لم اصدق- فى البداية- ما سمعت عن مسلك التليفزيون الحكومى ازاء موضوع بث مرافعات الدفاع فيما سمى (قضية القرن) او محاكمة الرئيس حسنى مبارك ونجليه ووزير الداخلية اللواء حبيب العادلى وستة من مساعديه (لفرط الانحياز).. اذ تابعت تطورات الملف التى امتنع فيها تليفزيون الدولة عن بث المرافعات على الهواء، ملتزما بفكرة تسجيل المحاكمات واذاعة فقرات بعينها تختارها قيادات الاعلام الحكومى على نحو انتقائى، الامر الذى دفع القاضى الجليل المستشار محمود كامل الرشيدى رئيس المحكمة الى اعطاء قناة (صدى البلد) بناء على طلبها الحق الحصرى فى بث المرافعات على الهواء، وهو ما يتابعه ملايين المصريين (حتى صدور الحكم) مذهولين لما تعرفوا اليه من وقائع تكشف حقيقة ما جرى اثناء عملية يناير 2011.. بالعربى نحن امام درس فى المهنية والموضوعية والاخلاقية والوطنية لقنته قناة (صدى البلد) لمن شاء ان يتعلم، كما اننا امام خيانة مخجلة لتلك الامانة، ضبطنا فيها تليفزيون الدولة- متلبسا عن عمد وقصد وتدبر- بانحيازه الى تفضيلات غير مفهومة دفعته الى اختصار 15 ساعة من المرافعات فى الايام الاولى فى 190 دقيقة، وتذرعه بازدحام خريطته بتغطية احداث اخرى.. تليفزيون الدولة كان يستطيع تخصيص احدى قنواته الكثيرة لبث المرافعات بدلا من "الهرتلة" التى يذيعها علينا صبح مساء، ولكن الغرض والهوى والميل والتفضيل كان واضحا ويوحى بان ضغطا من داخل مبنى ماسبيرو، ومن عناصر الاخوان و6 ابريل المنتشرين فيه على نحو مدهش تحكم فى القرار الادارى الذى افضى الى تلك الفضيحة.. وفى الحقيقة اننى لا اهتم بمعرفة المسئول الادارى الذى تسبب فى محاولة التليفزيون الحكومى الاكتفاء باذاعة فقرات يختارها على مزاجه حاجبا الحقيقة عن الشعب، موجها الراى العام الى غير ما تفرضه مقتضيات العدالة، وممارسا هيمنة مقرفة على العقل المصرى الجمعى، وانما احصر المسئولية السياسية والاخلاقية فى وزيرة الاعلام درية شرف الدين التى تعددت سقطاتها على نحو لم يعد يبرر استمرارها قابضة على حقيبة الإعلام.. اعلام الدولة الذى امضى سنوات ثلاث فى كيل الاتهامات ضد المدعى عليهم ويرفض- الآن- السماح للمواطنين بمعرفة الحقيقة، ولكن الله قيد قناة (صدى البلد) لتحافظ على ما تبقى من شرف الإعلام المصرى. لمزيد من مقالات د. عمرو عبد السميع