إذا كان النفاق عليك لزاما, فأبلغ ما تقول هو الصمت.. كلما دخلت إلي مكتب الأستاذ لبيب السباعي قرأتها, معلقة خلفه, وكنت عادة أفكر هل هي تذكرة له, أم لمن يحادثه, أم الاثنين معا؟ وتذكرت.. رأيت الأستاذ لبيب السباعي لأول مرة في زيارة إلي جريدة الأهرام مع أبي في أوائل التسعينيات, وكان هناك تذمر بين العاملين من السياسة التحريرية (كالعادة) ودار حديث بين أبي الذي آثر ترك الأهرام والعمل في الخارج وكان ينتقد بشدة وبين بعض الزملاء الآخرين, وقد انقسموا بين ناقد ومساند لسياسة الأهرام, وجميعهم يتلفتون من حولهم, أحد وقد أصبح رئيسا للأهرام بعد ذلك بسنوات ظل نظره مثبتا علي أوراق فوق مكتبه, وهو يتمتم كل شيء تمام وأنت عايزنا نعمل إيه يعني, أما الأستاذ لبيب السباعي فترك المجلس, استغربت واستفهمت والدي فقال لي لأنه الوحيد الصادق مع نفسه, في من بيننا.. ولن يترك الميدان. فعلمت أن المقولة التي ظلت فوق مكتب الأستاذ لبيب السباعي هي تذكرة له, بمبدأ يؤمن به, وطلب ممن يدخل بابه: أن ينطق بالصدق أو يصمت.