مامدى حق الفقراء والبسطاء فى العلاج الكريم على نفقة الدولة،؟ وخاصة المعوزين وغيرالقادرين منهم، وهل هناك سقف لتكلفة العلاج المجانى للامراض المستعصية أو الجراحات الخطيرة، أم نتركهم يواجهون الموت آلما وحرمانا من أبسط حقوقهم التى كفلها لهم الدستور الجديد، خصوصا بعد ثورتين متتاليتين لشعب على مظاهر الفساد والأستبداد «والتكويش» على ثروات الوطن وسرقة حقوق رعاياه.
هذه القضية الخطيرة تعرضت لها محكمة القضاء الادارى بكفر الشيخ الاسبوع الماضى برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، وأعملت نصوص الدستور الجديد الذى أكد حقوق» الغلابة «من أبناء هذا الوطن والتى اغتصبت لعقود طويلة حتى طواها النسيان، وسطر هذا الحكم مفاهيم جديدة نحو العدل والرحمة والانسانية، ولاول مرة يلغى القضاء سقف لتحمل الحكومة نفقات العلاج للفقراء بدون حد أقصى تمشيا مع صحيح الدستور الجديد وتقديم العلاج والرعاية الطبية للمواطنين واجراء العمليات الجراحية وصرف الادوية وهو ليس تفضلا من الدولة عليهم وانما هو حق لهم لانهم يسددون اشتراكات شهرية يتم سدادها من اجور المؤمن عليهم بالجهاز الادارى للدولة والهيئات العامة والمؤسسات العامة جاء ذلك فى حيثيات الحكم التاريخى، لصالح رجل وامراة من المواطنين يعيشان فترة حرجة من حياتهما ويحتاج كل منهما لتدخل جراحى عاجل ولكنه فوق طاقتهما المالية. اولا: قضت المحكمة بالزام الحكومة المصرية بتحمل مصاريف عملية زرع الكلى للسيدة منال عثمان الاخصائية الاجتماعية بالجهة الادارية بكفر الشيخ ومقدارها 125 ألفا و758 جنيها على أن تتحمل الحكومة كذلك مصاريف عملية زرع الكبد للمواطن أحمد عفيفى الموظف بأحدى الجهات ومقدارها 124 الفا و295 جنيه. كما قضت المحكمة برفض اشكالات الحكومة فى الحكمين اللذين اصدرتهما المحكمة لصالح المواطنين بل أمرت بتغريم الحكومة الف وستمائة جنيه بواقع ثمانمائة جنيه عن كل اشكال. ثانيا: أكدت المحكمة ان الدستور الجديد جعل لكل مواطن الحق فى الصحة وفى الرعاية الصحية المتكاملة وفقا لمعايير الجودة وانه يتعين على الدولة دعم الخدمات الصحية العامة التى تقدم للشعب كما انها ملزمة بتخصيص نسبة من الانفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية ,ثالثا: ان هذا الالتزام الدستورى لا ينفك عن الدولة الا باستقرار الحالة المرضية او الابراء من المرض وهذا الالتزام ليس هبة من الدولة تمنحه لمن تشاء وتمنعه عمن تشاء ولكنه من اقدس واجباتها التى لا تستطيع باى حال التنصل منه . رابعا: أن رئيس هيئة مستشارى مجلس الوزراء أفاد فى كتابه أن رئيس مجلس الوزراء حدد مساهمة الدولة فى تكاليف العلاج ب 12 ألف يورو فى دول الاتحاد الاوروبى و50 يورو بدل سفر وفى باقى دول العالم ب12 الف يورو و60 يورو بدل سفر عن كل ليلة تقضى خارج جدول العلاج وفى داخل جمهورية مصر العربية خصص مبلغ خمسين الف جنيه وان هذا التحديد فيه ما يتعارض مع حق العلاج والرعاية الطبية المنصوص عليها فى الدستور والاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التى اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة والتى وقعت عليها مصر حيث اصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 537 لسنة 1981 بالموافقة على تلك الاتفاقية التى اقرتها الجمعية العامة للامم المتحدة بتاريخ 16 ديسمبر 1966 ووقعت عليها مصر بتاريخ 4 اغسطس 1967 ومن ثم اضحت قانونا من قوانين مصر الداخلية وقد نصت تلك الاتفاقية على التزام الدول الاطراف بتقديم اعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية وان تؤمن الخدمات الطبية والعناية الطبية فى حالة المرض اذ لا يمكن باى حال من الاحوال امام سطوة المرض وجبروته الذى لا يرحم ان تضع الدولة حدا اقصى لما تلتزم به هيئة التامين الصحى من نفقات لعلاج للمواطنين لما فى ذلك من اخلال جسيم بحقهم الدستورى طالما الزمت الدولة به نفسها فى الدستور فى الحالات الخطرة على حياتهم او حالات الطوارئ . خامسا: ان مظلة التامين الاجتماعى هى التى تكفل بمداها واقعا افضل يؤمن المواطن فى غده وينهض بموجبات التضامن الاجتماعى التى يقوم عليها المجتمع ولازم ذلك ان الرعاية التامينية ضرورة اجتماعية بقدر ما هى ضرورة اقتصادية وان غايتها ان تؤمن المشمولين بما فى مستقبل ايامهم عند تقاعدهم او عجزهم او مرضهم بما مؤداه ان التنظيم التشريعى للحقوق التى كفلها المشرع فى هذا النطاق يكون مجافيا لاحكام الدستور منافيا لمقاصده اذا تناول هذه الحقوق بما يهدرها او يعود بها الى الوزراء. سادسا: أكدت المحكمة برئاسة المستشار الدكتور محمد خفاجى انه لا ينال مما تقدم ما يمكن ان تتذرع به الحكومة من قلة الموارد المتاحة باعتبار ان صحة المواطنين خاصة الفقراء اهم واغلى من المال والا لما نص عليه الدستور الجديد بعد ثورتين متتاليتين لتحقيق العدالة الاجتماعية بين الجميع.