كثر الحديث عن التقارب السعودى -الإيرانى الذى لاحت فى الأفق تباشيره منذ فترة وجيزة،بغزل سياسى متبادل من الطرفين ،وبات التقارب قاب قوسين أو أدنى بين بلدين كان يعتبر كثير من المحللين أن بينهما حربا باردة ..لكن يبدو أن هذه الحرب على وشك أن تضع أوزارها. فالعودة بعقارب الساعة قليلا تذكرنا بأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز كان من دعاة التقارب مع إيران منذ أن كان وليًا للعهد، وأقام علاقات جيدة وقوية مع السيد هاشمي رافسنجاني، رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية الأسبق ، وهو أحد قادة التيار الإيراني الإصلاحي، وكذلك الرئيس الأسبق محمد خاتمى، اللذين دعما الرئيس الحالى حسن روحاني بشدة في الانتخابات السابقة ضد الرئيس السابق محمود أحمدى نجاد. إذن،فخلفية العلاقات فى تلك المرحلة تمهد التربة لمثل هذا التقارب ،يضاف إليها الكثير من المستجدات فى المشهد الاقليمى بصفة عامة ، ومن أبرزها القضية السورية ،التى طال أمد حلها مع استبعاد الحل العسكرى كخيار وحيد لإنهائها ،ويكاد يكون التفاهم السعودى الايرانى أحد الخيارات المطروحة لحلها، فضلا عن الاتفاق النووى المرحلى بين طهران وواشنطن ، يضاف إلى هذه المحاور التقاء إيران والسعودية على أرضية العداء للجماعات الاسلامية المتشددة باعتبارها خطرا يطال الجميع. كما ان الايرانيين يدركون جيدا ان السعودية لاعب اقليمي لا يمكن تجاهله ،والسعوديون يعلمون أن الايرانيين لهم ثقل كبير فى المنطقة الاسلامية من الصعب القفز فوقه وتجاوزه ،والامريكان على دراية تامة بأن الحرب مع أى دولة لم تعد نزهة . المعطيات السابقة وغيرها الكثير-مما لا يتسع المقام للحديث عنه- تؤشر إلى أن التقارب على المحور السعودى الايرانى الأمريكى بات وشيكا ..فالمصالح تتصالح. والسؤال الإجباري إزاء هذا التغير للمثلث (امريكا ، ايران ، السعودية) يكون عن مصر والخليج .. فإن كانت دول الخليج ولبنان وسوريا سوف يتحقق جزء لا بأس به من مصالحها بهذا التقارب وبالطبع ستنعم المنطقة بقدر من الهدوء .. والعلاقات المصرية-السعودية فى أحسن حالاتها، والعلاقات المصرية الامريكية ستحدث بها انفراجة وشيكة متوقعة بعد توتر دام عدة أشهر وبعد إنتهاء الانتخابات الرئاسية .. فماذا عن العلاقات المصرية-الايرانية؟ فى الحقيقة ..ليست لدى إجابة واضحة ،فلا نعلم سياسة محددة تبنى عليها العلاقات بين القاهرةوطهران ،ربما تأتينا الإجابات الدبلوماسية المعتادة وهى ضرورة احترام الشأن الداخلى لكل دولة وتعظيم مصالح البلاد العليا ،وهى إجابات لا نختلف عليها ولكنها تحتاج لمذكرات تفسيرية وتوضيحية ،خاصة من المرشح الأوفر حظا للفوز بالرئاسة المشير عبد الفتاح السيسى . فهل تفتح القاهرة أبوابها لطهران "الجديدة" المنفتحة على دول مجلس التعاون الخليجى ،وهل يرتفع التمثيل الدبلوماسى بين البلدين ليكتمل ؟وهل تتجاوز القاهرة قضية "شارع الاسلامبولى"؟أم تتواصل مع طهران بشأن القضايا الأمنية التى ما زالت عالقة ؟وهل تواصل طهران مساعيها لارضاء مصر تارة بوعود بعدم التدخل فى الشأن المصرى وتارة أخرى بإغداق الوفود السياحية على مصر، التى سبق ان وجدت معارضة سلفية فى عصر "الاخوان" ، مع تأكيدات بعدم نشر التشيع وهو " البعبع" الذى يطاردنا ليل نهار ؟ إننى أرى الإجابة فيما أقدم عليه السيد نبيل فهمى، وزير الخارجية، من تسليمه ممثلى مرشحى الرئاسة السيسى وصباحى مذكرة تضم أهم توجهات السياسة الخارجية المصرية وأبرز التحديات القائمة والبدائل المطروحة لمواجهتها، و ما تم إنجازه حتى الآن، فيما يتعلق بإعادة التوزان للسياسة الخارجية المصرية دوليًا، واستعادة دورها الاستراتيجى عربيا وإقليميا ودوليا .. أرى فى هذه المذكرة بارقة أمل وبداية جيدة تمكن " ساكن" قصر الاتحادية " الجديد" من اتخاذ القرار السليم فى ظل المتغيرات الدولية المتسارعة فى المحيط الاقليمى والدولى، حتى لا تشعر مصر قريبا أن تقارب امريكا والسعودية وايران أصبح يشكل " مثلث قلق" لها. لمزيد من مقالات أمانى ماجد