يواكب اليوم مرورعشرين سنة على تحرر شعب جنوب إفريقيا من نظام الأبارتهايد البغيض، وهى مناسبة عزيزة على كل مناضل افريقى وكل احرار العالم. لقد كانت مصر فى طليعة الدول التى حاربت الابارتهايد طوال اربعة عقود، وساندت القاهرة بكل قوة حركة المؤتمر الوطنى الإفريقى بزعامة القائد الأسطورى الراحل نليسون مانديلا، وقدمت كل ما فى امكانها من دعم حتى حين كانت تمر بظروف اقتصادية صعبة بعد العدوان الاسرائيلى عام 1967 حتى تحقق النصر على الظلم وتم القضاء على العنصرية عام 1994. وبقدر ما كانت سعادتنا بانضمام جنوب إفريقيا إلى جهود أشقائها الأفارقة فى كفاحنا من اجل تحقيق التنمية الشاملة فى أرجاء القارة الإفريقية، بقدر ما كانت الصدمة من سياساتها الخارجية اقليمياً ودولياً حيث دأبت بريتوريا على فرض رؤيتها وتغليب مصالحها على أجندة العمل الافريقى المشترك حتى أصبح بعض الأفارقة يطلقون عليه العمل الجنوب افريقى المشترك وهو ما لا يلبى طموحات أبناء القارة ويشعرهم بالإحباط، خاصة بعد موقف بريتوريا السلبى من ثورة 30 يونيو وتأييدها العلنى للتنظيم الدولى لجماعة الإخوان الذى ترتع قياداته فى جنوب افريقيا. ولعل أكثر ما يلفت النظر هو أوضاع الداخل فى جنوب افريقيا، حيث شهدت العشرون سنة الأخيرة تراجع الأمن، وتزايد معدلات الجريمة، وارتفاع معدلات الفقر والإيدز، والعديد من قضايا الفساد السياسي، وهو ما يعكس أخطاء فى السياسات تراكمت بعد نهاية فترة رئاسة الزعيم الراحل مانديلا. وكان أكثر ما صدم المصريين هو ذلك الموقف الغريب لبريتوريا من تجاهل لإرادتهم، والذى وصفه البعض بأنه نموذج للانتهازية السياسية، ونكران للجميل، والإصرار على عزل مصر عن محيطها الافريقي، وإقصاء لدورها التاريخي. بهذه المناسبة نهنيء شعب جنوب إفريقيا الشقيق بعيد الاستقلال العشرين ، ونطالبه بإجراء مراجعة أمينة لمواقف حكومته غير الودية، وأن يتم تصحيح مسار علاقات برتوريا تجاه القاهرة نحو الأفضل، لأن مصر ماضية فى طريقها نحو استعادة هويتها التاريخية المعتدلة رغم أنف من يتلقون التعليمات من خارج القارة الإفريقية. E-mail:[email protected] لمزيد من مقالات محمود النوبى