اثنا عشر يوما فقط تفصلنا عن الموعد النهائى فى 29 أبريل الجارى الذى تم تحديده ب9 أشهر للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية برعاية أمريكية والتى انطلقت فى يوليو الماضى تحت سمع وبصر وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى، حيث تشير كافة الدلائل على الوصول الى طريق مسدود أمام تعنت اليمين الإسرائيلى الحاكم بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وطوال الأشهر الماضية لم يتم حسم أى من الملفات العالقة والمفصلية فى الصراع: القدس والحدود واللاجئين والمستوطنات والمياه، وأهدر الكثير من الجهود الأمريكية وجولات كيرى المكوكية حول مطلب نتنياهو الذى القى به على مائدة التفاوض كشرط اساسى للدخول فى الملفات العالقة وهو يهودية الدولة وحتى هذا الطرح لم يتم حسمه. مساعى الإنقاذ رغم ان الأشهر التسعة مضت دون إحداث تقدم يذكر مازالت الولاياتالمتحدة تراهن على احداث اختراق فى التوصل لحل الدولتين الذى بات اشد صعوبة، ويعقد مارتن إنديك المبعوث الأمريكى لعملية السلام فى الشرق الأوسط مباحثات مكثفة بمدينة القدس يقودها من الجانب الفلسطينى صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين ومن الجانب الإسرائيلى، وزيرة العدل، تسيبى ليفنى ومساعد نتنياهو إسحاق مولخو وسبقها لقاء فلسطينى إسرائيلى فى غياب إندك استمر لست ساعات للبحث عن مخرج من أزمة المفاوضات الراهنة والتى شارفت مدتها على الانتهاء فى ال29 من الشهر الجاري، لكن الفجوة بين مواقف الطرفين ما زالت كبيرة جدا. وقال مسئول فلسطينى ان مارتين إنديك يحاول جاهداً التوصل لاتفاق مبدئى بين الجانبين، يساعد على توفير أجواء أكثر إيجابية لإنجاح الجهود المبذولة فى إنقاذ المفاوضات التى لم يتبق من عمرها سوى 12 يوماً، وأن هناك نوعاً من المؤشرات الإيجابية صدرت من قبل الإدارة الأمريكية التى يمكن استغلالها،موضحاً أن "إنديك" فى جعبته الكثير من الرؤى الجيدة ولكن كل تلك المحاولات تصطدم بالجانب الإسرائيلى المتعنت والرافض لإنجاح المفاوضات. وأضاف المصدر أن الجانب الفلسطينى أكد التزامه باستمرار المفاوضات واللقاءات حتى 29 أبريل" الجارى موعد انتهاء المحادثات، مشيرا إلى أنه فى الوقت نفسه أصر على ضرورة إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى لأنه التزام إسرائيلى وطالبهم بتنفيذ ذلك قبيل نهاية المفاوضات، لكن الجانب الاسرائيلى ما زال يربط إطلاق سراحهم بموافقة الفلسطينيين على تمديد المفاوضات، بينما يؤكد الوفد الفلسطينى بأن هذا سابق لأوانه، حيث لا يمكن الحديث عن تمديد المفاوضات دون إطلاق سراح الأسرى. وكان الاتفاق قبل انطلاق المفاوضات الذى توصل اليه وزير الخارجية الأمريكى ان يتخلى الفلسطينيون عن شرط وقف البناء فى المستوطنات للدخول فى مفاوضات مباشرة لمدة 9 أشهر، مقابل إفراج إسرائيل عن 104 أسرى من قدامى الأسرى الذين القوا فى سجون إسرائيل، قبل عام 1993 على 4 دفعات واشترطت السلطة الفلسطينية انه فى حال انتهاء المدة المقررة دون التوصل الى حلول ستتوجه مباشرة الى الأممالمتحدة للإشتراك فى الهيئات والمعاهدات الدولية بموجب عضوية مراقب التى حصلت عليها فى نوفمبر 2012، وحصل كيرى على توقيع من نتنياهو على هذه الشروط سلمه الى الرئيس محمود عباس، وتم الإفراج عن 74 على ثلاث دفعات، وعندما تعثر المسار التفاوضى أوقفت إسرائيل الإفراج عن الدفعة الرابعة والأخيرة مشترطة موافقة السلطة على 6 أشهر جديدة حتى تفرج عن الثلاثين الباقين فجاء رد السلطة سريعا بطلب الانضمام الى 15 هيئة ومعاهدة، فجاء رد إسرائيل