مابين الدور المجتمعى لتوعية أفراد المجتمع ، والدور الفنى القائم على الترفيه والتسلية ؛ جاء فيلم «حلاوة روح» بطولة هيفاء وهبى ، محمد لطفى ، باسم سمرة ،صلاح عبدالله .. تأليف على الجندى، وإخراج سامح عبد العزيز .. محاولا المزج بين الدورين من خلال الزوجة الشابة «روح» التى تعيش مع حماتها بسبب عمل زوجها بالخارج ، ومن شدة جمالها ، وطغيان ملامح الأنوثة على مفاتنها يحاول أحد كبار تجار الحى الشعبى إقامة علاقة معها والوصول لها عن طريق قواد الحارة الذى يسعى بشتى الطرق لجذبها إلى أن يصل فى النهاية لمراده بالعنف ويقبض الثمن من التاجر. على التوازى قدم الفيلم شهوة المراهق من خلال سيد ابن القواد ، ذلك الصبى صاحب المبادئ الرجولية ، والذى يرى فى «روح» نموذج الأنثى ويعيش معها بخيالاته التى يريد تحقيقها كما يظهر فى حواراته مع أصدقائه .. من هذا المزج فى شخصية سيد ما بين بدايات التكوين الرجولى والتعرف على ميوله الجنسية ورغباته وبين طبائعه وسماته الشخصية يتجه سيد للوقوف بجانب «روح» والتصدى لمحاولات تشويه نساء، ورجال الحارة لها، وصد والده من محاولة إستمالتها اليه. فى هذا الإطار الأساسى للفيلم نجد أنفسنا أمام محاولة من المفترض أنها تسمى اقتباسا لفيلم «مالينا» الذى تدور أحداثه حول شخصية لشابة فى السابعة والعشرين من عمرها تعيش وحدها بعد زواجها بشهر، بسبب إستدعاء زوجها للحرب؛ ومن شدة جمالها يسعى جميع رجال القرية لنيل رضاها وإقامة علاقة معها، ونجد مراهقى القرية يتابعونها فى تحركاتها لإشباع غرائزهم بمشاهدة مفاتنها ، ثم تخيل كل واحد منهم معها..لكن واحدا من هؤلاء المراهقين يتحول من مرحلة إشباع شهوة إلى حب من طرف واحد حتى بعد نضوجه وتقدمه فى العمر تبقى مالينا حبه الاول ليس لشكلها، بل لصفاتها الشخصية. لم ينجح صناع فيلم «حلاوة روح» فى إقتباس العمل بشكل مشروع ،فكانت النتيجة تشويه الفيلم الأصلى وتقديمه فى نسخة مصرية اعتمدت على الابتذال سواء على مستوى الصورة أو الحوار.. فالفيلم الأصلى طرح عدة نقاط مهمة منها طبيعة التحول النفسى ، السلوكى للمراهق وكيف يظهر هذا السلوك فى تعامله مع الآخرين، وكيف تتعامل الأسرة مع هذا الوضع لجعل المراهق يخرج من هذه المرحلة دون أدنى مشاكل نفسية تؤثر عليه سلوكيا. ما طرحه الفيلم الأصلى أيضا يعكس طبيعة المجتمع الإيطالى خاصة أهل صقلية التى دارت بها الأحداث، لنكتشف أن طبيعة سكان هذه المدينة هى التى جعلت مالينا عاهرة: فالسيدات في سن اليآس و الرجال يصفونها بهذه الصفة، ليبعث الفيلم برسالة مفادها أن المجتمع يصنع ضحاياه، ولعل هذه الرسالة الأخيرة هى التى حاولت النسخة المصرية تقديمها عن طريق «روح» لكنها فشلت بسبب التشويه، من خلال حوار يعتمد على لغة مبتذلة فى كثير من جمله، وضعف بناء السيناريو ومعالجته لشخصية «روح» المقتبسة من مالينا لتظهر وكأنها مسخ. إلى جانب فشل هيفاء كممثلة لافتقادها لأدوات الممثل ، وأبسطها التقمص ثم الاداء فحفرت رسوبها لانها وضعت نفسها فى مقارنة مع مونيكا بيلوتشى التى أدت دور مالينا باقتدار، ونجاح.. يبقى أنه لايصح وضع تأليف بل معالجة ،لأن الفكرة ليست ملكا لعلى الجندى ولكنه اقتبسها لكتابة فيلمه. على مستوى الإخراج قدم المخرج سامح عبد العزيز نفسه بالطريقة، والأسلوب المميز له، لكنه افتقد رؤيته الخاصة فى تنفيذه لهذا العمل ،بنقله للرؤية الإخراجية للفيلم الأصلى فى غالبية المشاهد .. لكن ما يستحق الإشادة هو مدير التصوير جلال الذكى، خاصة فى تعامله مع الإضاءة التى أظهرت إمكانياته، وقدرته فى تكوين رؤية اتسمت بالقوة والانسيابية . تبقى معالجة على الجندى التى قدمت صناع الفيلم على أنهم أناس أرادوا استغلال رغبة الجمهور المصرى فى الضحك والخروج من حالة الاكتئاب التى سببتها الظروف السياسية، الاقتصادية والاجتماعية فقدم عملا يقوم على الجنس المبتذل، والكوميديا المسفة ليكشف نفسه ككاتب لم يستطع فهم أدوات الكوميديا فى الفيلم الأصلى أو فهم علاقة المراهق بالجنس ليقدم فى النهاية عملا استغل المراهق بشكل أضر به أكثر مما أفاده لتكون فى النهاية رسالة الفيلم هى تشجيع لأى مراهق على محاكاة سيد فى تعامله مع الجنس، لينشئ صناع الفيلم جيلا شابا فيما بعد يتسم بالبلطجة والإنحراف. وبدلا من توجيهه سلوكيا ونفسيا بطريقة صحيحة، يتم التعامل بهذه الطريقة المبتذلة وكأنه يسعى لتدمير مصر إجتماعيا عن طريق شبابها ومراهقيها. فبعد «عبدة موتة»، «قلب الأسد»، «الألمانى» يأتى «حلاوة روح» ليكمل مسيرة تدمير المراهقين والشباب بمساعدة الرقابة على المصنفات الفنية بإيجازها لهذا الفيلم، والإستخفاف بالجمهور المصرى بوضع تنويه للكبار فقط .. ليجبرنا على سؤاله كيف يكون فيلما تحت هذا التصنيف وهو أساسا مستغلا للمراهق؟ لتكون الكوميديا فى النهاية ليست نابعة من الفيلم لكن ناتجة من رئيس الرقابة وصناع الفيلم فى الاستخفاف بالمصريين؟!.