ندوة تثقيفية بآداب الوادي الجديد عن الذكاء الاصطناعي والمهن المستقبلية    توريد 127 ألفا و458 طن قمح لشون وصوامع البحيرة    10 غيابات تضرب الترجي قبل مواجهة الأهلي    الرابع في تاريخ النادي.. بالمر يحصل على جائزتين لأفضل لاعب في الموسم بتشيلسي    ضبط عنصر إجرامي بحوزته مخدر الحشيش وأقراص مخدرة ب 1.7 مليون جنيه    بدء تنفيذ أعمال مبادرة "شجرها" بسكن مصر في العبور الجديدة    رئيس جامعة القاهرة ينعى الدكتور إبراهيم درويش أستاذ العلوم السياسية    طلاب الصف الأول الإعدادي بالجيزة: امتحان اللغة العربية سهل (فيديو)    تراجع البصل والملوخية بسوق العبور اليوم الأربعاء    محافظ كفر الشيخ: إزالة 28 وحة إعلانية مخالفة    الأسهم الأوروبية ترتفع لأعلى مستوياتها في أكثر من شهر مدعومة بقطاع الأغذية    بنك مصر يحصد 5 جوائز من مجلة ذا يوربيان البريطانية لعام 2024    مجلس النواب يستكمل مناقشات الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة 2022 /2023    لجنة المتابعة للقوى الوطنية والإسلامية: نرفض الوصاية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن 18 غارة على بلدات جنوب لبنان    روسيا تستأنف هجماتها على محطات وشبكات الطاقة بأوكرانيا    اليوم، الحركة المدنية تناقش مخاوف تدشين اتحاد القبائل العربية    مجلس النواب يوافق على تشكيل المجلس القومي للطفولة والأمومة    "المدرج نضف".. ميدو يكشف كواليس عودة الجماهير ويوجه رسالة نارية    النواب يستكمل مناقشه تقرير لجنة الخطة والموازنة    "أخوه ضربني".. مسجل خطر يقتل ميكانيكي في المنوفية    حبس ربة منزل عام لاتهامها بقتل نجلة شقيق زوجها في مشاجرة بينهما بالقليوبية    خلاف على الجيرة.. إصابة 3 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    ضبط قضايا اتجار في العملة ب12 مليون جنيه    فيلم السرب يكتسح دور العرض المصرية بإيرادات ضخمة في 7 أيام (بالأرقام)    ياسمين عبد العزيز: «بنتي سندريلا وبترجع البيت الساعة 12»    مهرجان المسرح العالمي يحمل اسم الفنان أشرف عبد الغفور في دورته الثالثة    عبير فؤاد تحذر مواليد 5 أبراج.. ماذا سيحدث لهم في شهر مايو؟    في ذكرى وفاة فارس السينما المصرية.. الأدوار البارزة في حياة أحمد مظهر    فرقة قصر ثقافة طنطا تفتح بوابة سحرية ل"تمارة" بطنطا    علي جمعة: الرضا والتسليم يدخل القلب على 3 مراحل    «أسترازينيكا» تسحب لقاحها ضد كورونا.. ما علاقة رئيسة المفوضية الأوروبية واتهامها بالفساد؟    الصحة: فحص 13 مليون مواطن ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة    "لابد من وقفة".. متحدث الزمالك يكشف مفاجأة كارثية بشأن إيقاف القيد    زعيم كوريا الشمالية يرسل رسالة تهنئة إلى بوتين    مرصد الأزهر :السوشيال ميديا سلاح الدواعش والتنظيمات المتطرفة    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة وادى ماجد غرب مطروح اليوم    «القاهرة الإخبارية»: إصابة شخصين في غارة إسرائيلية غرب رفح الفلسطينية    سيد معوض: الأهلي حقق مكاسب كثيرة من مباراة الاتحاد.. والعشري فاجئ كولر    "لم يسبق التعامل بها".. بيان من نادي الكرخ بشأن عقوبة صالح جمعة    تقرير: مشرعون أمريكيون يعدون مشروع قانون لمعاقبة مسئولي المحكمة الجنائية الدولية    "تجميد اتفاقية السلام مع إسرائيل".. بين العدوان المباشر والتهديد