وسط عالم تتخاطفه الأحداث من كل جانب جاءت الحوارات , محاولة لترتيب أفكارنا والدوران فى فلك وعى جديد ,لعلنا نصل الى القدرة على اعادة التفكير فى الاسئلة المطروحة على الساحة العالمية . فالحوارات التى نقدمها حول المستقبل بمثابة حفر معرفى فى أذهان النخبة العالمية الذين قبلوا بشجاعة تحدى الاجابة على أسئلة محورية وشاملة حول الموضوعات الاكثر أهمية وحيوية على الساحة العالمية المعاصرة وارتداداتها على المحيط المصرى والعربى , ونتوقف عمدا عند محطات فكرية ذات دلالة فى السياق التاريخى والحضارى منها التجربة الديمقراطية... ونتاجات الحداثة... وحوار الحضارات والتعددية الثق افية فى مواجهة العولمة.... ولا يمكننا أن نغفل هذه الثلاثية التى تثير جدلا صعودا وهبوطا ,كرا وفرا ,وهى الدين بالمعنى العام ,والعلمانية ,والاسلام السياسى بوجه خاص . فجاءت حوارات المستقبل محاولة لقراءة هذا الوضع المتفجر بالاسئلة المتشابكة.باختصار هى قراءات متأنية فى زمن متعجل . ما بين مصر الوطن, وذاكرة تاريخ العالم, يستحضر المؤرخ الدكتور عاصم الدسوقى اللحظة الراهنة محاولا ان يشدنا الى ثوابت ودروس وعبر مستفادة , لنستشرف معه افاق المجهول.فهو تاريخ بين الحضور والغياب , وكم من استدعاءات لذاكرة التاريخ لتكون حاضرة وكم من تغييب لحضور فاعل يمثل ذروة الوعى الانسانى . وفى حواره الثرى نتساءل كيف يشكل حاضر العالم الان مستقبله غدا ؟؟, وبين الحاضر والمستقبل يقبع بلد كبير بحجم مصر يبحث عن تأريخ جديد يعاود به الكرة ثانية ليسجل لحظات وومضات فى ذاكرة الانسانية, ومع مؤرخنا نستقرئ فلسفة للتاريخ تكشف لنا كيف يصنع التاريخ ذاكرة أمة ,وكيف تصنع الأمة حاضرها ,وكيف يتطلع الحاضر الى المستقبل ,وعلاقة المؤرخ بالسلطة , وما الذى يقوله لنا عن اللحظات الراهنة, وهو معنا يفجر ما كنا نظنه ثابتا وذا يقين حول مستقبل الاخوان اذ يراهم خرجوا من التاريخ ولن تقوم لهم قائمة ويحذر من ان الربيع العربى سيظل بلا قيمة طالما لم تحقق العدالة الاجتماعية ومثل قليلين من الحكماء يؤكد ان قيادة مصر تحتاج زعيما لا رئيسا موضحا ان الحاكم بدون كاريزما يعد غلطة فى مجرى التاريخ... هذا الرجل نشرت له دراسات متخصصة ما بين كتب وابحاث تزيد على الستين عملا اهمها « البحث فى التاريخ ..قضايا المنهج والاشكالات..و مصر فى الحرب العالمية الثانية - كبار ملاك الاراضى الزراعية - ثورة 19 فى الاقاليم من الوثائق البريطانية – نحو فهم تاريخ مصر الاقتصادى والاجتماعى « وقد منحته الدولة المصرية منذ اسابيع وسام الدولة للعلوم والفنون كما نال من قبل جائزة الدولة التقديرية هنا يتحدث المؤرخ المستقل ..عن الدين والسياسة ،عن التاريخ بين الحضور والغياب. ..كيف لأمة أن تنهض ونحن على اعتاب زمن مصرى جديد ..فى ضوء سياق تاريخى محكومة لعبته بقواعد سابقة ؟ تنهض الأمة بوجود قيادة تتمتع بقدرات طبيعية في الإدارة والتوجيه، وتدرك احتياجات شعبها، وتستطيع مواجهة التحديات التي تطرأ على المجتمع من آن لآخر مستندة في هذا إلى مجموعة أخرى من قيادات الأمة في جميع المجالات (النخبة) لاستثمار كل ما يمكن استثماره من الإمكانات المتاحة لتوفير الاحتياجات، ومن ثم تشعر الأمة بالتفوق والقوة ويدرك جيرانها أبعاد هذه القوة. وقد جاء انهيار هذه النهضة على يد قوى خارجية رأت في مشروعه خطرا على مصالحها وخاصة حين أغلق السوق المحلية أمام المنتجات الأوروبية في الوقت الذي كانت دول أوروبا في حاجة ماسة إلى السوق الخارجية لتصريف فائض منتجاتها بتأثير الثورة الصناعية وإلا ستواجه مشكلة التضخم والبطالة وينهار السلام الاجتماعي فيها. اذن ..كانت لدينا تجربتان للتحديث بدأتا مع محمد على وعبد الناصر ... فهل نحن الآن على مشارف تجربة حداثية جديدة ؟ تجربة محمد علي في التحديث تتلخص في بناء القوة الذاتية اقتصاديا وعسكريا وتعليميا وكذا الاهتمام بدائرة الأمن القومي لمصر امتثالا لشروط الجغرافية السياسية .أما عبد الناصر فقد أعاد إحياء مشروع محمد علي في بناء القوة الذاتية وتأمين دائرة الأمن القومي عن طريق الدوائر الثلاث (العربية والأفريقية و الإسلامية)، وإعادة الدولة «الكفيلة» التي أقامها محمد علي والتي تعني توفير احتياجات الجماهير دون مظاهرة أو وقفة احتجاجية. وفي هذا الخصوص يلاحظ أن خلفاء محمد علي في التعامل مع الغرب الإمبريالي هم خلفاء الخديو إسماعيل، هم خلفاء عبد الناصر. وفيما يتعلق بما إذا كنا على مشارف تجربة حداثية من عدمه فلا يبدو هذا واضحا في الأفق طالما سيطر على الحكم من يؤمن بالاقتصاد الحر المطلق كما نادى به آدم سميث في نهاية القرن الثامن عشر مع الثورة الصناعية وتبلور رأس المال الصناعي والتجاري (البورجوازية) في مواجهة الإقطاع، مع أن أوروبا تخلت عن أفكار آدم سميث وتبنت أفكار ماكينزي الذي كتب في 1927 عن «خرافة الاقتصاد الحر»، ويبدو واضحا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية (رأس النظام العالمي الجديد) تشجع الإبقاء على اقتصاد السوق وآلياتها وعدم الحديث عن العدالة الاجتماعية في دول الربيع العربي لكي تظل سوقا مفتوحة لفائض المنتجات العالمية ومن ثم تكريس التبعية حتى يتحقق السلام الاجتماعي في مجتمعاتها على حساب السوق المفتوحة في دول العالم الثالث. ومن ناحية أخرى فإن رأس المال المصري غير مستعد لتقديم تنازلات تسمح بانتظام العمال في نقابات تحمي مصالح العمال شأن الرأسمالية الأوروبية-الأمريكية، وبالتالى لابد من التخلص من التبعية والاعتماد على الاستقلال الوطنى ومن ثم نتحدث عن الحداثة . وارد أن يكون المؤرخ فى خدمة السلطة ... وان حدث.. فما تأثير ذلك على كتابة التاريخ ؟ من الممكن أن يكون المؤرخ في خدمة السلطة وقد حدث هذا فعلا فهناك «أساتذة جامعيون» وضعوا أنفسهم في خدمة السلطة بغية الحصول على منفعة ما: مادية بالمال أو معنوية عن طريق المناصب. ففي عهد السادات-مبارك جند مؤرخون أنفسهم للهجوم على عبد الناصر وعلى الاتحاد السوفييتي فأصبحوا ضيوفا دائمين في مختلف وسائل الإعلام، ومثل هذه المواقف تؤثر سلبيا على كتابة التاريخ من الناحية الموضوعية حين ينتقي الكاتب معلومات معينة تخدم وجهة نظر السلطة، ويتجاهل أخرى تضر بتوجهات السلطة وهذا يبعد الكاتب عن معنى علمية التاريخ (الاستقلال عن السياسة وعن الدين) ويدخل في تبرير المواقف وليس تفسيرها. وهذا المؤرخ يخون ما تعلمه في النهاية من أجل حفنة من المال أو تبوؤ مقعد سلطوي عبر مسيرة التاريخ ما هى المراحل الفلسفية التى يجب أن تتوقف عندها للتأمل والتفكير .. وهل المستقبل فى حاجه الى مرحلة ابن خلدون أم ارنولد توينبى والحضارات أم هيجل والتفسير المثالى للتاريخ أم ماركس والمادية التاريخية أم مالك بن نبى وثلاثية الحضارة أم عماد الدين خليل والتكاملية التفسيرية للتاريخ ؟ ما قدمه كل من ابن خلدون وارنولد توينبي وهيجل ومالك بن نبي وعماد الدين خليل يمثل علة جزئية لتفسير حدث من أحداث التاريخ، لكن فلسفة العلم تقضي بوجود علة رئيسية أو شاملة لتفسير الأحداث، وهذا ما قدمه كارل ماركس عندما رد التناقضات الاجتماعية التي وراء الثورات إلى الوضع الاقتصادي وليس إلى قوة ما ورائية (الميتافيزيقا) فالمثاليون يفسرون الثورة مثلا بأن الذين يقومون بها حرمهم الله من نعمة الرضا وخرجوا على الحاكم وهم مأمورون أن يطيعوه لأن طاعة الحاكم من طاعة الله، على حين يفسرها كارل ماركس بالتناقض الاجتماعي بسبب انفصال رأس المال عن العمل، ومن ثم قرأ التاريخ على هذا الأساس بحثا عن التناقض وتأثيره في التحول. وفي هذا الخصوص فقد استفاد من هيجل في قوانين التناقضات والأضداد ولكنه قال إن هيجل رد أساس هذه التناقضات إلى القدر فأصبحت قوانينه تسير على رأسها، وهو- أي ماركس - ردها إلى المادة (الظروف الاقتصادية-الاجتماعية) ومن ثم قال: إنه جعل منطق هيجل يسير على قدميه بدلا من رأسه. المقولات التقليدية لتفسير حركة التاريخ عند ابن خلدون وأيضا توينبى ما الذى بقى منها الآن وما الذى ذهب ؟ لا تزال مقولات ابن خلدون في التاريخ قائمة ويستخدمها بعض الباحثين في تفسير كثير من إشكالات التاريخ، فلقد رد ابن خلدون المتغيرات في الحكم والسياسة في أمة من الأمم إلى العصبية القبلية ما أصبح يعرف فيما بعد وحتى وقتنا الراهن بمنطق القرابة والشلة في علاقات الحكم التي تؤدي إلى الانهيار. وأما مقولات ارنولد توينبي فلا تزال فاعلة أيضا ذلك أنها تمثل وجهة نظر في تفسير أحداث التاريخ شأن مقولات ابن خلدون وغيرهما من المدارس الفلسفية، باستثناء أن توينبي يختلف عن سابقيه في أنه أستاذ تاريخ إنجليزي وليس فيلسوفا. وقد صاغ مفهومه في تفسير التاريخ (نظريته) بعنوان «التحدي والاستجابة» متأثرا في صياغتها بنظرية الفيلسوف «شبنجلر» في خوف الإنسان من المصير. وخلاصة نظرية توينبي في أن تقدم الأمة أو تأخرها يكون بقدر استجابتها للتحدي الذي تواجهه. ما هو الفارق بين الربيع العربى وثورات الربيع الأوروبى 1848 التى خلفت وراءها واقع هزيمة وحلما عميقا بالتغيير .. فى الربيع العربى أى حلم وأى تغيير ؟ الربيع الأوروبي في عام 1848 كانت أولى الثورات الاجتماعية اشتراكية بهدف القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم لكن تم القضاء عليها بسهولة بسبب ضعف القدرات التنظيمية للثوار ولقوة دولة رأس المال آنذاك. وكما نلاحظ أن كل بلاد الربيع العربي لم تقترب من مشكلة العدالة الاجتماعية مع أن الثوار رفعوا شعار: عيش وعدالة وحرية وكرامة .. لكن الذين تولوا الحكم لم يفعلوا شيئا في هذا الطريق لأن هذا ليس مطلوبا أمريكيا وهؤلاء هم الذين كسروا حلم التغيير. بالنسبة لتاريخية الايدولوجيا هل تتوقع فى المستقبل أن تكون ثمة ايدولوجوجيا جديدة..