ما هذا الذى يدور من حولنا من قتل وتدمير وتشويه واستهانة بكرامة الانسان إلى هذا الحد الكبير .. ومتى كانت مصرنا الغالية مستباحة ومستهدفة إلى هذه الدرجة ونحن نقف عاجزين عن حمايتها والذود عن كيانها وإلى متى سوف نظل ننعى همنا وننظر إلى دماء شهدائنا الطاهرة بالحسرة واللوعة والبكاء والنحيب ..ثم سرعان ما ننسى وتغيب عن خيالنا صورة النزيف الدموى وننغمس فى هموم حياتنا سعياً وراء لقمة العيش التى لم يصبح لها طعم سوى أنها تحافظ على حياتنا التى هى بلا معنى بعد أن كادت كرامتنا وعزة أنفسنا تتلاشى وتندثر وتحولت الصورة من نزيف الدم إلى النزيف النفسى الذى هو الحسرة والكآبة والإحباط والفشل .. ولا حول ولا قوة إلا باللَّه. أين قوة الدولة .. وأين عظمة الأجداد والتاريخ .. وما هذا المرض الاجتماعى والنفسى الذى أصابنا وجعلنا مرتعاً للتآمر والاعتداء والاستغلال والتبعية والانحطاط .. وكل شيء. وأين حقيقة شعار «ارفع رأسك يا أخى .. فأنت مصري» ..فعلاً وليس قولاً .. وكيف ارفع رأسى وبلادى مسرح لعمليات قذرة تأتى من هنا ومن هناك .. طمع وتآمر من الخارج .. وخيانة وعدوان من الداخل .. وكيف انحرف بنا التاريخ إلى هذا المنعطف الخطير .. فأصبحنا ألعوبة فى أيدى القريب والغريب.. بعد أن كنا سادة العالم وأشرف وأطهر شعوب الأرض قاطبة. إلى متى سنظل نلف وندور حول أنفسنا ونجتر آلامنا وأحزاننا ونزيف الدم والنفسى يزداد يوما بعد يوم وإلى متى هذا الهوان والضعف والعالم من حولنا يضغط ويشمت ويتلذذ وهو يرى عذاباتنا ومعاناتنا .. لقد وصل بنا الحال إلى اسوأ مما هو مجرد اكتئاب نفسى .. فنحن الآن فى مرحلة ما بعد الاكتئاب .. حيث التبلد والاستكانة واستعذاب المهانة ونحن فى سبات عميق ننتظر فرج اللَّه ونمد أيدينا هنا وهناك .. وحق علينا قول الشاعر: «من تهن نفسه هانت الحياة عليه ..فما لجرح بميت إيلام». نحتاج جراحة عاجلة باترة قاطعة تعيد لنا كرامتنا وانسانيتنا .. فلا معنى لحقوق انسان يقوم بالقتل والتدمير والترويج. ولا معنى للزج بالمجرمين الارهابيين فى السجون يأكلون ويرتعون ويهنأون بالعيش ويكلفون الدولة مصاريف الإقامة والمعيشة دون حساب عاجل وعدالة سريعة ناجزة وقصاص الذى فيه حياة لأولى الآلباب. إن العدالة الكسيحة العرجاء تزيدنا الاحساس باللوعة والمرارة والحسرة .. فيجب أن يحل محلها عدالة قاطعة بسيف القانون واعلاء واضح بتنفيذ القصاص الذى يثلج صدورنا ويشفى غليلنا. أما حقوق الانسان فلتكن لنا نحن أبناء الوطن الشرفاء فى سرعة الاستقرار والعيش الكريم والسعى لإعمار الأرض واحياء البشر .. وليست لهؤلاء القتلة والخونة وأعداء الحياة. أستاذ الطب النفسي جامعة القاهرة لمزيد من مقالات د.يسرى عبدالمحسن