بورسعيد تستعيد ذاكرتها وتسترد مكانتها التي تليق بها بترويض البحر بحكم احتضانها لأهم ممر مائي في العالم لتصبح حلقة الاتصال الرئيسية بين الشرق والغرب مع تنفيذ أكبر مشروع عربي لتأهيل البورسعيدية وإعادتهم للبحر بعد طول غياب بتدريبهم ورفع قدراتهم التنافسية لخدمة20 ألف سفينة عابرة بمدينتهم وقهر شبح البطالة بتوفير250 ألف فرصة عمل بميناء شرق بورسعيد والسير قدما بتنفيذ أحدث نفق مائي يربط ضفتي المدينة كبديل لنظام المعديات لتكتمل بذلك منظومة الربط البري للطريق الدولي العابر بين آسيا وإفريقيا من خلال بورسعيد. وقد فرضت هذه العوامل نفسها عقب اللقاء الذي تم بين اللواء أحمد عبدالله محافظ بورسعيد, والدكتور إسماعيل عبدالغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري التي تعمل تحت مظلة الجامعة العربية بحضور القيادات الشعبية والتنفيذية وممثلي الغرف التجارية, حيث تناولت المناقشات أوضاع المجتمع البورسعيدي التي تتسم بالعديد من المفارقات وفي مقدمتها النقص في الكوادر البشرية الماهرة القادرة علي تقديم الخدمات البحرية للسفن, ولا حتي الكوادر التي تحتاج إليها سوق العمل الداخلية بما تتلاءم مع النقلة النوعية التي سيحققها ميناء شرق بورسعيد الجديد. وكان الحل الذي طرحه الدكتور إسماعيل عبدالغفار هو تنفيذ أضخم مشروع تأهيل تعليمي وتدريبي لأبناء بورسعيد من خلال خدمات الأكاديمية العربية عبر فروعها في مدينة بورسعيد. وبرغم بدء تنفيذ المشروع في مدينة بور فؤاد, فإن أعمال الانفلات الأمني التي أعقبت الثورة قد أدت إلي توقف العمل بالمشروع وتراجع الأكاديمية عن تنفيذه, ومع زوال هذه الظروف رأي رئيس الأكاديمية الاستجابة لأهالي بورسعيد ومحافظها للعودة مرة أخري ولكن بمفهوم مختلف بحيث لا يقتصر علي النقل البحري وإنما الوفاء بكل احتياجات التنمية والبناء بالمدينة علي مستوي كل الأعمار والمجالات والتخصصات. ويلفت د. إسماعيل الانتباه إلي أهمية هذا التحول خاصة مع قرب انتهاء العمل بمحافظة بورسعيد كمنطقة حرة, وهو الأمر الذي يمكن أن يقلل من الأنشطة التجارية بالمدينة والحاجة للبحث عن بدائل لاستثمار العمالة بها في كل القطاعات. ويضيف أنه يحرص علي تفعيل دور الأكاديمية في تلبية متطلبات التنمية وخدمة المجتمع المصري من خلال استثمار الموارد البشرية في منطقة بورسعيد والمحافظات المجاورة بتحويل الطاقات البشرية إلي عمالة مدربة ومؤهلة للعمل في السوق المحلية والخارجية مما يؤدي إلي تقديم خدمات تعليمية متميزة والتدريب علي الأعمال البحرية, والإسهام في مجال خدمة المجتمع برفع كفاءة الخريجين في مجالات اللغة الإنجليزية والحاسب الآلي وبرامج الإدارة. وأعلن د. إسماعيل عن قرب العمل بالفرع المؤقت للأكاديمية من خلال مشروعها في مدينة بورسعيد اعتبارا من فبراير المقبل تمهيدا للعمل في الفرع الدائم بمجرد تسلم الأرض الخاصة بالمشروع في منطقة ميناء شرق بورسعيد والتي وافق المحافظ علي منحها للأكاديمية. ويري رئيس الأكاديمية أن بورسعيد سيكون لها مستقبل واعد مع تطبيق حزمة البرامج التنموية والتدريبية التي تقدمها الأكاديمية وفي مقدمتها برنامج النقل واللوجستيات, حيث إن الأنشطة اللوجستية توفر20% من تكلفة المنتجات المختلفة, وهي مسألة مهمة في منطقة تعبرها40% من تجارة العالم, كما ستستفيد بورسعيد من برنامج وحدة خدمة الصناعة لتطوير أسلوب الأداء بالمصانع لزيادة جودة منتجاتها, ورفع قدرتها علي المنافسة الخارجية وأيضا الاستفادة ببرامج الإدارة والتكنولوجيا لتأهيل الشباب للعمل في مجالات المصارف والشركات وفي مجال التسويق وخدمات معهد تدريب المواني, وتنفيذ مشروعات البحوث والاستشارات. وكشف محافظ بورسعيد عن تقديره لاستجابة الأكاديمية لمطالب أهل بورسعيد لإنهاء ميناء شرق بورسعيد الذي سيدفع ببورسعيد إلي المرتبة الأولي في مجال تداول الحاويات علي مستوي البحر المتوسط, والثانية علي مستوي الشرق الأوسط. وحول مشكلات العبور بين ضفتي بورسعيد عبر معديات بور فؤاد وتدهور حالة الطريق البري الواصل إلي مشروع الأكاديمية في بور فؤاد, قال المحافظ إن سبب تدهور حالته هو الحركة الكثيفة للشاحنات علي الطريق, وهي حركة تؤدي إلي تكدس السيارات في انتظار حركة المرور بين الضفتين, ولذلك قام اللواء أحمد عبدالله محافظ بورسعيد بتكليف كلية الهندسة بجامعة بورسعيد بإعداد الدراسات العلمية لأعمال تقوية ورصف طريق بور فؤاد الحالي, وفي الوقت نفسه عمل دراسات لإنشاء طريق آخر بين معدية الرسوة إلي معدية شرق التفريعة دون المرور أصلا علي بور فؤاد لتفادي حركة مرور الشاحنات. ويضيف المحافظ أنه قد ناقش مع الفريق فاضل رئيس هيئة قناة السويس إقامة مرسي للمعدية في الرسوة, ومرسي آخر في شرق التفريعة لتفادي الأزمات.