أعتقد أن أفضل استثمار لما تحقق علي طريق الديمقراطية متمثلا في انتخاب مجلس الشعب الجديد بإرادة جماهيرية صادقة وشفافة يجب أن يكون محددا في جدية الاجتهاد بحثا عن إجابة للسؤال المطروح... ماذا عن المستقبل... ماذا عن مستقبل مصر؟ إن من واجبنا أن نجتهد جميعا في طرح ما ينتظرنا في المستقبل من تحديات ومصاعب تعترض أحلامنا وطموحاتنا المشروعة.. مع ملاحظة أن هناك فرقا بين الطرح الأمين بهدف التنبيه ودق أجراس الخطر مبكرا, وبين الرغبة في التخويف وإطفاء الأنوار وفتح أبواب اليأس والقنوط علي مصاريعها! وأتذكر أنني قرأت منذ سنوات بعيدة تعبيرا للفيلسوف العالمي برتراند راسل يقول فيه: إن من يتصدي للحديث عن المستقبل يجب أن يتجنب الطرح بأسلوب اليقين وأن يلتزم بحدود الاعتقاد فقط, والمعني واضح, فعندما نتحدث عن المستقبل فإن من الصواب أن نقول إننا نعتقد كذا وكذا ولا نجزم بإمكانية حدوث أي شيء! إن بإمكاننا أن نتخطي معظم مصاعب الغد إذا بدأنا مبكرا في الاستعداد لها.. وأقول أعتقد لأن ذلك ليس أمرا مؤكدا فلا ما أجتهد- أنا شخصيا- في طرحه من مصاعب وتحديات أمر مؤكد ولا القدرة علي تخطي هذه المصاعب والتحديات أمر مؤكد.. وإنما هو مجرد اعتقاد ضمن حزمة هائلة من الاعتقادات والتصورات التي يمتلكها رأي عام واسع ومتنوع علي طول وعرض هذا الوطن. ومن جملة الاعتقادات والتصورات والاجتهادات التي يدور بشأنها حوار وطني بشأن المستقبل يمكن أن تتحدد الملامح المؤكدة لبرنامج العمل الوطني الذي يقدر علي مواجهة ما ينتظرنا من مصاعب وتحديات. ونحن نحسن صنعا إذا حرصنا في مثل هذا الحوار علي عدم التوقف طويلا وتركيز الاهتمام علي عمق المصاعب وشدة التحديات التي تنتظرنا لأن مثل هذا التوقف يفرز أجواء اليأس والتراخي, ومن ثم يستحسن أن يتركز الاجتهاد حول السبل والوسائل التي تيسر لنا قهر هذه المصاعب والتحديات. إننا بحاجة إلي أطباء يعرفون جيدا كيف يصفون الدواء السليم بأكثر من حاجتنا إلي أطباء مهرة في التشخيص.. ودائما فإن الفرق بين طبيب وآخر يكمن في مدي الخبرة التي تؤهله لكتابة أسهل وأرخص روشتة للمريض. وإذا جاز لي أن أجتهد فإنني أعتقد أن التحدي العلمي والتكنولوجي هو لب وجوهر التحديات في دنيا الغد مهما اختلفت المجالات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية أو اجتماعية. فهل آن الأوان لكي نطرح سؤال المستقبل علي أنفسنا ونتوقف عن مختلف الصراعات والخلافات التي أرهقتنا وشغلتنا بأكثر مما يجب؟ أعتقد أنه قد آن الأوان... وأكرر كلمة أعتقد!!
خير الكلام: التجربة مفيدة لأنها رغم قسوتها في البداية.. فإنها تمنحك القوة والثقة في النهاية! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله