لايزال الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل يواصل قراءته فى كف الوطن، باحثا عن قارب نجاة ليعبر الوطن بظروفه الراهنة على جسر إلى المستقبل. وفى لقائه مع الإعلامية لميس الحديدى أمس يؤكد الأستاذ هيكل أن مصر تمر بظروف استثنائية لم تمر بها من قبل، حيث تواجه تحديات ومخاطر ليس فقط من الشرق تجاه فلسطينالمحتلة، ولكن هناك مخاطر من الغرب وما يحدث فى ليبيا، ومخاطر من الجنوب حيث السودان، ومخاطر فى الداخل حيث ما يحدث فى النوبة وأسوان والجامعات المصرية، مع استمرار إرهاب الإخوان الذى يريد هدم الدولة. وعن ضرورة وجود برنامج انتخابى لأى مرشح رئاسى، يقول هيكل: سواء كان حمدين أو السيسى، فإن البرنامج الأهم والذى يجب أن يتم تنفيذه هو علاج الأزمة الراهنة فى مصر، وهى توفير الأمن وحل مشكلة الطاقة، ويمكن الحكم على المرشح خاصة فى ظروف الأزمة، وما إذا كان قادرا على مواجهة الأزمة أم لا؟، وأعتقد أن المشير السيسى أو حمدين لا يحتاج أى منهما برنامجا، لأن هناك مشكلات عاجلة تحتاج إلى المواجهة، ولابد أن يكون الأمن القومى فى المقدمة، لأن مصر منذ تحتمس وحتى جمال عبدالناصر، لم تتعرض لما تتعرض له الآن، جنوبا وشرقا وغربا وداخليا. ويضيف هيكل: نحن نحتاج علاجا لمشكلة المياه وسد النهضة، بعد إهمال إفريقيا لمدة 04 عاما، ونحتاج علاجا لمشكلة الزراعة والاعتداء على الرقعة الزراعية، وارتفاع الأسعار، كما نحتاج إلى علاج مشكلة الطاقة، وتشغيل الطاقات المعطلة لدينا، وبالتالى نحن نحتاج« مشروع وطن» يلتقى عليه إجماع الأمة، وليتنافس عليه المتنافسون أيهم أقدر على تحقيقه. وحول قدرة المرشح عبدالفتاح السيسى على مواجهة الأزمة داخل مصر، يؤكد هيكل أن السيسى خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة له فى الوزارة لم يكن يفكر بالسياسة، ولكنه كان يفكر فى حماية مصر، فإذا أراد أن يأتى ببرنامج فسيأتى به من الناس، وعليه السيسى أن يقدم رؤية سريعة لما يتصور مقدرته على الالتزام به. ويرى هيكل أن المشير السيسى لن يكون له حزب سياسى يتبعه، ولكنه يحتاج إلى ظهير سياسى يسانده، وهو الجبهة الوطنية التى ترى فيه المنقذ فى وقت الأزمة، وأعتقد أنه السيسى سيعمل على العاجل فى برنامجه حيث مطلب الأزمة، وأعتقد أنه قادر لأن الجماهير وراءه. ويضيف هيكل: وعلى الرئيس القادم أيا كان أن يهتم بالعاجل أولا، وهذا لا يعنى أن الضرورى ليس مهما، والعاجل كما قلت هو مطالب الناس فى الأمن والطاقة وتشغيل طاقات الشباب. وعن اختيار الرئيس القادم لطاقم مساعديه، وتغليب أهل الثقة على أهل الخبرة، يقول هيكل: إن السيسى ليس لديه حزب هو مدين له بشىء، هو قادم من القوات المسلحة للرئاسة المقبلة، وهذا سيحكم اختياره لطاقم مساعديه، وسواء كان الرئيس هو حمدين أو السيسى، فسوف يأتى بمساعدين ممن يعرفهم فى مختلف الأمور، وتعرف إليهم فى مرحلة التجربة، وأعتقد أن المشاركين فى كتابة برنامج التنمية سيكونون موجودين فى أية حكومة يؤلفها حمدين صباحى لو فاز، كما أعتقد أن بعض العسكريين سيكونون موجودين فى طاقم السيسى لو فاز، وهذا أمر منطقى، ويفعله رؤساء الدول الكبرى، سواء أوباما، أو ساركوزى أو غيرهما.. فحمدين سوف يستعين بشباب من التيار الشعبى، والسيسى سوف يستعين بشباب من تمرد، ولابد من التقدير والدراسة خلال ذلك. الحياة بين القضاء والفضاء وحول إصلاح النظام المؤسساتى فى الدولة بعد انتخابات الرئاسة، يؤكد هيكل أن مصر مصابة بانزلاق غضروفى، وليس هناك مؤسسة فى مكانها، ولابد أن تعود كل مؤسسة لدورها الطبيعى، إذ لا يعقل أن يعيش الناس نهارا قضائيا وليلا فضائيا، فنهارا نعيش المحاكمات والأحكام والقضايا، وليلا نعيش مع الفضائيات وبرامجها، فهل يعقل أن يحل الإعلام محل الوزارة والبرلمان والرأى العام؟