احتفل العالم منذ أيام بالذكرى العشرين لأسوأ تصفية عرقية فى رواندا تلك الدولة الإفريقية التى ظلت منكوبة بسياسات «فرق تسد» الاستعمارية القديمة عندما مكن الاستعمار البلجيكى أقلية قبيلة التوتسى من الحكم ومعظم مناصب الدولة حتى اطاحات الاغلبية المنتمية للهوتو بالحكم الملكى التوتسى فى عام 1959 وقد استيقظ الناس فى العاشر من أبريل عام 1994على الصراخ والقتل للأطفال والنساء بعد قصف طائرة الرئيس المنتمى لقبيلة الهوتو ومن المثير انه لم يعرف أحد حتى الآن من المسئول عن مقتل الرئيس وقيل إن تلك الشرارة التى أشعلت المجزرة كانت مدبرة وألقى متشددو الهوتو باللائمة على الجبهة الوطنية لمتمردى التوتسى بينما قالت الجبهة إن الهوتو هم من اسقطوا الطائرة كذريعة لتنفيذ الابادة الجماعية وظلت المذبحة مائة يوم بين ابريل ويونيو وأنشأ متطرفو الهوتو محطة إذاعية وصحفا تنشر الكراهية وتحث الناس على التخلص من الصراصير اى قتل التوتسى وعائلاتهم، وكانت تلك الإذاعة تبث أسماء الأشخاص الموجودين على قوائم القتل ولم يسلم احد حتى القساوسة والراهبات شاركوا فى قتل بعض من لجأ للاختباء فى الكنائس وفى غضون ساعات بدأت بنادق وسواطير وهروات الهوتو فى الذبح لخصومهم ونحر أكثر من 800 ألف وفق تقديرات الاممالمتحدة أو مليون وفق تقديرات بعض منظمات الإغاثة واغتصاب أكثر من ربع مليون امرأة وفر مليون ونصف المليون الى الكونغو وفقد مئات الألوف بالأمراض من المياه الملوثة مما إدى بعد ذلك لنشوب الحرب بين رواندا والكونغو عام 1996 المهم ظلت المذبحة حتى شهر يونيو، وفى منتصف يوليو من نفس العام نجح الرئيس الراوندى الحالى بول كاجامى من بسط سيطرته على البلاد وكان يرأس الجبهة الوطنية الرواندية وهو من التوتسى ونجح فى وضع حد للابادة وعندما شرع فى الحكم لم تكن هناك محاكم أو قضاء أو حتى سجون وتلاشت كل هياكل الدولة وبحلول عام 2000 كان هناك نحو مائة ألف مشتبه فى جريمة الاباده العرقية ينتظرون المحاكمات وهنا لجأت السلطة الجديده لاستدعاء نظام العدالة التشاركية عندهم والمعروف باسم (غا كاكا) وهو نوع من العدالة التعويضية مختلف عن القضاء التقليدى الرسمى وكانت رواندا فى امس الحاجه اليه لتنفيذ العدالة المجتمعية بمشاركة الناس وتضميد الجراح ووأد عمليات الثأر حيث لاتوجد أسرة هناك إلا وهى مثخنة بالآلام ووصمت أثرا فى كل عائلة وقامت المحليات بانتخاب قضاة لإجراء المحاكمات لإنجاز هذا الكم من القضايا فى أكبر عملية مجتمعية للعدالة والمصالحة ووفقا لعرف الغاكاكا اذا اعلن المتهم توبته والتمس العفو والتصالح مع المجتمع تخفف الأحكام وبالفعل تمت هذه المصالحة المذهلة لتضرب للعالم المثال الثانى فى التوبة والمغفرة بعد تجربة جنوب أفريقيا وانتصرت ثقافة القبائل على ثقافة الأمم المتحضرة، وفى خلال عقدين من الزمان تغير وجه رواندا تماما وهى تخطو لكى تصبح سنغافورة إفريقيا بعد ان ركز بول كاجامى الرجل القوى على قطاعات الصحة والتعليم والخدمات ويصبح لديها واحدة من أكثر حكومات العالم كفاءة ونزاهة ودخلت التاريخ فى 2008 بأول مجلس تشريعى منتخب غالبيته من النساء لتنضم بعد ذلك الى دول الكومنولث، وقد تضاعف متوسط الدخل ثلاث مرات خلال السنوات العشر الأخيرة، وهى تستعيد عافيتها لدرجة وصلت الى اعتبارها نموذجا للبلدان النامية وحققت نوعا من الأستقرار الاقتصادى، وأعادت الأوضاع لما قبل المذبحة لكى ينتعش الناتج المحلى بمعدل سنوى مابين 7و8% وانخفض التضخم الى أقل من 10% رغم إنها لا تمتلك منافذ بحرية أو اى موارد للثروة المعدنية، إلا انها بلد الألف تل واحد منابع النيل وأراضيه لوحة خضراء ربانية ولكنها إرادة الحياة فمن بين العدم والفوضى والدماء كانت إرادة الحياة أقوى ونحن فى أمس الحاجة لاستدعاء تلك التجارب لتضميد الجراح وما حدث عندنا ليس أسوأ مما حدث هناك بالتأكيد. ببسا طة الجديد فى الانتخابات الرئاسية ان المنافس الخاسر لن يحاكم. كلما استمعت لحملة صباحى أرى مصر تعود للوراء فى ادارة الفقر. حالة الضرورة ان يأكل المضطر الجيفة ويشرب البول، ومصر ليست كما يشخصها هيكل. لو كان نشطاء الفيس موجودين فى 73 لأصبحت مدن القناة إسرائيلية، اذا ثبتت صحة جهاز الجيش الطبى فعلى المشككين اعتزال الحياة الإعلامية والسياسية لا يحتاج السيسى ظهيرا حزبيا مادام ان غالبية الإعلام يدعمه. إغلاق باب الترشح على مرشحين شهادة وفاة للأحزاب والحركات والائتلافات. تحتاج مصر الى خمسة آلاف سيسى فى الأحياء والقرى ومراكز صنع القرار. للأسف تعامل الإعلام مع المصالحة الفلسطينية بنفس طريقة الإعلام الإسرائيلي. قبل لوم النشطاء الأولى محاسبة الإعلام الذى نفخهم ثم نافقهم ثم شيطنهم ليغسل سمعته بهم ودا وكرها. لمزيد من مقالات سيد علي