الغير مباشر    مواد البناء: أكثر من 20 ألف جنيه تراجعًا بأسعار الحديد و200 جنيه للأسمنت    «قلت لها متفقناش على كده».. حسن الرداد يكشف الارتباط بين مشهد وفاة «أم محارب» ووالدته (فيديو)    اليوم العالمي للمتاحف، قطاع الفنون التشكيلة يعلن فتح أبواب متاحفه بالمجان    البورصة المصرية تستهل بارتفاع رأس المال السوقي 20 مليار جنيه    «الإفتاء» توضح الأعمال المستحبة في «ذي القعدة».. وفضل الأشهر الأحرم (فيديو)    بايدن: لا مكان لمعاداة السامية في الجامعات الأمريكية    إخماد حريق في شقة وسط الإسكندرية دون إصابات| صور    نتائج التحقيقات الأولية فى مقتل رجل أعمال كندى بالإسكندرية، وقرارات عاجلة من النيابة    «النقل»: تصنيع وتوريد 55 قطارا للخط الأول للمترو بالتعاون مع شركة فرنسية    تتخلص من ابنها في نهر مليء بالتماسيح.. اعرف التفاصيل    "المحظورات في الحج".. دليل لحجاج بيت الله الحرام في موسم الحج 2024    الصحة: تقديم الخدمات الطبية لأكثر من 900 ألف مواطن بمستشفيات الأمراض الصدرية    حكم حج للحامل والمرضع.. الإفتاء تجيب    "كفارة اليمين الغموس".. بين الكبيرة والتوبة الصادقة    «إنت مبقتش حاجة كبيرة».. رسالة نارية من مجدي طلبة ل محمد عبد المنعم    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيلم الحب في زمن الكوليرا : غياب للواقعية السحرية
نشر في نقطة ضوء يوم 30 - 08 - 2009

فيلم الحب في زمن الكوليرا ، يتجرأ علي رواية غابرييل غارسيا ماركيز الصادرة عام 1985 والحائز علي جائزة نوبل للاداب (1982)، وترجمة عالمها السحري، او واقعيتها السحرية الي صورة بصرية، ولكن مخرج الفيلم الجديد الذي بدأت عروضه في لندن يقدم لنا عرضا من الازياء والصور المتغيرة لابطال الرواية في مكياج كثيف.
مثلت، دائما روايات ماركيز تحدياً للمخرجين، فروايته قصة موت معلن لم تحظ بمعالجة جيدة من المخرج فرانشيسكو روزي. فيلم الحب في زمن الكوليرا يظل عملا مخلصا للرواية وخطها العام الا انه من الناحية العاطفية والروحية ممل وشاحب، فمايك نويل قدم عملا فنيا يقع في منتصف الطريق بين الفن والترفيه، ولكن الفيلم الملحمة عن الحب والعذرية وقدرة الحب علي التواصل مع الاجيال، الحب الذي يبدو كالمرض يدخل الروح والجسد مثل الكوليرا، خال من الحرارة. ولأن الرواية تحاول القول ان المعاناة من اجل الحب هي نوع من النبالة فان الفيلم لم ينجح في الكشف عن دوافع الحب وقوته لدي بطلها. فقوة الرواية كانت، ولا زالت، في خيالها الجامح ولغتها البارعة وصورها التي تنقل التشوش والحنين والعناد، واعادة خلقها للحياة حول نهر استوائي وتجلياتها الاسطورية ومواجهتها مع الحداثة، وعليه فماركيز يقدم اطارا يكون فيه الحب قادرا علي شفاء الروح، فالحب في رواية ماركيز ليس سرابا او خداعا للنفس بل هو حقيقة قادرة علي شفاءالروح، انه معاناة وانتظار وشهوة، انه شعور لانهائي عابر للزمن قادر علي تجاوز الشيخوخة وتجاعيدها. يقول البطل لحظة لقائه مع معبودته انه انتظر هذه اللحظة، لحظة اللقاء خمسين عاما مؤكدا انه لم يفقد عذريته لأي امرأة فقد ادخرها لهذه اللحظة مع انه يخبرنا انه نام وضاجع 622 امرأة، لم تكن هذه اللقاءات العابرة بقادرة علي شفاء روح العاشق من حبه الأول. نري ان علاقات فلورينتينو اريثا العابرة ما هي الا محاولة للخروج من الم البعاد، فقد قال له مديره في دائرة البريد ان بيت البغايا