في أوائل شهر أغسطس عام1977 أي منذ35 عاما تقريبا حدد لي موعد مع المرحوم الأستاذ يوسف السباعي رئيس مجلس إدارة الأهرام, يومها وفي الموعد كنت أقف أمام المرحوم أيضا حسين رزق مدير مكتب السباعي, قدمت له نفسي قال لي أهلا برسمية شديدة, وأضاف الأستاذ في انتظارك. ثم دخل الي مكتبه وخرج لي يوسف السباعي بابتسامته الشهيرة الآسرة وتحدثنا لدقائق, ونحن وقوف أمام مكتب مدير مكتبه, ثم جاء حسين رزق ببعض أعمال السباعي الروائية وقدمها لي بعد أن كتب صاحبها إهداء لي علي روايته الشهيرة نادية, وودعني بابتسامته قائلا الأستاذ يوسف فرنسيس في انتظارك في مكتبه, شكرته وحملت الكتب وخرجت من البرج في الدور الرابع لتقع نادية من بين يدي علي الأرض. وأنا أحاول التقاطها وقعت مني عدة كتب كانت المجموعة المهداة لي تتضمن معظم أعمال السباعي المطبوعة إن لم تكن كلها, فجأة وجدت شابا في بداية الثلاثينيات واسع الخطوة يلتقط ما وقع بسرعة مبتسما قائلا كده نادية حاتزعل منك قوي, بادلته الابتسامة سألني, أنت زميل جديد قلت له ليس بعد أنا اسمي صبري الجندي, قال وأنا لبيب السباعي, انفرجت أساريري وقلت له أنني أتابع ما يكتبه من أخبار واصطحبني الي مكتب يوسف فرنسيس. عدت للإسكندرية مدينتي وبعد عدة أسابيع فوجئت بمكالمة هاتفية في منزلي من الأستاذ لبيب,قائلا بصوته الودود يا أخي دوختني حتي أعرف أجيبك مقالك النهارده كان ذلك يوم الاثنين28 أغسطس1977 كان عمري يومها23 عاما وظللت علي اتصال بالأستاذ لبيب خاصة بعد التحاقي للعمل بالأهرام, وكنت كأي شاب عجولا ومتسرعا فبعد نحو شهر ونصف تلقيت عرضا بالعمل في جريدة الجمهورية وكان العرض الكريم يحمل اغراءات عديدة, منها التعيين الفوري والعمل في الاسكندرية, اتصلت بالأستاذ لبيب لاستشيره, رفض العرض تماما برغم ما به من اغراءات ووعدني بالعمل علي سرعة تعييني, لكنني ذهبت للجمهورية وللأسف لم يتم تعييني حينها فتركت الجمهورية وأخذتني الحياة وفي نهاية عام1988 شاءت ارادة الله أن أعود للأهرام مرة أخري وكان أول شخص يستقبلني هذه المرة هو لبيب السباعي أيضا بعتاب المحبين الصادقين, وبدأت حياتي الجديدة في القاهرة, ومثل معظم أبناء جيلي كنت أتعاون مع الشرق الأوسط وجاء الاستاذ لبيب السباعي مديرا لمكتب الشرق الاوسط واستدعاني وطلب مني أن أكون المحرر الاقتصادي الأول وتدور الأيام دورتها وفي أواخر عام2005 تعرضت لحملة شرسة وفاسدة وأجده كالعادة بجانبي مؤازرا ومطيبا لخاطري, وكان يتصل بي مرة علي الأقل أسبوعيا للاطمئنان والمساندة وعرض بكرمه المعهود أن أعمل معه في مجلة الشباب,. ذا هو لبيب السباعي الرجل الموقف البشوش.. الودود.. المقاتل.. المدافع عما يعتقد أنه صواب بقوة وجلد شديدين.. أطلت كثيرا دون أن أذكر كل مواقفه معي أو التي أعرفها, وكنت شاهدا علي بعضها. كان لبيب السباعي قويا في تسامحه ومتسامحا في قوة, كان فارسا نبيلا ترجل عن دنيانا وتركنا نصارعها وتصارعنا وهي زائلة, ونحن زائلون.. أستاذ لبيب عرفتك كثيرا لكن بعد أن تركتنا تمنيت لو عرفتك أكثر.