في جراب عمرو حمزاوي نسخ كثيرة منه.. عمرو الليبرالي، وعمرو الأكاديمي، والمحلل الفضائي، و«الأمريكانلي»، وعضو البرلمان. وهناك، أخيراً، من وجد له نسخة «متأخونة»! لقد أصبح لغزاً، بحيث يصعب أن تتصور عمرو من غير رفيقتين..«حظاظة» في يده، وشائعة تهب عليه فى كل خطوة. والحاصل أن حياته نفسها أصبحت شائعة مستمرة. هذه النسخ، ومخلفاتها الجامحة المنجرفة، هي التي جعلته متهماً، في نظر كثيرين، مرة بالتمويل الأجنبي ومرات بأنه يشتغل حارساً لأحلامه. وهو، من جانبه، يستنكف أن يكون ضحية. ذكاؤه يجعله يقعد وينتظر، بدلاً من أن يعيش دور ثوري مخذول، لأنه كان من ثمار الثورة، ولم تكن الثورة، 25 يناير، من كدّ حنجرته أو عرق جبينه. عمرو خلق لنفسه أزمة، وهو نفسه أصبح أزمة، بوقوفه ضد «خريطة الطريق». أحلام الجماعة تنتصر في النهاية، وتبقى مواقف الأفراد منها رهناً في ذمة التاريخ. وهنا، في الجامعة الأمريكية بالتجمع الخامس، تعرفت على نسخة أخرى من عمرو.. السياسى، المنذور للعدسات. لقد ذهبت إليه متحفزاً، لكنّ كياسته أعفت هذا الحوار من التحفز وحولته إلى لقاء ودود في منتصف الطريق. هل أنت لغز.. أم أنك تحب أن تصنع حضورك عبر كومة من المواقف الملتبسة؟ ( بضحكة تلقائية) لا والله أبداً، لست لغزاً ولا أحب أن أكون. لا أحب أن أقف فى مساحة غير معلومة للرأى العام، لأن هدفى هو إقناع الناس بالدفاع عن مبادىء أرى أن مصلحة الوطن فى التمسك بها. أية مبادىء؟ الدفاع عن المصلحة الوطنية، حماية تماسك الدولة والمجتمع، والحماية لا تتم إلا بالعدل، بالديمقراطية، بالحريات وضمانات حقوق الإنسان، بالتنمية، والاستقلال الوطنى. ولو أننى فقدت القدرة على التواصل مع الناس، فسأصبح، كما تقول، لغزاً بالفعل. سيختفى تعريف الدور فى مساحته العامة. من المؤلم ألا يفهم الناس حقيقة مواقفى، وأنا غير سعيد بهذا، إذا كان هذا هو الحال. ما الثمن الذى دفعته، نتيجة خصامك للوجدان العام؟ أنا أجتهد، يومياً، لتقريب وجهة نظرى للناس. ومن الخطأ، لمن يريد أن يعمل بالسياسة، أن يستعلى على اختيارات الناس أو على وجدانهم. كل ما أطلبه هو أن يُسمح لى بالاختلاف.هذا حقى يا أخى. أعرف، مسبقاً، الثمن الذى يتعين على من يغرد خارج السرب أن يدفعه. أعرف أننى أصبحت فى الهامش وأنا مقتنع به. لكن لا ينبغى أن يكون ثمن مواقفى هو التشويه والتشكيك والتخوين ! لا تؤاخذنى يا دكتور.. ما الذى يضمن، وأنت محل شك، أن موقفك من « خريطة الطريق» لم يكن بأجر؟ أنا سعيد بهذا السؤال. ودعنى أسترسل قليلاً.. فى الحياة العامة إما أن تعمل لنفسك فقط، منتهزاً كل فرصة وكل أزمة، أو أن تعمل لمصلحة الناس. بالنسبة لى..إذا لم يكن المبدأ هو الذى يحركنى، لماذا عارضت إذن « خريطة الطريق». أنا كنت عضواً فى جبهة الإنقاذ، وأحد الداعين، فى 30 يونيو، إلى انتخابات رئاسية مبكرة، لو أننى أمشى وراء طموحى، كان المنطق يحتم علىّ أن أكون جزءاً من التيار العام، لا أن أجدف ضده. أنا رفضت تدخل الجيش فى الحياة السياسية، لأنه تعطيل للمسار الديمقراطى. وكنت على يقين من أن هذا الموقف سيكلفنى ثمناً باهظا، يكفى أننى محروم من رؤية أولادىفى ألمانيا، بسبب منعى من السفر. وأظن أن التداعيات التى حصلت معىتخرجنى من دائرة من يبحثون عن مصالحهم الشخصية . ذكرتنى.. قيل إن هناك خلافات مستحكمة بينك وبين مطلقتك الألمانية، لدرجة أنك لا تدفع نفقة لأولادك منها؟ هذا كلام فارغ لا يستحق التعليق عليه. أتحدث مع طليقتى 3 مرات فى اليوم، أنا أب صالح وعلاقتى أنا و« بسمة» بها وبأولادى رائعة. أريد منك الرجوع إلى الوراء قليلاً.. إلى «أمانة السياسات». أنا سألت الدكتور حسن نافعة عن عضويتك بها، لكنه نفى هذا الأمر، مع ذلك هناك آخرون أكدوا لى أنك كنت ضالعاً بها؟ علاقتى بلجنة «مصر والعالم»، داخل «أمانة السياسات» هى علاقة الخبير الأكاديمى. كان الدكتور مصطفى الفقى، رئيس اللجنة، يسألنىالرأىفى أشياء محددة. لكنى لم أنتسب لأمانة السياسات ولم أعين بها، كل الحكاية أننى شاركت في عدد محدود من الاجتماعات، لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، في 2003 ، ولم أتقاض عن مشاركتى أي أجر، ثم اعتذرت للدكتور الفقي عن عدم الاستمرار، لرغبتى في التركيز على العمل الأكاديمي. وقد كتبت ذلك، حين أخذ البعض يروج لاتهامات وشائعات كهذه منذ 2011. ما أكثر شائعة آلمتك؟ العضوية المزعومة هذه. رغم نفيها أكثر من مرة ، من شهود ثقاة، والشائعات الخاصة بزوجتى الألمانية، لدرجة أنهم لفقوا لى صورة مع إحدى المذيعات، على أنها زوجتى، والشائعات المرتبطة بعلاقتى ببسمة، قبل الزواج، بعد تعرضنا لحادث إجرامى، والله يعلم كم عانت، وعانيت معها، بعد تداول هذه الشائعات، بلا ضمير. وما الذى أخذه منك، أو أضافه لك، الزواج بفنانة؟ لم يأخذ منى شيئاً على الإطلاق، بالعكس وهبنى إنسانة هى الأروع فى العالم. أنا محظوظ لأنها أحبتنى. هىالتىتعزينى عن أى ألم. ثم إننى أقدس عمل» بسمة». بم تشعر عندما تجد نفسك متهماً من اليمين واليسار معاُ؟ أشعر بالتعب، أن تكون هدفاً لكل السهام، من كل الاتجاهات مسألة مرهقة جداً، سأكذب عليك لو قلت غير ذلك. أعرف كيف هو الضغط. أذكر كم كانت أمى، رحمها الله، تتألم حين ترى وتسمع عنى كل هذه الأكاذيب. لكن، على الجانب الآخر، أشعر بالرضا عندما يهاجمنى الجميع، لأن ذلك معناه أننى أمشى فى الاتجاه الصحيح. فى ظنك ما الخطأ القاتل للإخوان؟ ظنهم أنهم قادرون على حكم مصر، فقط باستبدال نخبة مبارك بنخبتهم، ومن ثم إدارة تحالفات، لا علاقة لها بالديمقراطية، مع شبكات المصالح فى الدولة. أرادوا حكم مصر عبر صندوق الانتخابات، لكن بصورة غير ديمقراطية. ثانياً: عصفوا بكل ما وعدوا به عن المشاركة لا المغالبة وعدم ترشيح رئيس منهم..إلخ، ثالثاً وهذا هو الأخطر، لأنه لا يصح أن تلعب في السياسية بازدواجية القرار. بين الرسمى وغير الرسمى. لديك رئيس منتخب، لكن لا تعرف من بالضبط يتخذ القرار، هو أم مكتب الإرشاد. فضلاً عن استعلائهم على الناس..هم شعروا أن الخدمات الاجتماعية التى قدموها للغلابة كفيلة باستمرارهم فى الحكم. أمام كل هذه الأخطاء الجسيمة، ألم يكن من الطبيعي أن يحدث ما حدث في 3 يوليو ؟ هل كان هناك بديل آخر؟ عندما وقعتُ استمارة « تمرد»، كل ما كان فىذهنى هو انتخابات رئاسية مبكرة. هذا هو الإجراء الديمقراطى الوحيد. هناك رئيس أتى بصندوق الانتخابات ولا بد أن نصرفه بنفس الطريقة مما رشح من اجتماعاته، أثناء الأزمة بوزير الدفاع السابق، رفض مرسى هذا الحل؟ ما حدث هو، ببساطة، تعطيل للمسار الديمقراطى ؟ أنت مصرّ؟ طبعاً أنت تلصق المسألة بالجيش، رغم أن خريطة الطريق عنوان على مستقبل يتطلع إليه بلد، والجيش تدخل ليضمن عبوره إلى هذا المستقبل؟ أنا أحترم الجيش، وهو لا يتحمل المسئولية وحده،هناك القوى المدنية، لأنها وافقت على ما تم، ولن أتنازل أبداً عن موقفى، حتى لو اضطرنى ذلك لاعتزال السياسة. ما يعنى أنك ستعطى صوتك لأى مرشح آخر، غير السيسى؟ لم أقل ذلك. لكنى مقتنع بأن مصر بحاجة إلى رئيس مدنى. وحمدين صباحى لمَ قابلته؟ قابلته كرئيس حزب، وهو بحث معنا كيفية الاشتباك الإيجابي مع الانتخابات الرئاسية لكن قيل إنك وسيط بينه وبين الإخوان؟ حمدين نفى ذلك وأنا نفيته، لكن يبدو أن الفراغ يفعل فعله فى الساحة. هل تنوى ترشيح نفسك فى الانتخابات البرلمانيةالمقبلة ؟ قد أترشح،وفقاً لظروف وشروط إدارتها، الأمر مازال مبكراً هل يتلبسك شعور بأنك ضحية؟ بالمرة، أنا مش ضحية، ولن أتدحرج لهذا المطب. أنا لا أنسى أبداً أننى ممن يعيشون فى وضع مميز فىهذل الوطن، وهذا المجتمع.ميراثى، والحمد لله، 13 فداناً فى الصعيد ولى راتب من الجامعة. صحيح كان هناك دخل يأتينى من ال cbcقدره 90 ألف جنيه شهرياً عن السنة الأولى من التعاقد و60 ألفاً فى الشهر عن السنة الثانية، صحيح أن هذا الدخل انقطع بعد فسخ العقد معهم فى 2013، لكنى أعيش حياة كريمة. ولا تنس أن هناك من ينتظر رأيى، مهما كانوا قلة. الشاهد أنه ليست لدى أسباب لأشعر بأننى ضحية، لكنى أشعر بالظلم . ما سبب فسخ العقد بينك وبين الcbc؟ توافقناعلى عدم تجديده لاختلافي الجذري مع السياسة التحريرية للقناة بعد 3 يوليو 2013. قل لىمن الذى تعامل مع اختلافك بنبل؟ كثيرون.. منهم سمير مرقص، وزياد بهاء الدين، محمد المخزنجى، عمرو الشوبكى، حازم الببلاوى، حمدين صباحى ، منير فخرى عبدالنور، داود عبدالسيد، محمد العدل، هؤلاء تفهموا موقفى، رغم اختلافهم معى . بالرجوع إلى قائمة الاتهامات التى وجهت لك..قيل إن إسرائيل تقف وراء معهد « كارنيجى»، الذى عملت به؟ أنا أكاديمى، تخرجت فى جامعة القاهرة، وأعددت الماجستير فى هولندا، والدكتوراه فى جامعة برلين التى عملت بها لمدة 5 سنوات. عدت بعدها إلى القاهرة فى 2002لمدة سنتين، ذهبت بعدها إلى أمريكا للعمل فى مؤسسة بحثية مستقلة ترجمتها حرفياً « وقفية كارنيجى لأبحاث السلام « وقفية بمعنى أن تمويلها لا علاقة له بالكونجرس أو وزارة الخارجية ولا من اللوبىاليهودى. وبالمناسبة سبقنى للعمل بهذا المعهد من أساتذة العلوم السياسية الدكتور مصطفى كامل السيد وغيره. عملت هناك لمدة 4 سنوات كباحث أول ثم مديراً لبرامج أبحاث الشرق الأوسط، لكن لم دخل لا بمخابرات ولا بحكومات ولا إسرائيل ولا أىشىء من هذا القبيل. وكل ما قمت به هناك منشور وموثق، سواء دراسات أو أبحاث، كلها منشورة، بما فيها تقرير كتبته وكان عنوانه» الشرق الأوسط الكبير»، الذى قيل إننى دعوت فيه لتفتيت مصر. هذه نكتة، لأن ذلك لم يحدث ولا يمكن أن يحدث. بالعكس وجهت فيه نقدا قاسياً لسياسات بوش. إذا كانت صفحة عمرو حمزاوى بيضاء من غير سوء هكذا. ماالشىء الذى تدين نفسك فيه وتعتبر أنه أسهم فى أن تكون محل اتهام؟ ليست هناك صفحة بيضاء من غير سوء، ليست هناك قداسة، لكنى أدين نفسى فى الطريقة التى تعاملت بها مع زوجتى الأولى، حولتها، بانشغالى عنها، إلى ربة منزل. كنت أعمل فى اليوم 18 ساعة فدفعتها إلى طلب الانفصال، لكنى تعلمت الدرس مع بسمة. علماً بأن « ميشائيلا» أم رائعة، أنا مطمئن على رعايتها لأولادى. أظن أنها بقيت على ديانتها أثناء زواجكما؟ نعم.. والأولاد.. علىأى دين؟ الإسلام، ووالدتهم تحترم هذا.. ما الفارق بين الزواج بمصرية وأخرى أجنبية؟ لا فرق، الست ست، من يختلف هو أنت..الفارق هو نضج الرجل. فيم تختلف أمك عن ميشائيلا وبسمة؟ أمىفى مكان آخر.. هى محطة العشق الأولى. ما الذى افتقدته برحيلها؟ اتصال السابعة صباحاً. ما زلت أطلبها لكنها لا ترد. وما وجه الشبه بينهن؟ الاستقلال.. قل لى: لم أنت مصرّ على لبس «حظاظة» ؟ لأنها هدية من ابنى لؤى، ولن أخلعها أبدا.ً بكم تقيم نفسك؟ أنا قاس فى تقييم نفسى، ولذلك لن أعطيها أكثر من 4 من 10.وإن كنت أتمنى أن يقيمني الآخرون على نحو أفضل.