ماذا يخبرنا التاريخ بهذا الصدد ؟ الايديولوجية ليست رفاهية ذهنية ومجردة، وإنما يتم التوصل إلى صياغتها من ظروف الواقع على يد مفكر يتأمل الواقع ومن ثم يضع مبادىء لتغيير هذا الواقع فتكون الإيديولوجية. ومشكلتنا في مصر وفي الشرق عموما أننا نعيش عالة على إيديولوجيات الغير التي تمت صياغتها في ظروف معينة ومن ثم سهولة تطبيقها. اما نحن فنلتقط فكرة ناجحة في بلادها ونعمل على تطبيقها بدعوى أنها نجحت في بلادها وننسى الظروف التي صنعت هذه الفكرة وغيرها، وهذا يعرف بعملية الاستزراع Transplantation أي زراعة نبات دون توفر شروط التربة والمناخ. ما الذى يمكن أن يقوله التاريخ عن اللحظة الحاضرة فى مصر وعالمنا العربى والعالم ؟ ما يقوله التاريخ عن اللحظة الحاضرة سوف يأتي بعد أن يغلق ملف الأحداث حيث أن التاريخ يبدأ حين تنتهي السياسة كما سبقت الإشارة. أما ما يقال الآن في كتابات البعض فهو مجرد انطباع شخصي في ضوء ما يتوفر لدى لقائل من معلومات لكنه لم يضع يده على كل المعلومات وهذا لن يتم إلا بعد توثيق الأحداث والرجوع إليها في الأرشيف.وعندما يتم الربط بين جزئيات الأحداث من هنا وهناك وما انتهت إليه من نتائج، ونتأمل دور أمريكا التي أطلقت مصطلح «الربيع العربي» على ما حدث مثلما أطلقت كلمة «ربيع بودابست» في 1956 في المجر، و«ربيع براج» على ما حدث في تشيكوسلوفاكيا 1968 حين كانت تشجع محاولة هاتين الدولتين الخروج من فلك المعسكر الشيوعي الشرقي، سوف ندرك أن الربيع العربي بهذا المعنى صناعة أمريكية لوضع حكومات جديدة «إسلامية المنهج» تؤدي بمنهجها إلى تفكيك أوطان العروبة على أسس طائفية عرقية ودينية ومذهبية، ولو أن هذا الربيع العربي كان ضد المصالح الأمريكية لتصدت له أمريكا «دفاعا عن الشرعية والديمقراطية». ولكنه ربيع لصالح الأجندة الأمريكية-الإسرائيلية لإقامة الشرق الأوسط الجديد الذى يتم الإعداد له منذ عام 2004. ويظل هذا القول محتملا ولا يمكن تأكيده إلا من خلال الوثائق الرسمية (الأرشيف) عندما يسمح بالإطلاع عليها. هل يمكن للديمقراطية أن ترى النور في مصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو ؟ سوف تظل الديمقراطية مطلبا مستمرا في مصر يتعثر تنفيذها، ذلك أن الديمقراطية عملية تربوية طويلة المدى يتربى فيها الإنسان على كثير من الخصال لعل أبرزها أن يؤمن بأن كرسي السلطة أشبه بكرسي المقهى يجلس عليه حينا من الوقت ثم يتركه ليجلس عليه شخص آخر وهكذا . لماذا حضر الدين بشكل كثيف وطاغ في مصر بعد هزيمة يونيو ؟ وما هو رأيك فى الاسباب الحقيقية للنكسة ..أزمة قيادة ام نخبة ام مجتمع ؟ حضور الدين بشكل كثيف وطاغ بعد هزيمة يونيو يرجع إلى الخطاب الديني الذي أخذ أصحابه يقولون: إن سبب الهزيمة يرجع إلى أننا ابتعدنا عن الله وأخذنا بالاشتراكية والعلمانية التي هي كفر وإلحاد حتى أن الشيخ متولي الشعراوي قال: إنه صلى لله ركعتين شكرا بعد الهزيمة لأن مصر كانت في طريقها للشيوعية، ومن ثم أخذت مساحة الدعوة الدينية في الاتساع، بل لقد أرجعوا انتصار أكتوبر إلى أن القوات المسلحة كانت تردد الله أكبر أثناء العبور ومن ثم كان النصر. وهذا