بتجميد عائدات الضرائب. عائدات الضرائب طبقا لاتفاقية اسلوا عام 1993، حفاظا على اقتصاديات السوق الداخلى فى إسرائيل تقوم سلطات المعابر الإسرائيلية بفرض ضرائب على التجار الفلسطينيين بما لا يمنحهم الفرصة ببيع السلع بسعر اقل من مثيلتها فى الداخل الإسرائيلى، ولاحداث هذا التوازن تحصل سلطات الإحتلال مايزيد على 140 مليون دولار بعد خصم رسوم إدارية لإسرائيل، وتعول السلطة الفلسطينية كثيرا على هذه الأموال التى تمثل 45% من حجم الإنفاق الفلسطينى وتخصصها كاملة لرواتب الموظفين البالغ عددهم 159 الفا، بما يهدد بمزيد من الركود الاقتصادى فى المناطق الفلسطينية، ويرفع معدلات السخط والإحباط التى حتما ستقود الى الفوضى. توقع فشل كيرى وقد دعت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية فى افتتاحيتها، الرئيس الأمريكي، ووزير خارجيته إلى عرض مبادئ حل الدولتين للشعبين، كما تراها الإدارة الأمريكية ورأت الصحيفة أن المجهود الذى بذلته الإدارة الأميركية لإنجاز الاتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين لربما كان محكوماً عليه بالفشل سلفاً، مشيرةً إلى أن الطرفين المعنيين يرفضان -كما يبدو- المضى قدماً فى الحوار الخاص بالقضايا الجوهرية العالقة بينهما، والحاجة تقتضى قيادات شجاعة لدى كلا الجانبين وضغطاً شعبياً من أجل التوصل إلى اتفاق سلام لكنها أقرت بضآلة فرص استيفاء هذه الشروط فى الظرف الراهن .. وحسب الصحيفة ينبغى ان تشتمل المبادئ على قيام دولة فلسطينية فى الضفة الغربية وقطاع غزة بناء على حدود عام 67 والاتفاق على تبادل الاراضى وكذلك الاتفاق على ان تكون القدس عاصمة للدولتين، وألمحت الصحيفة الأمريكية إلى أن إسرائيل هى التى تسببت بانهيار الجولة الأخيرة من محادثات السلام عندما امتنعت عن إطلاق سراح مجموعة من الأسرى الفلسطينيين، وبعد ذلك أعلنت عن بناء 700 وحدة استيطانية فى جزء من القدس يعتبره الفلسطينيون عاصمة دولتهم المستقبلية وتضيف نيويورك تايمز أن كيرى وصف ما قامت به إسرائيل بأنه اللحظة المفاجئة التى أدت إلى انهيار كل شيء. ضربة شخصية لكيري من ناحية اخرى، أشارت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية نقلا عن جون كيرى ان التدابير غير المجدية التى يتبناها طرفا النزاع هى التى قد تعصف بالعملية السلمية وهذه ليست جهوداً إلى ما لا نهاية ولم تكن كذلك قط، ونعتزم أن نقيم بدقة ماذا ستكون الخطوات المقبلة، وتطرقت الصحيفة إلى كافة المساعى التى بذلها كيرى خلال الفترة الماضية ورأت الصحيفة أن انهيار المحادثات ستكون ضربة شخصية لكيري، الذى كرس الكثير من الوقت والطاقة لجهود صنع السلام, وانه يريد ان يقدم نفسه للناخب الأمريكى كمرشح رئاسى، بعد انتهاء ولاية اوباما وفى يده تسوية لمشكلة الشرق الأوسط ولكن ربما ادرك كيرى ان ذلك أصبح مستبعدا. اللوبى الإسرائيلى فى أمريكا يبدأ حملته ذكرت مصادر اعلامية امريكية أن منظمة «ايباك»، اللوبى الإسرائيلى قوى الأثر فى الكونجرس الأمريكي، ارسلت موفديها للقاء الأعضاء المؤثرين فى مجلسى النواب والشيوخ، محملين ببيانات حقائق عن أن الفلسطينيين، هم الذين يتحملون فشل جهود الولاياتالمتحدة لإحلال السلام. كما اتهم مكتب روبرت ميناندز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية فى مجلس الشيوخ الأميركي، الرئيس الفلسطينى الذى أعلن اتخاذ قرار بالانضمام إلى مجموعة من وكالات الأممالمتحدة «بالتصرفات الاستفزازية». وذكرت تقارير إسرائيلية أن معظم أجهزة الإعلام الأمريكية، وصفت تصريح الرئيس الفلسطينى "بالمتحدى للولايات المتحدة".