في الوقت الذي تؤكد فيه كل الاطراف المصرية احترامها معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية, بداية من المجلس الاعلي للقوات المسلحه الذي اعلن في اول بيان بعد سقوط الرئيس المخلوع احترامه لكل المعاهدات الدولية التي وقعتها مصر, في اشارة واضحه الي كامب ديفيد, وكذلك الخطاب المصري للمرشحين المحتملين للرئاسة والناشطين السياسيين, والاحزاب وعلي رأسها حزب الحرية والعدالة الذي حقق الاغلبية البرلمانية في الانتخابات الاخيرة, وحتي حزب النور السلفي المتشدد اعلن احترامه لمعاهدة السلام المصرية الاسرائيلية. ولكن علي الجانب الاسرائيلي منذ انتصار الثورة المصرية, أخذ موضوع شبه جزيرة سيناء يحتل حيزا كبيرا من تصريحات وتحليلات الساسة والصحفيين الإسرائيليين, حيث يتخوف هؤلاء من الانفلات الأمني الحاصل في سيناء بعد الثورة, وأثر ذلك علي المدن والمستوطنات الاسرائيلية. واشارت دراسة إسرائيلية, إلي أن سيناء تتحول بوتيرة سريعة إلي مركز لعدم الاستقرار, ونقطة انطلاق محتملة لما يسمي بالإرهاب, ومصدر للتوتر بين مصر وإسرائيل, وأن التطورات في سيناء يمكن أن تنهي حالة السلام الثنائي الهش بين مصر وإسرائيل, خصوصا ان سيناء تعتبر جزيرة غير مأهولة تقريبا ولا يمكن لسكانها أن يشكلوا خطرا حقيقيا علي إسرائيل. بينما أكد بعض المسئولين المصريين أن إسرائيل هي من تحاول إثارة الفتن والمشاكل داخل سيناء, وتسعي من حين لآخر لزعزعة استقرار شبه جزيرة سيناء بمزاعم ليس لها أساس من الصحة, وإن قوات الأمن تحكم سيطرتها علي حدود مصر الشرقية تماما وتبسط سيطرتها علي كل الأراضي المصرية في سيناء. والسؤال الكبير هل تصريحات المسئولين الإسرائيليين مقدمة تمهيدية لعمل عسكري ستشنه إسرائيل علي شبه جزيرة سيناء, وذلك بحجة أنها باتت تشكل خطرا علي أمن إسرائيل ؟ في الحقيقة تحظي فكرة إعادة احتلال سيناء بتأييد غالبية الإسرائيليين, فقد كشف استطلاع للرأي أجراه مركز موشيه ديان للدراسات السياسية والإستراتيجية أن62% من الإسرائيليين عبروا عن رغبتهم في إعادة احتلال شبه جزيرة سيناء المصرية, بينما رفض24% هذه الفكرة, فيما رفض14% التصويت. وأوضح الاستطلاع أن المؤيدون لفكرة إعادة احتلال سيناء يستندون إلي أن تلك الخطوة ستضمن الأمن للمدن الصهيونية الجنوبية, موضحين أن السبب الرئيسي في هجمات إيلات الأخيرة والتي قتل فيها أكثر من12 شخصا ترجع إلي عدم قدرة السلطات المصرية علي السيطرة علي الأوضاع بسيناء. وأشار تقرير صدر عن معهد واشنطن إلي أن الأداء القوي للإسلاميين في الانتخابات البرلمانية المصرية يعد سببا لقلق إسرائيل, لأن أي حكومة إسلامية في مصر قد تغض الطرف عن الجماعات الإرهابية في غزةوسيناء أو حتي ستقوم بتحريضها. وتزامن ذلك مع تصريحات كان أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو و قال فيها إن مصر علي ما يبدو تواجه صعوبة في السيطرة علي سيناء, وكان نيتانياهو أشار إلي أن ما يحدث في سيناء هو أن ما تسمي بمنظمات الإرهاب العالمي يثيرون ضجيجا يتزايد هناك بسبب العلاقة ما بين سيناء وبين قطاع غزة وذكر أن حركة حماس تزداد قوة في الأراضي المصرية, قائلا إن الحركة قامت بنقل معظم نشاطاتها إلي مصر من دمشق بسبب حالة الغليان التي تشهدها سوريا. ولا يفوتنا القاء الضوء علي دعوة وجهها حزب إسرائيل بيتنا اليميني المتطرف, لإعادة احتلال شبه جزيرة سيناء, زاعما أنها جزء لا يتجزأ من الأراضي الإسرائيلية التي أوصت التوراة شعب إسرائيل باستيطانها. ووزع الحزب بيانا بعنوان إعادة احتلال سيناء, اشتمل علي كلمة ألقاها يسرائيل آريئيل حاخام مستوطنة يميت الإسرائيلية, طالب فيها بإعادة احتلال سيناء فورا, وزرعها بالمستوطنين اليهود, تنفيذا لأوامر التوراة, محذرا من تداعيات ثورة25 يناير علي الأوضاع السياسية والإستراتيجية لإسرائيل خلال السنوات العشر المقبلة, وقال إن السلام مع مصر ليس كنزا استراتيجيا, ولكنه شوكة في حلق إسرائيل, وها هي مصر بعد الثورة تقود اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس لتدمير إسرائيل, وتفتح معبر رفح أمام الفلسطينيين, وما زالت الأنفاق تنقل السلاح إلي حركة حماس في قطاع غزة, حسب زعمه. وبعيدا عن هذه الدعاوي الرسمية والشعبية في اسرائيل نري ان اكبر انتصار حققته اسرائيل علي الارض في صراعها في المنطقة هو تحييد الموقف المصري, وان اسرائيل لو كانت تثق بقدرتها علي اعادة احتلال شبه جزيرة سيناء لما ترددت للحظة واحده, فلم تصمت اخلاقا منها او احتراما للمعاهدات والمواثيق, ولكن لانها تعلم فقط ان سيناء خلفها جيش منظم ومدرب وقادر علي توفير الحماية لإرضه, وحسبما ذكرت الصحافة العبرية حتي وان كان الجيش الإسرائيلي يملك تفوقا نوعي, فانه امام تفوق كمي لا قبل له به, وان الشارع العربي الوحيد الذي رفض هزيمة67 ولم يقبل بالتعايش معها هو الشارع المصري.