هو السبيل لنسيانها، ولكنه قام بتدوير التجربة العابرة لتطل علي زمن حبه الطويل. فلورينتيو يخوض تجارب مع نساء عابرات، ارامل في معظمهن ومنهن امرأة تقتل بسببه غيرة زوجها، وحالة اغتصاب يتعرض لها في سفينة كان مسافرا علي متنها ليعمل بعيدا عن معبودته فيرمينا اديثا، واخري تنتحر بسبب تركه لها عندما وجد ان الفرصة حانت لتوحده مع المرأة التي انتظرها طويلا. ومهما يكن فان قدرة الكاتب علي استحضار الحب وصراعه مع الزمن المتغير تمثل لحظة هامة في العمل الا ان هذه اللحظة، لحظة اللقاء الاخير التي تصل فيها الرواية نهايتها المقنعة، تتحول في الفيلم الي مشهد عن اجساد بلاستيكية ونظرات غطاها المكياج مع ان الراوي يجعل من هذا اللقاء الاخير رمزا او مجازا متجاوزا للتجعدات واثر السنين علي العاشق والمحبوبة. ويحاول ان يتجاوز الزمان والحاضر ليستعيد طراوة الحب وشبابه.
رواية ماركيز هي عن فلورينتينو اريثا، دون خوان كولومبي مع ان عدد النساء اللاتي نام معهن اقل من الالف الذي حققه نظيره الاوروبي، شخصية بلهاء ان لم تكن الشخصية الاكثر بلها في تاريخ الرواية لأنه يؤمن باستمرار الحب، وتجاوزه الزمان وقدرته علي احياء نفسه، ويلعب دوره خافيير بارديم الذي وان حاول تجسيد عاشقنا الابله العنيد الا ان صورته ترتبط بذهن المشاهد بدوره في فيلم الاخوين كوين لا بلد للمسنين الذي حاز فيه علي جائزة اوسكار لاحسن ممثل مساعد، من القاتل بالجملة الي العاشق النبيل، الشاعر المتمركز حول نفسه.
لكن فلورينتينو يبدو بدون روح بعيدا عن روح الرواية، وان كان اداء بارديم ومحاولته نقل انفعالات بطله كان بارعا الا انه لم يكن قادرا علي انقاذ الفيلم. فالنص الشاعري والسحري الذي يرفع عشق فلورينتينو الي مقام الملحمة يبدو غائبا هنا. مع ان رون هاروود الذي كتب نص عازف البيانو ينقل حرفيا او يعيد صياغة كلام ماركيز في معظم النص، لكن فلورينتينو يبدو نسخة كربونية شاحبة عن الاصل.
ويعتقد ان مشكلة الفيلم تنبع من اشكالية ان مخرجه مايكل نويل وكاتب نصه هاروود لا علاقة لهما بالسياق الذي ولدت من رحمه هذه الرواية الساحرة فمع ان معظم ممثليه من الاسبان ومشاهده صورت في قرطاجنة الكولومبية الا ان مايكل نويل البريطاني الذي اخرج فيلم اربع زيجات وجنازة يقدم لنا عملا جميلا ذا طابع تاريخي، اما كاتب النص هاروود فهو من جنوب افريقيا وله علاقة بالمسرح ولهذا فان شخصيات الفيلم تبدو وكانها متجذرة في عالم لندن الذي يصوره لنا تشارلس ديكنز، اشكالية اخري وهي ان الفيلم استخدم الانكليزية ولان معظم ممثليه هم اسبان كان الاولي ان يستخدم لغة الرواية الاصلية.
ماركيز في الحب في زمن الكوليرا لا يرسم عالم محب معزول ولكنه يقدم رواية عن التحولات في بلده كولومبيا مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في مكان لا يسميه قرب نهرماغدالينا، الذي يمثل فيه فلورينتينو عالم الخرافة في القرن التاسع عشر، وجوفينال اوربينو (بنجامين برات)، الطبيب الوسيم الذي تدرب في اوروبا ويمثل العلم، والتكنولوجيا، والعقلانية القادر علي انقاذ فلورينتينو من عالمه الخرافي والذي يقوم بالزواج من معشوقة فلورينتينو، فيرمينا اديثا (جيوفانا ميزوجيورنو). ومن هنا اذا كان الحب داء مثل الكوليرا فاروبيينو هو الطبيب المؤهل لمعالجتها. ولكن جوفينال يبدو في الفيلم شخصا فارغا يريد ان يظهر بمظهر الشخص المهم في المجتمع العالي في كولومبيا.
