أى متابع لتحركات الخارجية المصرية ووزيرها المحنك نبيل فهمى عربيا وإفريقيا ودوليا بالانفتاح على روسيا والصين والحفاظ على علاقة ندية مع أمريكا وأوروبا، لابد أن يصل إلى نتيجة بأنها دبلوماسية عقلانية تركز على استقلالية القرار وتستجيب لتطلعات وإرادة الشعب، ودون أن تغفل مصالح مصر وأمنها القومي. فى هذا السياق لا يستطيع المتابع أن يغفل أهمية نتائج زيارة فهمى للولايات المتحدة فى ضوء ما كانت تواجهه العلاقات من مشكلات وضرورة وجود رؤى جديدة لتهيئة المناخ لعلاقة تستند إلى الاحترام والندية وهو ما تم الاتفاق عليه، فضلا عن أنه لأول مرة يأتى التزام أمركيا بالتشاور مع القيادة المنتخبة بما يعنى التسليم بما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية المقبلة، والاتفاق على مراجعة برنامج المساعدات وضمان استقراره فى الشق العسكرى والأمني، خاصة مع التأكيد الأمريكى بخطورة الإرهاب والتعاون معنا فى مكافحته. ولا شك أن المسئولين الأمريكيين وصلتهم رسالة بأن مصر صاحبة قرار مستقل ولديها خيارات خارجية، وأنها صديق لكل من يصادقها، وهو ما انعكس فى تأكيد أهمية العلاقات مع مصر كقوة إقليمية مؤثرة، ووجود مصالح متبادلة لتكون علاقة مشاركة وليست بين مانح وبمتلق، وضرورة وضع أسس واضحة للعلاقات. إن القراءة المتأنية لهذه الزيارة تؤكد أهميتها فى شرح ما تم إنجازه فى تنفيذ خريطة الطريق وإقرار الدستور ونقل الصورة الحقيقية للأوضاع فى مصر وملابسات الأحكام والقرارات القضائية الأخيرة، وتأكيد استقلالية القضاء المصري، خاصة مع تعقد عملية صنع القرار أمريكيا مما تطلب التواصل مع مراكز البحوث والإعلام والكونجرس والإدارة. وأعتقد أن تأكيد الجانب الأمريكى أنه لا توجد أى مؤامرات على مصر وحرصه على نجاح الديمقراطية بها، يمثل تحولا فى موقفه، فضلا عن التسليم بأهمية الدور المصرى إقليميا وعالميا. وأخيرا، يحسب لفهمى أن تحركاته المدروسة والمنهجية قد تداركت الأخطاء التى وقعنا فيها بعد ثورة 25 يناير بالتركيز المفرط على الوضع الداخلى وإهمال ملفات فى صميم الأمن القومى المصرى كسد النهضة وغيرها. E-mail:[email protected] لمزيد من مقالات محمود النوبى