتجة عن إهدار المياه والكهرباء وغيرها من الموارد التى تنعكس بشكل مباشر على المواطنين ، من خلال البرامج التفاعلية التى تسهم بشكل مباشر فى القضاء على المشكلة . رفع كفاءة الإستخدام ويعلق الدكتور حامد موسى أستاذ الإقتصاد وعميد كلية التجارة جامعة السويس سابقا على هذه القضية قائلا : إن الطاقة بمختلف صورها وأشكالها من المقومات الأساسية للحياة الإنسانية وتطورها، لذلك من الضرورى العمل على ترشيدها ورفع كفاءة استخدامها فى جميع المجالات من خلال اعتماد الاستخدام الرشيد للطاقة كسلوك يومي، ويكون ذلك من خلال مجموعة من الإجراءات والتدابير المتخذة للاستخدام الإيجابى للطاقة بالشكل الأمثل . وأضاف أستاذ الإقتصاد أن للإعلام دورا مهما فى مجال توعية المواطن وتعريفه بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة والحد من هدرها فى مختلف مناحى حياته وأنشطته، حيث إن ترشيد الاستهلاك لا يعنى تقليل الاستهلاك، وإنما يعنى الاستهلاك الأمثل، بحيث يتم اعتماد أساليب وتدابير حكيمة فى عملية الاستهلاك لتحقيق أفضل الفوائد والنتائج من عملية الاستهلاك ومنها وقف الهدر، وتجنب الفاقد، وتوفير التكاليف المترتبة على ذلك. وأوضح عميد كلية التجارة جامعه السويس سابقا أن هناك وسائل متعددة يمكنها توفيرمبالغ مالية كبيرة للموازنة العامة للدولة منها: تعديل أسعار تصدير الغاز الطبيعى، ليحقق وفرا قدره 33 مليار جنيه سنويا، إلى جانب المخلفات الزراعية التى يمكن إعادة تدويرها واستخدامها فى صناعة الورق والأسمدة يمكنها تحقيق 12 مليار جنيه سنويا . وكشف أستاذ الإقتصاد عن أن نحو 20 مليار جنيه هى القيمة الإجمالية التى يتم صرفها لعدد وافر من المستشارين المرضى عنهم والذين يحصلون على مبالغ طائلة ، ولو كانوا أصحاب تصورات قادرة على النهوض بأحوال الدولة ما شهدنا كل هذا التراجع فى مختلف المناحى الإقتصادية والمتمثل فى تزايد عدد المصانع المغلقة وارتفاع نسب البطالة . وقال د. حامد إنه يمكن تحصيل 50 مليار جنيه لو أمكن ضبط عمليات تراخيص المحال التجارية، والتى يعمل كم كبير منها بلا تراخيص أو بدون تجديد للتراخيص، السلع الترفيهية والرديئة مثل ألعاب الأطفال الواردة من الصين بعد فتح اعتمادات مالية بالدولار، ويمكن الإستغناء عنها ودراسة إمكانية إقامة مثل هذه المصانع فى مصر وتوفير كم النقد الأجنبى المحول بما قيمته سنويا 50 مليار جنيه . مخالفات الأراضى وأشار موسى إلى أنه لو تم إحكام السيطرة على التهرب الجمركى فسوف يوفر للدولة 25 مليار جنيه ، كما أن مخالفات استخدام الأراضى فى غير الأغراض الزراعية يصل إلى 200 مليار جنيه ، بمعنى أنه يتم شراء الأرض من الدولة على أنها مخصصة للزراعة بسعر بخس ثم يتم تقسيمها وعمل منتجعات سياحية وبيعها بالملايين دون دفع قيمتها الحقيقية للدولة بالتواطؤ مع بعض المسئولين المنحرفين وهذه التجاوزات التى تم حصرها تصل إلى 200 مليار جنيه. وترى أميرة فوزى خبيرة فى تنسيق المنازل - أن أفضل إضاءة للمنزل