· الزيارة بداية لتشكيل المربع الإقليمي مع تركيا والسعودية وإيران · من المبالغة أن تحرص مصر على أمن الخليج أكثر من الدول الخليجية نفسها في الوقت الذي ينظر فيه المراقبون والمحللون إلى زيارة الرئيس محمد مرسي إيران لحضور قمة عدم الانحياز نهاية الشهر الحاليبمزيد من الاهتمام.. برز العديد من رؤوس علامات الاستفهام حول طبيعة العلاقات المصرية الإيرانية في ظل زيارة أول مسؤول مصري إيران منذ أكثر من 33 عاما هي عمر الثورة الإسلامية بقيادة آية الله الخميني. من جانبه أكد الدكتور سيف الدين عبدالفتاح، أستاذ النظرية السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن هناك مربعا مكونا من دول بالأمة الإسلامية مهما للغاية للنهوض بها، وتسمى هذه الدول دول الأركان، ومصر على رأس هذه الدول في استراتيجيتها. وتابع عبدالفتاح سرد الدول الثلاث الأخرى وهي تركيا في مكانتها التي اكتسبتها بعد نهوض حزب العدالة والتنمية وكذلك إيران باعتبارها لاعبا أساسيا في المنطقة لا يجوز إطلاقا أن نغفلها، والسعودية باعتبارها تشكل طاقة رمزية بما تحمله من شعائر تتعلق بهذه الأمة. وشدد عبدالفتاح على أن زيارة مرسي السعودية تعتبر مقدمة لهذه العلاقات وزيارة إيران أيضا بمناسبة انعقاد مؤتمر عدم الانحياز هي تكملة لهذا المربع ثم بعد ذلك الذهاب إلى تركيا ليتشكل نهائيا، مؤكدا أن المهم في تلك الزيارات هو الحفاظ على إطار بناء إستراتيجية دينية جديدة تحاول أن تجعل لهذه التفرقة إرادة وسيادة تتعلقان بها ويكون لها رأي مهم في القضايا المختلفة التى تتولد فى المنطقة. وفيما يخص تخوفات البعض من عودة العلاقات الإيرانية المصرية، يعتقد عبدالفتاح أنها مصطنعة ومفتعلة أكثر منها حقيقية، لكن مع ذلك يؤكد أن الجانب الثقافي والعقائدي والديني يحتاج إلى المكاشفة والمصارحة"، معقبا: "أصل السياسة الجديدة يجب أن تقوم على قاعدة استراتيجية و هي تبادل المصالح والمنافع". في السياق ذاته قال الكاتب الصحفي فهمي هويدي، إن زيارة إيران التي هي بالأساس للمشاركة في قمة عدم الانحياز، تشكل بدورها فرصة جيدة لكسر الجمود وتذويب الجليد بين البلدين لردم فجوة الشكوك والهواجس. وأكد هويدي أن قائمة المصالح الكبيرة التي يحققها التقارب بين البلدين لا ينكرها منصف، وهي تتجاوز حدود مصر ويمكن أن تكون في صالح الأمة العربية عامة ومنطقة الخليج بوجه أخص، مضيفا "لا أريد أن أذهب إلى أبعد من إحياء مثلث القوة الذى يضم مصر وإيران وتركيا"، مؤكدا أن زيارة الرئيس مرسي لو أنها كانت مجرد بادرة لإعلان النوايا الحسنة، فإن ذلك يعد أمرا طيبا يستحق الترحيب والتشجيع، آمِلا في أن تتواصل الخطى الأخرى على ذلك الطريق الطويل المسكون بالألغام والأشواك. على جانب آخر وصف رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية السفير، محمد إبراهيم شاكر، الزيارة المرتقبة بأنها مهمة، وتمثل فرصة لتعزيز دور مصر على الصعيد الخارجي بصرف النظر عن العلاقة مع إيران وما اكتسبته من حساسيات خلال العقود الماضية. وقال الدكتور عمرو حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه آن الآوان بعد انقطاع في العلاقات المصرية الإيرانية دام أكثر من 30 سنة، للانتهاء من تلك القطيعة انطلاقا من المصلحة الوطنية المصرية، مضيفا أن مصر دولة لها مصالحها في العالم العربي والشرق الأوسط، وإيران لاعب أساسي في المنطقة، وبالتالي القطيعة بين البلدين مسألة غير جيدة وتجاوزها أمر مهم". وأكد حمزاوي أنه لابد من التواصل وإعادة بناء العلاقة مع إيران انطلاقًا من المصلحة الوطنية، معقبا "نحن الآن دولة تتحول ديمقراطيًا ولها مصلحة في حل القضية الفلسطينية ولها مصالح حيوية مع دول الخليج العربي وكل هذه الأمور لا بد أن تؤخذ بعين الاعتبار". إلى ذلك تعتقد الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الزيارة شديدة الأهمية بالنظر إلى ما تشهده مصر من اتجاه نحو استقلالية سياستها الخارجية، والقطيعة مع التوجهات التابعة التي رسخها نظام إقليميا ودوليا. وشككت الشيخ، وهي خبيرة في العلاقات الدولية، في وجود ما سمته "انعكاسات سلبية للزيارة" على علاقات مصر بأطراف دولية وإقليمية، مشيرة إلى أن دول الخليج العربية تتعامل مع إيران وفي مقدمتها الإمارات التي تتهم طهران باحتلال جزر تابعة لها، ومن المبالغة أن تحاول مصر أن تبدو كأنها حريصة على أمن الخليج أكثر من دول الخليج نفسها. وبالنسبة للولايات المتحدة وإسرائيل، ترى الشيخ وجود تفاهمات بين واشنطنوإيران رغم ما يبدو بينهما من عداء ظاهري، ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة لإسرائيل التي سبق أن ساعدت إيران وأمدتها بالأسلحة خلال حربها مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي. من جانبه، أكد السفير هاني خلاف المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، أن زيارة مرسي إيران شديدة الأهمية بداية من المشاركة في اجتماعات عدم الانحياز التي يجب أن يتم الدفع بها لتصبح حركة مناهضة للهيمنة الأجنبية على دول العالم الثالث خصوصا في المجالات الاقتصادية والتنموية. وقال خلاف إن لقاء متوقعا بين مرسي ونظيره الإيراني على هامش القمة سيساعد بالتأكيد في إذابة الجليد القائم في العلاقات بين البلدين منذ فترة طويلة وتدشين مرحلة يمكن وصفها بأنها مرحلة تدفئة العلاقات، واستطلاع أفق التعاون دون الدخول بالضرورة في الأمور التفصيلية التي يمكن أن يعمل عليها الخبراء من البلدين في وقت لاحق. ويعتقد خلاف أن زيارة مرسي إيران تمثل أحد مظاهر التغير الذي تشهده السياسة الخارجية المصرية حاليا نحو الاستقلالية، وإعطاء الأولوية للمصلحة الوطنية بعيدا عن الخضوع لأي هيمنة خارجية. من "المشهد" الأسبوعى.. الآن بالأسواق