ويظهر بمظهر الرجل المثالي، وهو لم يكن مبرأ من الاخطاء فقد كانت له علاقة مع فتاة سوداء تكتشفها اديثا فيما بعد. بالنسبة للممثلة الايطالية التي لعبت دور فيرمينا، فهي جميلة جذابة ولكنها لا تقدم الا صوتا خافتا عن فيرمينا التي نقرأها في الرواية والتي تمثل محور الرواية ومركزها الذي يدور حوله فلورينتينو واوربينو. ومع مرور الزمن يشيخ فلورنتينو ويعجز بصره، وفي حالة فيرمينا فإن كبرها لا يبدو مثل عجز فلورينتينو الذي يقول انه احتفظ بنفسه بريئة طاهرة لها.
يتابع الفيلم رحلة فلورينتينو في شبابه (يلعب دوره اناخ اوغالد) الذي يقوم بملاحقة فيرمينا ثم ينال قلبها، الا ان والدها لورينزو اديثا التاجر (جون ليجوزامو) الذي كان يبحث عن زوج من طبقة اجتماعية مرموقة يمنعه من ملاحقتها. ولم يمنع هذا الشاب من ملاحقتها ومراسلتها حيث تضبط فرمينا وهي تكتب رسائل له علي مقعد الدراسة في مدرسة دينية، ويكون الحل هو ترك المدينة الي مكان بعيد يقطع صلتها به، ولكنها تنجح بالاستمرار معه عبر الرسائل حيث كونت الفتاة مفهوما ان حبيبها هو في النهاية خطيبها. كل هذا الحب كان عبر الرسائل ولم تقترب منه ابدا، وفي يوم كانت قريبة معه في سوق وتكتشف ان حبها ما هو الا نوع من الوهم وتشعر بالدهشة كيف احبت وهما او طيفا دون ان تعرف من هو وتقرر تركه، اما والدها التاجر فانه يشجع زواجها من جوفينال، الذي تتزوجه في عمر الحادية والعشرين وتتحول لسيدة اجتماعية محترمة. وترحل معه الي اوروبا التي تزورها وتعود محملة بكل الذكريات والتحف لكي تعرضها علي ابناء الطبقة الراقية، وتسهم هي وزوجها في النشاطات الاجتماعية، ويتم قبولها في المجتمع الراقي بعد تردد من والدة اوربينو، تنجب اطفالا وتنسي حبها الأول، اما الحبيب فانه يصر علي عدم النسيان منتظرا وفاة زوجها. اوربينو كان زوجا محبا لزوجته ولم يكن مبرأ من الاخطاء ومن التنكيد والمشاكل الجانبية وتكتشف فيرمينا بعد وفاته انه كان علي علاقة مع صديقتها.
فلورينتينو في المقابل كان يعتقد ان فيرمينا هي زوجته ليقنع نفسه انه ليس مرتبطا بالنساء اللاتي يلاقيهن في الشوارع وفي مكتبه وفي السفن ويمارس معهن الحب علي وقع قنابل الحرب الاهلية ومحاطا برائحة الموت الذي ينفث روائحه من الجثث المصابة بالكوليرا، وهو لا يشعر بعذاب ضمير علي مقتل او انتحار واحدة من صديقاته العابرات. لقاء فلورينتينو مع فيرمينا يتم بعد استعادة المراسلات عن الحب والشيخوخة وتعترف فيرمينا بهذا الحب علي الرغم من معارضة ابنتها (لا يخبرنا الفيلم كم عدد ابناء وبنات فيرمينا) التي تقول ان الحب في هذه السن (قذارة). مثلما كان نهر ماغدالينا شاهدا علي تغير الزمن، الحروب الاهلية، الكوليرا، الحداثة والتكنولوجيا فالنهر يصبح المكان الاخير وملجأ العاشقين حيث تسير السفينة وعلي متنها فيرمينا وفلورينتينو، عاشقان في زمن الكوليرا، ويرفع ربان السفينة العلم الاصفر محذرا من الاقتراب من هذه السفينة الموبوءة، النهر هو الزمن الابدي وهو المكان المناسب لهذا الحب اللانهائي.
