أستأذن القارئ في نقل بعض جمل الحوار التي جاءت علي لسان شخصية الصبي المراهق "سيد" في فيلم "حلاوة روح": "لو قربت للست روح تاني حشقك" "أنا كل يوم بانزل من عندها الفجر" وسيد صبي علي مشارف الذكورة. متلصص. يتسلل بالنظرة بالبحلقة سرا إلي غرفة نوم "روح" يحقق اشباعه الحسي بالتمسح في قطعة حمراء من ملابسها الداخلية. يتخيل انه أمضي الليل بطوله وحتي آذان الفجر إلي جوارها انه مستعد أن يشق بطن من يقترب منها لأنها تخصه وحده. انها مصدر الهامه جنسيا ومحرك خياله كذكر.. يتباهي بعلاقته بها أمام أقرانه! "النظرة".. "البحلقة" سرا في جسد "روح" بديل الفعل الجنسي بالنسبة للصبي المراهق الذي لا يكف خياله عن العبث "بموضوع" ومركز اهتمامه روح "هيفاء وهبي". اللقطات القريبة المتكررة لعيون سيد أثناء اختلاس النظر إلي حيث ترقد روح تكشف عن طريقة المخرج في تقديم هذه الشخصية.. "عيون" سيد تتجه نحو ما يستثيره وما يحرك حواسه ويستفز غريزته الأولية. وروح تجسد بالنسبة له ملكية خاصة وانها الشيء المنشط للخيال. المحرك للشهوة. المشبع للرغبة.. ومسألة تشييء المرأة أي جعلها "شيء" للنظرة وللإثارة كانت وسوف تبقي فكرة أساسية في قصص السينما وطرق تقديمها تتنوع من دوافع تجارية سوقية رخيصة إلي معالجة جيدة واعية وشركة السبكي تعتبر ضمن أهم روافد التيار التجاري المروج لصور المرأة "السلعة". المرأة "الغريزة" إلخ .. المرأة "روح". في التحليل النفسي لشخصية "سيد" في الفيلم المثير للجدل. الداعر في جوهره ومحتواه . سنجد ان هذا المخلوق الحسي الذي ينحصر تفكيره في الجنس وينشغل بصورة أساسية بحماية المرأة التي تحقق له الاشباع ويخاف عليها من "ذكور" الحارة ومنهم والده وصديق والده وزبائن القهوة بتكوينهم الضخم وعقولهم الصغيرة وتفكيرهم المحدود في كيفية امتلاك جسد "روح"!! الشهوة الحسية واحدة من الموبقات التي تسيطر علي البيئة وشهوة الامتلاك خطيئة أخري أضف الجهل وغياب القيم الاسمي التي لا وجود لها في الحي الذي يسكنه "سيد". سيد شخصية تحتل مقدمة المشهد المهموم كلية بجسد روح و"روح" واعية بالدور والوظيفة والمفاتيح الخاصة بفتح أبواب هذه البيئة المثقلة بالموبقات والآثام تلوح بما تملكه وتكشف عن كنوزها مع لافتة خبيثة "ممنوع اللمس" والجميع يسعي إلي لمسها . إلي اغتصابها. "سيد" افراز من مجتمع الجاهلية. جاهلية المحروم من التعليم. بيئة غارقة في القذارة. قذارة الملافظ. المسلك. المفاهيم. النظرة. الهدف. القذارة في كل ركن من أركان الفيلم.. "سيد" "كومة" صغيرة من أكوام النفايات الممرضة للمجتمع وحوله أكياس بشرية صغيرة. تتسابق بالنظرة إلي جسد ومفاتن روح. "روح" موضوع وغاية في مجتمع محكوم بنصفه الأسفل. رأسه فقط للتخطيط في كيفية حصار "روح" واغتصابها. وعملية "تسليع" المرأة وجعلها سلعة "واللي ما يقدرش يشتري يتفرج"! والعاجز عن الشراء أمامه الحل الشائع التحرش أو الاغتصاب. "سيد" الذي لعب دوره ممثل صغير " لا يحضرني اسمه" عايش الدور ويفهم المطلوب منه وعلي ما أظن يعرف ومتآلف مع محتواه ودلالاته وأتصور انه قدمه وعايشه باقتناع وقد اقنع صناع الفيلم وأولهم المخرج المتمرس في التعامل مع البيئة المكونة لأجواء "قصة روح" ومقتنع بالسلعة التي يعرضها ويعي تأثيرها ولا يعبأ بنتائجها علي المدي القريب والبعيد. سيد "موديل" في فاترينة السينما وتطور في محتوي التكوين النفسي والسلوكي والقيمي لصورة المراهق المصري ونتاج طبيعي لبيئة "واطية" متحررة بالكامل من مبادئ الدين والأخلاق والمسئولية المجتمعية. أمثال "روح" دعوة للهياج ولإثارة "سيد" وتنشيط "البحلقة" والمضاجعة "بالنظرة" بالقفز فوق الطبيعي إلي الشاذ المنحرف ومن المسار الانساني المتحضر إلي المسار البربري ومن المنضبط بحكم مبادئ الأخلاق والدين إلي المنفلت بدوافع الرغبة وغريزة العنف واثارة الغرائز. "سيد" شخصية جديدة في صفحة حديثة لسينما تستثمر غياب الجمال وغياب مقومات الحياة السوية.