فى فترة لم تتجاوز ثلاثة شهور استقبلت أقسام الشرطة بمراكز محافظة قنا محاضر إثبات جرائم بيئية رسمية تقاسم الإبلاغ عنها لجان تفتيش الإدارة العامة لحماية نهر النيل بمديرية الموارد المائية والرى ولجان مكتب شئون البيئة بالمحافظة، وسجلت مخالفات صرف صناعى على النيل لجميع مصانع السكر بنجع حمادى ودشنا وقوص بالإضافة لمصنع الورق بقوص. ما ترصده لغة الأرقام من واقع المحاضر الرسمية التى تقدمت بها لجان تفتيش حماية النيل بهندسة الموارد المائية والرى لأقسام الشرطة مطالبة فيها باعتبار تلك التجاوزات للمنشآت الصناعية جنايات يكشف فى جلاء عن تجاوزات خطيرة بحق نهر النيل. فمثلاً محضر إثبات الجرائم رقم 19لسنة 2014مركزشرطة دشنا بتاريخ 28 يناير 2014 رصد قيام مصنع سكر دشنا بإلقاء مواد بترولية ( سولار – غاز ) من خلال ماسورة بدون ترخيص من وزارة الموارد المائية والرى تصرف على النيل من المصنع مباشرةً مما يسبب تلويثاً فورياً للنيل. وبعد هذا التاريخ هناك المحضر رقم 20 لسنة 2014بتاريخ 30 يناير 2014مركز شرطة نجع حمادى الذى يبلغ عن وجود ماسورة أخرى بمصنع سكر نجع حمادى غير مرخصة أيضاً، وتصرف على النيل مباشرة مخلفات صناعية سائلة بالإضافة لوجود تسريبات من المازوت، كأنه اتفاق وتصميم على ارتكاب نفس المخالفة لنفس فصيلة هذه المصانع برصد مصنع سكر قوص يصرف مخلفات صناعية سائلة على نهر النيل من ماسورة صرف المخلفات للمصنع. وثبت بالتحاليل البكترولوجية أرقام: 418 ، و420 ، و422 للعينات عدم مطابقتها، وكذلك عدم مطابقتها للتحليل الكيميائى، وهذه الماسورة أيضاً بدون ترخيص (سبق لصفحة البيئة تصوير تلك الماسورة سنة 1994 أى منذ 20 سنة). ورق قوص يتحدى ليس مصنع ورق قوص بأفضل حالاً من أشقائه مصانع السكر، فالمحضر رقم 6 لسنة 2014 يثبت أنه بتاريخ 5/1/2014 تم رصد استمرار صرف مخلفات صناعية سائلة من ماسورة صرف المخلفات لمصنع الورق بقوص على نهر النيل مباشرةً بدون ترخيص، وبناء على العينة رقم 514 التى وردت لقسم حماية النيل بهندسة مديرية الموارد المائية والرى بمحافظة قنا من مكتب صحة قوص بتاريخ 26/12/2013بأنها غير مطابقة بكترولوجياً وكيميائياً، والمحضر رقم 24 لسنة 2014 يؤكد استمرار صرف مخلفات صناعية سائلة من ماسورة الصرف غير المرخصة لمصنع الورق على النيل. وما يثبت خطورة التلوث من هذا المصنع نتائج تحاليل العينة التى وردت لقسم حماية النيل بقنا بتاريخ 12/2/2014 المأخوذة بتاريخ 30/1/2014. وطبقاً للتحليل البكترولوجى تبين عدم مطابقتها أيضاً، وفى رصد لعدم المبالاة يأتى تاريخ 4/3/2014 بمحضر إثبات جرائم ثالث لمصنع ورق قوص ليؤكد استمرار نفس المخالفات، وليظهر نتائج تحليل عينتين أخذتا بتاريخ 6/2/2014، وباحت نتائج التحاليل الخاصة بهما بتاريخ 27/2/2014 بعدم مطابقتهما للتحاليل البكترولوجية برقمي: 421، و419 ، وكذلك عدم مطابقتهما كيميائياً وفقاً لنتائج التحليل الكيميائى رقم 419.