، ولذلك يجب أن تعود كل مؤسسة لمكانها الطبيعى، وهذا من مسئولية الرئيس القادم، لأنه لا يمكن أن تظل البلد تعرج ولا تقوى على السير. وحول إمكانية الرئيس القادم على مواجهة التحديات والظروف الصعبة التى تمر بها مصر، يقول هيكل: أنا أعذر حمدين صباحى على أى كلام يمكن أن يقوله، ولكن السيسى لديه قوة ناشئة من تجربة معينة شاهده الناس فيها وهو قادر علي اقتحام مشكلة بعينها، ولديه تحد كبير عن كيفية إعطاء الأمل بواسطة إبداء الحقائق وليس عن طريق التمني والدعاء، فعبد الناصر بعد نكسة 1967 واجه الناس بالحقيقة ولذلك تمسك به الناس برغم مرارة ما حدث، وأعتقد أن الناس تثق في السيسي وتصدقه، وهو لا يعدها بالمستحيل، وإذا شعر الناس بأن هناك أملا، فإنهم يواجهون الحقائق، وأن الأهداف تحل محل الأحلام، ومن يطالب الناس بالصبر عليه أن يشرح لهم لماذا يصبرون، وما نتيجة صبرهم.. ولذلك يجب علي الرئيس القادم أن يوضح للناس الحقائق حول مشكلة المياه وسد النهضة والخطر القادم من الجنوب ومن الغرب ليبيا. وعن المدة المطلوبة لإمكانية الحكم علي الرئيس القادم يري هيكل أن مائة يوم كافية للحكم علي الرئيس بعد دخوله إلي قصر الرئاسة، وذلك من خلال طاقم مساعديه وخطابه للناس، وقدرته علي مواجهة التحديات بإبراز الحقائق وليس بالوعود والأحلام. وحول دور الجيش في العمل السياسي خلال الفترة القادمة لا يري الأستاذ هيكل عيبا في الاستعانة بمن لديهم الخبرة والقدرة علي العطاء في أماكن غير الجيش كما فعل عبد الناصر، بعيدا عن الجهاز الحكومي الذي أصابه التكلس. وعن مشكلة مصر مع أثيوبيا يؤكد هيكل أننا كنا نصدق خبراء المياه الذين أكدوا أن أثيوبيا لن تستطيع فعل شىء لأن تدفق المياه سوف يمنعها من إقامة سدود، ولكن التكنولوجيا الحديثة أثبتت كذب ذلك، ومما زاد الطين بلة أن مبارك بسبب محاولة اغتياله في أثيوبيا أدار ظهره لإفريقيا، بل إني علمت من زيناوي رئيس أثيوبيا شخصيا أنه جرت ثلاث محاولات لاغتيال زيناوي ردا علي محاولة اغتيال مبارك في أثيوبيا، ثم كانت الكارثة التي فعلها الرئيس المعزول مرسي عندما أذاع علي الهواء اجتماعه حول سد النهضة، مما جعل أثيوبيا تطبع مائة نسخة من الاجتماع المذاع وزعته علي رؤساء دول وبرلمانات حول العالم. وحول ما يحدث في أسوان بين الهلايلة والنوبيين يقول هيكل إن هناك قلقلا في النوبة منذ بناء سد أسوان ثم السد العالي، وكانت هناك مشروعات لاحتواء النوبة وثمة تناقضات، وهناك من يلعب علي هذه التناقضات، ويكفي أن أقول إن سفارة هولندا بالقاهرة أخرجت قاموسا باللغة النوبية.. أضف إلي ذلك يقول هيكل أن السياحة بالبحر الأحمر كانت تغطي على التناقضات بالنوبة وأسوان، ولكن البلد توقفت منذ 3 سنوات، ومن لديه مدخرات صرفها وتراجعت السياحة مما جعل المشاكل تطفو علي السطح، وأعتقد أنه يجب علي الرئيس القادم أن يعالج المشاكل العاجلة مثلما حدث في أسوان والنوبة.