في25 مارس1970 أكدت معلومات الاستطلاع لمؤخرة العدو التي كانت منتشرة في سيناء بواسطة ضباط مصريين أن هناك عملية إنشاء دشمة كبيرة علي الطريق الأوسط أمام منطقة الدفرسوار وكان الاعتقاد في حينها أنها دشمة للطائرات ولكن لكبر حجمها صار الاعتقاد أنها لأكثر من طائرة. بعد ذلك جاءت معلومات أنه تم إدخال جسم كبير معدني.. ولم يتمكن فرع البحوث بإدارة المخابرات الحربية من تفسير هوية هذا الجسم المعدني والذي تم تصويره بالصور الأرضية.. ولذلك تقرر أن يتم تصويره جويا.. وكان المطلوب أن يتم فتح ثغرة في الدفاع الجوي لكي تتمكن طائرة استطلاع بالقيام بالتصوير الجوي.. وصدرت الأوامر للمجموعة39 قتال.. بهذه المهمة وقد كلفت بهذه المهمة.. فتم تصنيع لونشر صواريخ مكون من16 صاروخ130 مم بالمصانع الحربية وقمت بتركيب جهاز تنشين علي اللونشر وتم معايرته وأحب أن اذكر هنا نموذجا مشرفا من أبناء مصر.. حيث ذهبت إلي إحد المصانع الحربية وكان يرأسه مهندس اسمه( فهمي) وقابلت في الصباح شباب المهندسين بالمصنع وطلبت تصنيع لونشر الصواريخ بمواصفات معينة وأمهلوني عدة أيام ولكن في نفس اليوم ليلا في حوالي الثالثة صباحا.. أتصل بي المهندس( فهمي) بالمنزل ليخبرني أن القاذف جاهز للتجربة.. وفعلا ذهبنا في فجر نفس اليوم لتجربة القاذف في منطقة جبل حمزة بطريق مصر إسكندرية الصحراوي.وقد تحدد أن يتم تنفيذ العملية من خلال البحيرات المرة الكبري.. وخرجت الدورية من قطاع الجيش الثاني رغم أن الهدف أمام قطاع الجيش الثالث. وقد كانت هذه العملية لها ظروف وملابسات غريبة ولكنها انتهت بنجاح كبير لم يكن متوقعا.ففي25 مارس1970 خرجنا في قاربين مطاطين الأول به لونشر الصواريخ بعد أن تم تثبيته بالحبال علي القارب وكنت أنا و(محمد عبده موسي) بالقارب الأول.. والثاني به مجموعة الحماية وكان به( إبراهيم الرفاعي) ومجموعة الحماية بقيادة أحد الضباط والصحفي( عبده) مباشر وقد قمت بتجهيز القارب الذي يحمل اللونشر حيث وضعت اللونشر علي طبلية خشب مربعة ومثبت فيها بمسامير قلاووظ ثم قمت بتثبيت الطبلية بالحبال في القارب وقد قام بحمل الطبليه مركب عليها الونشر أكثر من ثمانية أفراد.. كذلك قمت كضابط مدفعية بربط كافة البيانات اللازمة لضرب الهدف علي آلة التنشين مستخدما النجم القطبي والمسافة من الخريطة وهي طريقة معلومة لدي المدفعية وتسمي بطريقة نقص الإمكانيات.وبدأنا العبور عبر البحيرة المرة لمسافة14 كم في القاربين.. ولكن عندما وصلت لمنتصف البحيرة تذكرت كيف سيتم إنزال اللونشر من علي القارب.. وما سيصاحب ذلك قد يؤثر علي أدوات التنشين والتي تم ربط كافة البيانات من مسافة واتجاه عليها فقررت أن اندفع بسرعة عالية إلي أن يتم رسو القارب المطاط علي الشاطئ وقد تم ذلك فعلا.. ثم أفرغت القارب من الهواء حتي يكون اللونشر ثابتا علي الأرض وكذلك وضعنا رمالا مبللة بالمياه علي كامل القارب حتي لا يتأثر بالنيران التي تخرج من خلف الصواريخ ثم قمت بتوجيه الصواريخ علي الهدف المحدد وهو موقع صواريخ الهوك مستعينا بالنجم القطبي وتم ضرب الستة عشر صاروخا في اتجاه موقع الهوك وبدأنا في نفخ القارب بسرعة عالية وأنزلنا القوارب في البحيرة لنبدأ العودة.وقبل أن نغادر المنطقة شاهدنا السنة اللهب تتعالي من موقع الهوك.. ويبدو أنها كانت ضربة موفقة حيث ظلت النيران تشتعل وينفجر الموقع لمدة أكثر من ساعتين لأن صاروخا أصاب مكان تخزين صواريخ الهوك. ومع صباح فجر اليوم التالي خرجت طائرة استطلاع مصرية من خلال الثغرة التي حدثت في نظام الدفاع الجوي للعدو لالتقاط صور للموقع الذي يبعد40 كم عن القناة واتضح أنه كوبري معدني.. معد لأي هجوم إسرائيلي غرب القناة. وهو فعلا نفس الكوبري الذي عبرت به القوات الإسرائيلية في عملية الثغرة.