شيخ الأزهر عبد الحليم محمود يقول في خطبة أول جمعة عقب العبور: إنه رأى في المنام أن السادات يرتدي رداء أبيض ويمشي حافي القدمين على مياه قناة السويس ... ولا تنفرد مصر بهذا الخطاب الديني فإن إسرائيل عقب عبور الجيش المصري وتحطيم خط بارليف انتفض التيار الديني المتشدد الذي فسر الهزيمة في معركة العبور بأن اليهود نسوا السبت المقدس ولم يعودوا يذكرونه، ومن ثم انفسح المجال لصعود تجمع الليكود من الأحزاب المتشددة دينيا والمتعصبة. ومن المعروف في هذا الخصوص إن التفسير الديني للنصر أو الهزيمة أو لأية كارثة، أمر أسهل من البحث عن عوامل موضوعية مادية. كيف رأت عين المؤرخ موقف المجتمع المصري من الإخوان المسلمين وهل هناك من تنبؤ بسقوطهم ؟ بصرف النظر عما تنتهي إليه المواجهة المسلحة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين الدولة والمجتمع، فإن جماعة الإخوان المسلمين قد فقدت مصداقيتها السياسية لدى جموع المصريين ومن ثم مصداقيتها الدينية لسبب بسيط وهو أن الإسلام يحض المسلمين على عدم كراهية الآخر، وعدم قتل نفس بغير نفس، وعدم إيذاء أهل الذمة ..إلخ. أما أن الجماعة فقدت مصداقيتها السياسية فلأنهم بعد قضائهم في الحكم عاما كاملا لم يفعلوا شيئا لتحقيق شعار ثورة 25 يناير: عيش وحرية وعدالة، بل عملوا على التغلغل في مفاصل الدولة حتى في مناصب القضاء لتحريف الكلم عن موضعه، ووضعوا دستورا يسمح للرئيس «الإخواني» بالتفريط في حدود الدولة للغير. وأكثر من هذا ارتفعت مؤشرات البطالة في نهاية حكم مرسي إلى 13،5% بعد أن كانت في حدود 11،5% . وارتفعت معدلات الفقر إلى 25،5% عام 2013 بعد أن كانت 23،5% . وارتفع معدل التضخم إلى أكثر من 17،5% مقابل 14،5% . وبلغت الديون الخارجية 45 مليار دولار أمريكي في 30 يونيو 2013 بعد أن كانت 34،90 ..إلخ وأما أن الجماعة فقدت مصداقيتها الدينية فلأنها نشأت على كراهية غير المسلمين وهو سلوك مناف لحقيقة الإسلام وجوهره وبالمخالفة لما حدث في تاريخ مصر على الأقل منذ عصر محمد علي باشا من حيث العمل على إزالة كل شوائب التعصب قدر الإمكان أو التخفيف منها. والسبب في تنشئة الجماعة ومن ينضم إليها على التعصب يعود إلى حسن البنا نفسه منشئ الجماعة ومرشدها .. فالرجل جاء إلى مصر من المغرب وقيل أن أسرته من يهود المغرب الذين هربوا من الأندلس ومعهم المسلمون بعد إسقاط حكم بني الأحمر في غرناطة (آخر الأمويين) عندما تم تخييرهم بين اعتناق المسيحية أو الطرد فغادروا اسبانيا ونجوا بدينهم. وفي مرحلة لاحقة شدت أسرته الرحال من المغرب واستقرت في مصر. وأغلب الظن أن هذه الجماعة لن تقوم لها قومة مرة أخرى حتى لو أعيد تكوينها من جديد بعد فترة من العمل تحت الأرض لأن الأفكار التي تنادي بها تتعارض مع ثقافة المصريين الموروثة من قديم عبر مجموعة من القيم المشتركة تبلورت بفعل ظروف تاريخية موضوعية بحيث أن ما يجمع بين المصريين من ثقافة وعادات وتقاليد أكثر مما يفرقهم على مستوى الأديان. وهذا ما يدعونا إلى الاقتناع بأنه لا مكان لجماعة الإخوان المسلمين في مصر سياسيا وثقافيا، خاصة وقد انكشف أمرهم أمام المصريين وفي مقدمتهم البسطاء الذي غرروا بهم أثناء انتخابات مجلسي الشعب والشوري والرئاسة (2011-2012).