يسجل الفيلم لحظة وفاة جوفينال الذي صعد الي الشجرة ليلاعب ببغاءه المفضل ليسقط ميتا، وبعد مراسيم الوفاة نجد فلورينتينو منتظرا فيرمينا وقبل ذلك نراه في بداية الفيلم مع فتاة شابة يخبرنا فيما بعد انها قريبة بعيدة تدرس في المدينة وكل برعايتها ولكنها تصبح خليلته علي الرغم من فارق العمر بينهما، بعد ان يقول لها ان عليه ان يلاحق امرا مهما وان سائقه سيوصلها للكلية.
ذلك ان وفاة جوفينال في قرطاجنة، تفتح الباب امام فلورينتينو لكي يعاود علاقته مع فيرمينا بعد انتظار خمسين عاما، ويذهب اليها ويعترف لها بحبه مرة اخري ولكنها ترده غاضبة وتقول له انه كان سبب شقائها. بعدها يدور الزمان دورته، وتعود بنا الي الشباب وزمن الحب الاول، الي عام 1879 وينتهي برحلة فلورينتينو وفيرمينا في سفينته تمخر في ماء نهر ماغدالينا عندما طلب من كابتن السفينة رفع الراية الصفراء التي ترفعها السفن للاخبار عن وباء الكوليرا. زمن النهاية تقريبا بداية الثلاثينات من القرن الماضي، حيث تغيرت حياة فلورينتينو من عامل في البرق والبريد وكاتب رسائل للعاشقين لفترة قصيرة الي ثري ومالك سفينة ورثها عن عمه دون ليو (هيكتور اليزوندو).
الفيلم يؤكد بشكل ميلودرامي علي فكرة الحب الذي لا حد له، ففلورينتينو يجسد العاطفة والحب الذي طهرته التجربة والمعاناة، لكنه في بعد اخر يبدو شخصية مثيرة للضحك يعاني من مرض الحب، والذي يبدو مرض الكوليرا معادلا له. كما اسلفنا فان عناصر الرواية الفلسفية تبدو غائبة ومعها صوت الراوي القوي في الرواية وعالمه السحري الذي لا يمكن ان يستبدل بصوت ممثل. ففي عالم الرواية يمكنك ان تشم رائحة العفن الانساني، الموت والمرض/الكوليرا، ومعها ايضا رائحة الورود والزهور المختلطة برائحة العرق وشمس الاستواء. حتي الشهوة الحسية التي يخلقها ماركيز في الرواية تحولت في الفيلم الي مشاهد عارية معزولة. بعيدة عن روح الرواية التي تتحدث عن المسؤولية الاجتماعية وغيابها عن بطلي الرواية الطبيب والعاشق وان كلا من فلورينتينو وجوفينال انانيان ويعيشان في برجيهما العاجين غير واعين للواقع الاجتماعي.
وتظل سحرية رائعة ماركيز في سحر راويها الذي يمارس حضوره الخاص والذي يقفز عبر الازمنة والامكنة يتذكر الماضي ليستعيد المستقبل، واصفا شخصيات واحداث في ضوء احداث الماضي والحاضر. ومن خلال هذا الحضور تبدو فيرمينا اديثا في مركز الرواية، بل ان حضورها يصنع الرواية بطرفيها فلورينتينو وجوفينال، فهي كما قال ماركيز، الرواية ذاتها. ومن خلالها نشاهد ذلك التوتر بين الحاضر الحديث والرومانسي القديم.
تم شراء حقوق الرواية من المؤلف بمبلغ 3 ملايين دولار وتم اختيار مايك نويل لأخراجها وقد بدء بتصوير الفيلم عام 2006.
عنوان الفيلم:
الحب في زمن الكوليرا
من اخراج مايك نويل
نص من كتابة: رونالد هاروود
قائم علي رواية غابرييل غارسيا ماركيز
(120دقيقة)
خافيير بارديم (فلورينتينو اريزو)، جيوفانا ميزوجورجينو (فيرمينا دازا)، بنجامين برات (جوفينال اوربينو).
----
عن القدس العربي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.