يعتبر الإعلام مرئيا أو مسموعا أو مقروءا أهم وسائل المعرفة فى مصر، ولكى تتصف المعلومة المكتسبة منه بالصدق لابد أن يتحلى بالحيادية ويتسم بالموضوعية فى نقل الخبر، ولكن إعلامنا المصون وبدعوى التنافس وفى ظل موجة الصراع بل السُعارالمحموم بين وسائله المختلفة عمد إلى جذب (الشو) على حساب الحقيقة؛ فزيّف حقائق ونشر أباطيل وأشاع أراجيف، أثارت بلبلة وأحدثت صخبا فى الشارع المصرى فى الآونة الاخيرة. كل هذا ناهيك عن فتاوى الضلال التى تهدم قيما وتزعزع ثوابت، فضلا عن ( تسونامى ) العُرى والألفاظ الإباحية التى انتشرت عبر الفضائيات متسترة بدرع حرية الرأى، ودعاوى رفض مصادرة الصحف وقصف الأقلام وإغلاق القنوات؛ مما أسهم فى تدنى الذوق، ونشر مشاهد فاضحة، وترديد عبارات تتعارض مع صبغتنا الأخلاقيىة المستقاة من دين يحث على الفضيلة ويُحرم الرزيلة . وبتأمل حال الإعلام المصرى مُؤخرا يتضح تعمده الكذب الصُراح ولىّ الحقائق، والدليل رغم قِدمه شيئا ما أنه فى بداية ثورة 25 يناير التى أطاحت بالرئيس مبارك عُرضت مشاهد، ونُشرت أخبار، وصدرت مانشيتات تثبت على خلاف الحقيقة قلة عدد المتظاهرين رغم كثرتهم المَهولة التى تُعبر عن إرادة شعبية، ورغبة حقيقية فى إسقاط النظام، ولكى تنجح خطة من تصدروا ذلك المشهد الرامى إلى إفشال الثورة؛ زجّوا بإعلاميين ذوى وجاهة، أشاعوا أن مصر ليست كتونس، وأن مبارك ليس كابن على، ومن ثم فما يجرى من حراك أشبه بسحابة صيف سريعا ما تنقشع، والمدهش عدم ثبات هذه الأبواق على موقفها؛ إذ سرعان ما غيرت جلدها، وركبت موجة الثورة بعد نجاحها، فأخذت تنتقد النظام السابق وتعدد سوءاته ، فاتهمته بالصلف وصم الآذان عن دعاوى النصح والتوجيه فكان ما كان. واستمرارا لمسلسل التزييف ومع بداية حكم مرسى هلّل بعض الإعلاميين بهذا العصر الجديد، زاعمين أنه قارب النجاة لمرفأ الرخاء، لكنهم سرعان ماانقلبوا عليه عند أول محك، وبدلا من محاولتهم رأب الصدع وتضميد الجراح، وسّعوا هوة الخلاف بينه وبين مؤسسات الدولة، استنادا إلى هنات وقع فيها بالفعل كان سهلا علاجها، ومن ثم نرحم مصرنا من ويلات التشتت والخلاف. وفى خضم ذلك الزخم تخلى كثير من الإعلاميين عن الحيادية، وتقديم الفكر المتجرد النزيه ، فوجدنا كثيرا منهم يُنصب نفسه قاضيا فيصدر أحكاما ويلصق تُهما منازعا بها قضاءنا الشامخ رمزالعدالة والشرف.
ولم تتوقف سقطات الإعلام عند هذا الحد ، بيد أنه تدفق علينا سيلٌ من برامج ( التوك شو ) التى اتسمت بالسطحية والتفاهة، أشعل مُقدموها والمعدون لها معارك بين المستضافين بغرض التسلية وتضييع الوقت وليس الحقيقة. أما عن ثقافة العُرى والألفاظ الإباحية فحدث ولا حرج ، إذ صار المشاهد للفضائيات مُرغما على أن يتراقص مع هزات (صافيناز) الساخنة، ويتعاطف مع ( واوا ) هيفا، وتثيره حلاوة (روح) وجرأة ( سما )، ويموت خجلا من مشاهد الاغتصاب والألفاظ الخادشة التى تدفعنا لأن نقول : رفقا بنا أيها الإعلام ! Sabry_elmougy @yahoo.com لمزيد من مقالات صبرى الموجى