بالاضافة الى الاستقواء بالغرب ,وأرى أن الاستقواء بالخارج ..تاريخ من الغفلة من الخديوى توفيق الى الاخوان . هل انتهى دور الطبقة الوسطى في مصر فعلا .. أم ان الثورة الحالية هي ثورة الطبقة الوسطى لاستعادة مكانتها ؟ الطبقة الوسطى انتهى دورها في مصر ابتداء من منتصف السبعينات عندما تخلى السادات عن دور الدولة الاقتصادي-الاجتماعي وأخذ بسياسة الانفتاح التي هي الاسم الكودي للرأسمالية التي عادت إلى مصر في هيئة «رجال الأعمال» بينما كان أحد مبادئ ثورة يوليو «القضاء على الإقطاع وسيطرة رأس المال على الحكم» فانتعشت الطبقة الوسطي في زمنه أي طبقة العاملين بالمعنى الواسع (الفنيون والموظفون والإداريون ..). ومع تدعيم سياسة الانفتاح وبيع القطاع العام والخصصة دخلت البلاد في دائرة التضخم والبطالة، وهذا يفسر شعار «العدالة والكرامة والعيش والحرية» الذي رفعه ثوار يناير. من الذى يصنع التاريخ .. ارادة الشعوب أم كاريزما الحاكم أم هول الاحداث ؟ التاريخ أحداث تقع بفعل التحديات التي يواجهها أي مجتمع، وهذه التحديات لها عدة مظاهر فمثلا تحديات الطبيعة دفعت الإنسان للتوصل إلى وسائل لحماية نفسه منها ومن هنا الحضارة، والتحديات التي تتمثل في صد عدوان هجوم خارجي دفعته إلى البحث في كيفية التصدي واصطناع السلاح اللازم، والصراع بين القوى السياسية على طبيعة الحكم وتوجهاته يصنع تاريخا أي الفعل ورد الفعل ومن هنا يحدث التطور. وإرادة الشعوب في مواجهة التحديات والصراعات لا تفسر وحدها صناعة التاريخ، وإنما نجاح الشعب في مواجهة التحديات يعتمد بالضرورة على قيادة تقود هذا الشعب وتوجهه لتحقيق الهدف. وكلما كانت القيادة صاحبة كاريزما تصبح مقنعة لمن يمشي وراءها. الان .. هل مصر بحاجة إلى زعيم أم إلى رئيس ؟. مصر بحاجة إلى زعيم لأن «الزعيم» في اللغة هو الكفيل، أي الذي يكفل الناس ويرعى مصالحهم دون أن يطالبوه بذلك من خلال مظاهرة أو وقفة احتجاجية على السلالم، فزعيم القبيلة هو الذي يجتهد في توفير مصادر الرزق لأفراد قبيلته فيتقدمهم في غزوة هنا وهناك، فإذا عجز عن توفير ذلك، خلعوه وأمروا عليهم الذي هو أكثر قدرة على توفير الحاجيات. وفي هذا الخصوص نذكر أن عبد الناصر عندما أصدر كافة القوانين والقرارات ذات الطابع الاقتصادي-الاجتماعي ابتداء بقوانين الإصلاح الزراعي وانتهاء بإنشاء القطاع العام ومرورا بقرارات تخفيض إيجارات المساكن ومنع الفصل التعسفي للعمال وتقرير مجانية التعليم، فضلا عن الدفاع عن كرامة مصر في مواجهة المحاولات الأمريكية لإرغام مصر على الدخول في نطاق أجندة المصالح الأمريكية، أصبح زعيما في عيون المصريين فخلعوا عليه صفة «الزعيم» و «حبيب الملايين» الذي حقق احتياجاتهم ورد اعتبارهم. وبعد رحيله أصبح «الزعيم الخالد» أي الذي لن ينساه الناس الذين كفلهم، وتلك صفة لم يحظ بها الذين جاءوا بعده. ولعلنا نلاحظ أن صفة «الزعيم» هذه لم يحظ بها السادات أو مبارك إذ كان كل منهما «الرئيس» وفقط، ذلك أن سياسة كل منهما كانت ضد مصالح الغالبية الغالبة من جماهير الشعب ولصالح قلة من رجال الأعمال الذين كونوا ثروات في غفلة من الزمن بوسائل طفيلية.