وبالطبع تم تحرير محاضر باقسام الشرطة التى تقع فى نطاقها تلك المنشآت الصناعية الضخمة بملوثاتها. والمضحك المبكى أن جميع المحاضر المحررة من جانب قسم حماية النيل بمديرية الموارد المائية والرى بمحافظة قنا تأتى تحت اسم «محضر إثبات جرائم»، كما تذيل جميع المحاضر، «لقيده جنحه». نصف قرن صرف الأسئلة الأهم على مدى ما يناهز النصف قرن هى عمر مصانع السكر على أرض قنا، وأكثر من 15عاماً على مصنع ورق قوص، أثبت خلالها جميع المخالفات السابق ذكرها، وأخذت مئات العينات التى ثبت مخالفتها بعد إجراء التحاليل الكيميائية والبكترولوجية، ومخالفتها لكافة القوانين كالقانون رقم 48 لسنة 1982 الخاص بحماية النيل وقانون حماية البيئة رقم 4 لسنة 1994، وحررت خلالها عشرات المحاضر من عينة الجنحة «محضر إثبات جرائم» ، ولم نسمع عن أحكام رادعة أو أحد تم سجنه لمن أقبل على تكرار نفس الجرائم. ولو كان ينطبق عليها ما يسمى بتغليظ العقوبة فى حالة تكرارها، خاصة من يلوث النيل، ويقذف فى جوفه آلاف الأطنان من المازوت ومخلفات الوقود والمخلفات السائلة والسموم، وهل ما تتسبب فيه تلك المخلفات من تدمير لصحة المواطنين، وإصابتهم كالفشل الكُلوى والأمراض المزمنة لا يدخل ضمن تلك الجرائم التى يعاقب عليها القانون. لقد كانت تلك المصانع هدفاً لعشرات الزيارات من جانب وزراء البيئة وقياداتها. وللأسف كانت المسكنات والوعود البراقة دون تنفيذ، وتُرك الأهالى يتجرعون السم الذى تقذف به مواسير الصناعات على مسافات غير قانونية من مآخذ مياه الشرب بوحدات التنقية، وكذلك الروائح الكريهة الناتجة عن تخمر مواد التصنيع، التى تزكم الأنوف، وتخنق الصدور دون رادع حقيقى. النفايات الخطرة يأتى الملف الثالث الذى لا يقل خطورة، وهو ملف المخلفات الخطرة لمستشفيات وعيادات والمراكزالصحية والطبية بالمحافظة. وبلغة الأرقام يوجد ثلاث محارق للنفايات الخطرة واحدة خلف مستشفى اليوم الواحد داخل مدينة قنا والإثنتان عند الكيلو 19على طريق قنا سفاجا على بعد 25 كيلومترا من مدينة قنا، وبالطبع عدد المحارق قليل، ولايكفى وأعطالها كثيرة، وتوجد بالمحافظة 6 سيارات نقل نفايات خطرة أربع منها تعمل واثنتان معطلتان. والسيارات الأربع السليمة من المفروض أن تجمع النفايات الخطرة من 15 مستشفى مركزى وعام وتخصصى تابعة لوزارة الصحة، بالإضافة لنفايات خطرة من 240 وحدة صحية تنتشر فى ربوع المحافظة، وكذلك النفايات الخطرة لعدد 950 عيادة خاصة ومركز طبى خاص مرخصة. هذا بخلاف العيادات غير المرخصة، وكل تلك المفردات الصحية الطبية من المفروض أن تتسلم منها السيارات الأربع نفاياتها الخطيرة ثم تقوم بنقلها للمحارق، علما بقدرة المحرقة الواحدة 100كجم/ ساعة، وتعمل لمدة 6ساعات ربما ترتفع إلى 10 ساعات أى طن واحد للمحرقة يومياً، أى ثلاثة أطنان للثلاث محارق، ومن المؤكد أن ما تفرزه تلك المنشآت الصحية من نفايات طبية أضعاف هذه الكمية فأين يذهب الباقى؟ وإذا كنت المستشفيات والمراكز والوحدات الحكومية ملتزمة بالتعاقد على نقل نفاياتها الخطيرة فإن نصف العيادات الخاصة غير متعاقد، فأين تذهب نفاياتها، وهى فى غاية الخطورة على الصحة؟