هى ضوء النهار الذى يتلاءم مع حساسية العين البشرية لذلك فإن المساحة الداخلية فى المنزل يجب أن تستفيد من أشعة الشمس خلال النهار، وتلعب الديكورات الداخلية فى المنزل دورا مهما فى الإنارة حيث إن الواجهات الملونة تضاعف قوة الضوء ثلاث مرات خاصةً فى غرف الجلوس، ولذلك فإنه يفضل أثناء دهان المنزل اختيار الألوان الفاتحة من أجل الجدران والسقف وهذا بالتالى يسهم فى الحد من كمية الطاقة المستهلكة. وتضيف أن استعمال الألوان الفاتحة فى طلاء المنزل تسهم فى توفير الطاقة حيث إنها تعكس الضوء فتسهم فى زيادة كفاءة الإنارة داخل الغرف وتخفض من حدة أشعة الشمس الساقطة على المنزل فمثلاً: الضوء باللون الأحمر يمنح الإحساس بالحرارة، بينما الضوء باللون الأبيض أو الأزرق يمنح الشعور بالبرد. المصابيح العادية وتنصح أميرة بضرورة استخدم مصابيح الإضاءة الفلورية (فلورسنت) بدلاً من المصابيح العادية فهى تستهلك 25% من الطاقة المستهلكة فى المصابيح العادية ، كما تنصح بضرورة تنظيف المصابيح والستائر الشفافة تساعد على تحسين الإضاءة فالستائر توفر الطاقة وتمتص ما نسبته 75% من الضوء لذا يفضل استخدام ستائر شفافة و المحافظة على بقاء مصابيح الإنارة نظيفة يؤدى إلى جعل الإضاءة ساطعة . وترى إيمان المرسى كلية التجارة - أن الطاقة عصب الحياة ، فلنتعاون معا للحفاظ عليها ، كما أن هدر الطاقة آفة ، فلنتحد لمواجهتها ، كما أن إطفاء مصباح واحد فى كل منزل يؤدى إلى توفير قدر كبير من الطاقة المستهلكة لذلك يجب أن نتكاتف حتى لا نحرم الأجيال القادمة نعمة الكهرباء ، لذلك فإن الكهرباء نعمة وهدرها نقمة. وتضيف إيمان أن غسالة الصحون من الأجهزة المنزلية المهمة التى تستهلك قدراً من الطاقة الكهربائية ويمكن تقليل الطاقة المستهلكة من خلال اختيار النموذج الذى يتناسب مع احتياجات المنزل ولا نقوم باستخدام غسالة الصحون التى تدور وهى فارغة وبالتالى لا توفر فى استهلاك الكهرباء، وذلك بعد أن أصبحت الطاقة بمختلف صورها وأشكالها من المقومات الأساسية للحياة الإنسانية وتطورها، لذلك من الضرورى العمل على ترشيد ورفع كفاءة استخدامها فى المجالات كافة من خلال اعتماد الاستخدام الرشيد للطاقة كسلوك يومي. أما رغد أحمد مهندسة ديكور فترى أن أجهزة الإنارة من أكثر الأجهزة الكهربائية انتشارا فهى تستخدم بكميات كبيرة فى القطاع السكنى والتجارى وتعتبر مصابيح الإنارة من أكثر الأجهزة الكهربائية استهلاكا للطاقة الكهربائية ويمكن تقليل الطاقة المستهلكة من خلال استعمال الإضاءة فى الأماكن التى تستعمل فقط ، والاعتماد على الإضاءة الطبيعية قدر الإمكان ، واستعمال الإضاءة ذات التوفير، وعدم تشغيل مصابيح الإنارة نهارا والاستفادة من الإضاءة الطبيعية قدر الإمكان، والتأكد من إطفاء المصابيح قبل مغادرة المنزل . وفى النهاية إن ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية والمائية واجب وطني، إلى جانب أنه مصلحة شخصية لذا علينا جميعا الالتزام به والحرص عليه.